الغرب... والكلب!

نشر في 14-09-2014
آخر تحديث 14-09-2014 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة لطالما تشككت ورفضت تلك الصورة النمطية المنتشرة عن علاقة الإنسان الغربي بالكلب! ومضمونها الذي يريد أن يفرض علينا أنها عنوان لإنسانية البريطاني والألماني والأميركي والإسباني... إلخ، ورأيت فيها عكس ذلك أنها عنوان لرغبة الإنسان الغربي في الهيمنة وفرض علاقة السيد بمخلوق أدنى منه مقدرة، يفرض عليه قوانينه وسيطرته ورغباته التي تفرض على "الكلب المسكين" الذي ينتزع من بيئته وحريته ليعيش في بيئة مختلفة بقوانين سيده المالك، علما أن تلك الحيوانات تباع وتشترى لديهم.

الغربي يرى منتهى الرحمة في أن يضع الطوق في رقبة الكلب ليجره قسراً في الاتجاه الذي يريده، مع أنه قادر على أن يضع الكلاب في محميات تتمتع فيها بحريتها بدلاً من منازلهم الضيقة التي تفرض على ذلك الحيوان المسكين كل حركة، ووقتاً لقضاء حاجته الطبيعية، وإن خالفه يتم عقابه!

تصرفات الإنسان الغربي مع الكلب التي لا يوجد لها مثيل في أي موقع آخر في العالم- فلا الياباني ولا الهندي ولا الصيني لديه انتشار مثل هذه الممارسات مع الكلاب- يعكس، حقيقة، خللاً نفسياً لدى الإنسان الغربي يتمثل في حب الاستحواذ والسيطرة بخلاف ما ترى الأغلبية أنها عنوان "رحمة وإنسانية".

فمعظم المدن الغربية تعاني مشكلات فضلات الكلاب في الطرق والمتنزهات التي تكلف مبالغ طائلة لتنظيفها، بالإضافة إلى أن المبالغ التي تصرف على تغذية الكلاب والعناية بها كافية لسد حاجات كل المشردين والمحتاجين في تلك المدن، وهي الأموال التي تبدد لأنه لا قيمة اقتصادية أو مجتمعية لتربية الكلب سوى تفريغ شحنات المرض النفسي للإنسان الغربي وتمثيل دور الرحمة، كما يفعل رؤساء الولايات المتحدة بوضع كلب في البيت الأبيض ليكتمل المشهد الإنساني للرئيس!

**********

 ومن منطلق مفهوم "الغرب... والكلب"، أحاول أن أفهم سبب قوة وسرعة تحرك الرئيس الأميركي باراك أوباما وزميله رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لمحاربة ما يسمى "داعش" وإصدار قرارات دولية بهذا الشأن، فرغم بشاعة جرم قطع رأس مواطنين أميركيين فإن أوباما وكاميرون يريان ذلك الجرم أخطر من جرم قتل السوريين في الغوطة الشرقية بالمواد الكيماوية! وهي الفاجعة الإنسانية التي استغلها أوباما وكاميرون لإتمام صفقة سياسية لتدمير الكيماوي السوري لضمان أمن وتفوق تل أبيب، بينما أرواح آلاف السوريين القتلى في تلك المجزرة تلعن في قبورهم المجتمع الدولي وقادته الذين لم يقتصوا لهم من مرتكبي تلك الجريمة الشنيعة، كما أن الغرب يرى أن جرائم "داعش" أخطر من البراميل المتفجرة التي أبادت وسوت قرى في سورية وكذلك الصاروخ الذكي الأميركي – الإسرائيلي الذي ينطلق من الطائرة ليسوي بناية كاملة بسكانها بالأرض في غزة! ولكي أفهم أسباب ما يفعله أوباما وكاميرون في المنطقة منذ 4 سنوات فعلي أن أستوعب بشكل كامل مضمون علاقة الغرب بالكلب!

back to top