في خضم تقلبات أسعار النفط التي عرفت بهوامش التحسن والإخفاق، كان السؤال الذي تردد في قطاع الطاقة لأشهر عديدة، هو: متى يتحقق التعافي وتستقر الأسعار؟

Ad

وكما هو شأن كل قضية تنطوي على جدلية من نوع معيّن تمثل السؤال الآخر أيضاً في احتمال وجود "مؤامرة" تهدف الى خفض أسعار النفط – مع اختلاف الدوافع والغايات.

ووفق خبراء، فإن بلوغ برميل النفط 70 دولارا – الذي هبط بشدة منذ الصيف الماضي – قد لا يتحقق قبل سنوات عديدة.

وهنا يبرز السؤال: من الطرف المستفيد من هبوط الأسعار، ومن الخاسر وماذا عن مصير منظمة أوبك في تلك الحال؟

للرد على هذه الأسئلة، يمكن القول بكثير من اليقين إنه باستثناء الدول المصدرة للنفط – وهي قلة – فقد استفادت معظم الدول والصناعات من هذا الانخفاض الحاد. وتجلت هذه السمة بصورة واضحة في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين، إضافة الى شريحة المستهلكين في شتى أنحاء العالم.

وتضم شريحة الخاسرين الدول المنتجة للنفط التي تأثرت بشدة بهبوط أسعاره وقد يفضي ذلك – في البعض منها – الى قلاقل اقتصادية وربما سياسية، وينسحب ذلك على فنزويلا وإيران ونيجيريا والإكوادور والبرازيل وروسيا. ومن النتائج المثيرة للقلق أن تضطر دول الخليج الى خفض استثماراتها حول العالم، وإلى تقليص مساعداتها الى مصر التي تعول كثيرا على تلك المعونات لمواجهة تيار التطرف وتباطؤ الاقتصاد في عهدها الجديد.

وفي الولايات المتحدة ستواجه مناطق معينة مثل ألاسكا وداكوتا الشمالية وتكساس وأوكلاهوما ولويزيانا، تحديات اقتصادية، كما أن شركات النفط الأصغر والمثقلة بالديون قد تتعرض للإفلاس وتفاقم الضغوط على البنوك التي أقرضتها في الفترة الماضية عندما كانت أسواق الطاقة واعدة.

ويلحظ المتتبع لمؤشرات صناعة النفط أن العامل الرئيسي وراء الهبوط الحاد في أسعار الذهب الأسود يتمثل في استمرار منظمة أوبك في تمسكها بمعدلات الإنتاج الحالية وعدم تدخلها من أجل استقرار أسعار النفط، على الرغم من وجود فائض في الإمداد وتوافر مؤشرات على حدوث تباطؤ اقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فضلا عن الأسواق الناشئة.

وهناك قاعدة العرض والطلب. فقد وصل الإنتاج المحلي من النفط في الولايات المتحدة الى ما يقارب الضعف خلال السنوات الست الماضية، كما أن العديد من الدول المنتجة، ومنها السعودية ونيجيريا والجزائر التي كانت تصدر النفط الى الولايات المتحدة، غدت تبحث الآن عن أسواق آسيوية، وبأسعار تنافسية.

ويزداد المعروض من النفط في الوقت الراهن مدفوعا بارتفاع الإنتاج من العراق وكندا وروسيا – ويواكب ذلك حالة من الضعف في اقتصاد أوروبا والدول المتقدمة وتسهم التقنية الجديدة في صناعة السيارات في جعلها أكثر توفيراً للوقود، ما يدفع الى تراجع الطلب على الطاقة وإلى خفض العوائد. ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الدول المنتجة في منطقة الخليج سوف تخسر حوالي 300 مليار دولار في هذه السنة فقط.

وفي ما يتعلق بمستقبل أسعار النفط واحتمالات التعافي تقول أوساط الطاقة إن ذلك لن يتحقق في وقت قريب – ما لم تحدث اضطرابات سياسية تعرقل الإمداد – ولكن الإنتاج سيبدأ بالانخفاض في النصف الثاني من هذه السنة مدفوعاً بتوقف العديد من عمليات النفط الصخري، وبعدها سوف يتعافي سعر النفط بطريقة دائمة وثابتة.

وأخيرا نعود الى نظرية المؤامرة التي تتردد في العديد من أوساط الطاقة. ويلاحظ البعض من الخبراء أن ثمة دولا تريد أن تلحق الضرر باقتصاد روسيا وإيران. ويذكر في هذا الصدد أن هبوط أسعار النفط في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي ساعد على تفكك الاتحاد السوفياتي السابق.

ولكن هذه النظرية الضبابية في حاجة الى دليل. ويندر أن يتم التنسيق بين الدول المعنية نتيجة تضارب المصالح الاقتصادية والاستراتيجية في آن معاً.