تباينت آراء خبراء النفط في دول الخليج حول تأثير اتفاق إيران مع الدول الغربية حول مشروعها النووي، وانعكاس هذا الاتفاق على أسعار النفط.

Ad

راقب الكثير من الخبراء، لاسيما المعنيين بشؤون الطاقة، الاتفاق الذي توصلت اليه أخيرا إيران مع الدول الغربية بشأن برنامج طهران النووي.

«الجريدة» استطلعت آراء خبراء النفط في دول الخليج حول تأثير الاتفاق على أسواق النفط ومستقبل العلاقة بين الدول المنتجة والمصدرة بصورة عامة، حيث تعد إيران بين أوائل الدول المنتجة للنفط في العالم، ولديها رابع أكبر احتياطي بعد السعودية وفنزويلا وكندا، وأبرز الدول المستوردة لنفطها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا.

بداية، قال المسؤول التنفيذي السابق في شركة أرامكو السعودية سداد الحسيني إن ايران لديها كميات كبيرة من البترول تم تخزينها في السفن، تصل الى 20 مليون برميل، مشيرا إلى ان «هذه النوعية ليست جيدة، وفي حال تم رفع الحظر فإن طهران باستطاعتها تسويق هذه النفوط بشكل فوري، لكن بأسعار رديئة لتصريفها، وهذا الامر سيؤثر على السوق النفطي وليس انتاج ايران، لانه محدود وتطويره سيتأخر».

ارتفاع الأسعار

وعن ارتفاع الاسعار الحالية وهل ستستمر اشار الحسيني إلى ان الاسعار سترتفع دون شك، لأنه خلال الفترة الماضية دخلت المصافي العالمية في برامج الصيانة، ولم يكن هناك استهلاك في البترول، ما ساهم في خفض النفط بشكل بسيط، موضحا ان معظم المصافي رجعت للعمل، وتم استهلاك الكميات الفائضة من البترول، ما سيساهم في تحسن الاسعار الصيف المقبل.

وتوقع ان تكون الأسعار في الفترة القادمة بين 60 و65 دولارا، مشيرا إلى أنه في فترة الصيف يكون الطلب كبيرا في السعودية لتأمين الطلب لتوليد الطاقة الكهربائية، وهذا سينعكس على العرض في الاسواق النفطية، وفي فترة الصيف أيضا يزيد الطلب على منتج البنزين، لذا يتم تكرير كميات أكثر، ولهذا ستزيد الأسعار في وقت الصيف.

وحول تأثير العوامل الاقتصادية في مسار أسعار النفط، أوضح ان هناك تحسنا في الاقتصاد وإن كان بطيئا، وهذه الظروف تدعم الأسعار.

وعن ضخ المزيد من النفط الايراني، وهل سيربك اسواق النفط مستقبلا؟ ذكر: «لا، لان الصناعة النفطية الإيرانية لو نظرنا الى الطاقة القصوى هم ينتجون 3.3 ملايين برميل يوميا قبل 5 سنوات، وحاليا ينتجون 2.8 مليون، وحتى لو تم رفع الحظر عنهم وقاموا بأعمال الصيانة لصناعتهم فهذا يتطلب 6 اشهر، وهنا لن يستطيعوا إلا انتاج 600 الف برميل، وهذه كميات لن تؤثر على الاسواق النفطية».

مخاوف الحرب

من جهته، أكد خبير استراتيجيات واقتصاديات النفط المهندس فهد الداود ان «الانعكاس الذي أحدثه الاتفاق الإيراني الغربي شكل عنصرا حيويا في خلق حالة من الاستقرار في أسعار النفط»، لافتا إلى أن أسعار النفط كانت مرتبطة بالمخاوف من نشوب حرب على خلفية البرنامج النووي.

وتوقع الداود ان تتراوح أسعار النفط خلال الفترة المقبلة بين 60 و70 دولارا، مشيرا إلى أن الأسعار تتحرك في نطاق ضيق، كما ان الطلب في السوق العالمي لايزال جيدا، مضيفا ان الانفراجة التي حققتها جولة المفاوضات بين إيران ومجموعة 5 + 1 في لوزان تشكل عنصرا حيويا في سوق النفط العالمي.

وزاد ان الارتفاعات الحاصلة حاليا في أسعار النفط هي ردود فعل طبيعية على الاضطرابات السياسية والعوامل المناخية ومستويات الإنتاج لدى بعض أعضاء أوبك، مشيرا إلى أن هذه الارتفاعات تبقى مؤقتة وسرعان ما تزول بزوال أسبابها.

والمح الى ان الاضطرابات السياسية التي تعيشها بعض البلدان المصدرة للطاقة، مثل الأزمة الليبية، فضلا عن الأزمة التي يعيشها العراق حاليا، باعتباره المنتج الثاني حاليا في منظمة أوبك، تمثل عاملا أساسيا في تحديد مسار الأسعار في السوق العالمي بالنسبة للنفط.

واوضح انه اذا انخفضت أسعار النفط فسيكون لذلك تأثير على القدرة لتنفيذ المشاريع الاستراتيجية حول العالم، حيث سيعتمد مسار أسعار النفط خلال الفترة المقبلة على قدرة أعضاء أوبك في الحفاظ على حصص الانتاج المتفق عليها، إضافة إلى مؤشرات الاحتياطي الاميركي من النفط بين فترة واخرى، وقدرة روسيا على الصمود في ظل الاسعار السائدة، بينما سيكون للاقتصاد الصيني خلال العام دور مؤثر في أسعار النفط تبعا لمقدار الطلب.

فائض السوق

من جانبه، ذكر خبير النفط العماني د. جمعة الغيلاني ان الفائض حاليا في السوق النفطي يتجاوز مليوني برميل، كما ان الركود الاقتصادي العالمي مازال على حاله، مشددا على ان هذه العوامل، اضافة الى النفط الإيراني، ستؤثر على الأسعار بدون شك، «لاسيما اننا مقبلون على فصل الصيف الذي ينخفض فيه عادة الطلب على النفط».

واشار الغيلاني إلى ان النفط يعتبر اهم مصدر للطاقة، فالعوامل السياسية تلعب دورا أساسيا في تحديد الأسعار باعتبارها سلعة استراتيجية وتتميز بميزات قلما وجدت في مصادر الطاقة البديلة الاخرى.

واضاف ان أسباب الارتفاع الحالي في مستويات الأسعار تعود أساسا الى الوضع السياسي في منطقة الخليج، حيث عاصفة الحزم ومخاوف تأثير ذلك على تأمين إمدادات النفط للسوق الدولي، كذلك مخاوف توسع الحرب، حيث كان يتوقع ردود فعل إيرانية.

وحول إمكانية تحسن الأسعار عن مستوياتها الراهنة زاد انها ضعيفة بسبب فصل الصيف القادم، واي تطورات في استمرار الحرب على اليمن وما قد يحدث سيؤثر على الأسعار، مشيرا إلى انه اذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه الآن فربما تبقى الأسعار متأرجحة نوعا ما، وهناك إمكانية لتحسن الأسعار لعقود فصل الخريف القادم.