قالت رئيسة مكتب الايدز والإحصاءات والمعلومات في وزارة الصحـة د. هند الشومر إن المنظمات الصحية الدولية تصنف دولة الكويت ضمن الدول ذات المعدلات المنخفضة في العدوى بالإيدز، وذلك بسبب اتخاذها حزمة من الإجراءات القانونية والطبية والفنية والإنسانية على هذا الصعيد. وتوقعت الشومر، في حوار مع «الجريدة»، أن يتم تحديث الإستراتيجية الإقليمية لشرق المتوسط فيما يخص قضية الايدز، بما يتفق مع المستجدات والرؤية المستقبلية للأهداف الإنمائية لما بعد عام 2015، لافتة إلى أن الإستراتيجية العربية للتصدي للإيدز تناولت ضرورة العمل على خفض الوفيات المرتبطة بالمرض بين الأمهات وزيادة قدرة النساء والفتيات على حماية أنفسهن من الإصابة به.

Ad

• بمناسبة يوم الإيدز العالمي وبعد مرور نحو 30 عاماً على تشخيص أول حالة عدوى بالكويت، ما تقييمكم للوضع الحالي للعدوى بالفيروس في البلاد؟

- بعد حوالي ثلاثة عقود من اكتشاف أول حالة للعدوى بالإيدز في دولة الكويت، ومن خلال تحليل دقيق للوضع الحالي بما في ذلك الإنجازات التي تحققت والصعوبات والتحديات التي ما زالت تواجهنا، من الإنصاف أن أقول وبكل موضوعية إنني راضية ومطمئنة إلى ما تحقق من إنجازات للوقاية والتصدي للإيدز، وذلك بشهادة تقارير المنظمات الدولية، التي تصنف دولة الكويت ضمن الدول ذات المعدلات المنخفضة للعدوى بالإيدز.

 ويرجع ذلك إلى اليقظة في التعامل مع العدوى بالإيدز منذ بداية الثمانينيات واتخاذ حزمة من الإجراءات القانونية والطبية والفنية والإنسانية وذلك من خلال إصدار المرسوم بالقانون رقم 62 لسنة 1992 وتوفير الأدوية الحديثة والتوعية، وتزامن ذلك مع إجراءات صارمة للتعقيم ومكافحة العدوى بالمستشفيات على مستوى وزارة الصحة، وعلى مستوى القطاع الخاص، فضلاً عن إجراءات فحص العمالة الوافدة وفحص المتبرعين بالدم وإجراءات الفحوصات الاحترازية للحالات ذات الخطورة العالية.

تنسيق

• هل هناك تنسيق على مستوى دول مجلس التعاون وباقي الدول العربية في مجال الوقاية من الفيروس وما طبيعة هذا التنسيق إن وجد؟

- بالفعل يوجد تنسيق على مستوى دول مجلس التعاون حيث نتواصل من خلال مظلة المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون مع المسؤولين عن برامج مكافحة الإيدز بدول المجلس، حيث نتبادل الخبرات والمعلومات بهذا الشأن، وقد أثمر ذلك وضع استراتيجية خليجية وصدور إعلان الرياض للوقاية والتصدي للإيدز.

وعلى مستوى جامعة الدول العربية ومجلس وزراء الصحة العرب هناك تنسيق وتعاون وأنشطة مشتركة مثل ورشة العمل التي أقامها البرلمان العربي تحت مظلة الجامعة، فضلاً عن تبني وزراء الصحة الاستراتيجية العربية لمكافحة الإيدز والتي كان لنا دور في إعدادها وصياغتها في إحدى جلسات مجلس وزراء الصحة العرب في دورته برئاسة وزير الصحة د. علي العبيدي، وعلى المستويين الفني والطبي يوجد تعاون وتنسيق وتبادل خبرات تحت مظلة جامعة الدول العربية ومجلس وزراء صحة الخليج ونظيره العربي.

• وماذا عن التنسيق على مستوى إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية؟

- نعم هناك تنسيق من خلال اجتماعات اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية واجتماعات مسؤولي برامج الإيدز في الإقليم، والذي يضم الدول الأعضاء البالغ عددها 22 دولة على مستوى الإقليم، حيث توجد قرارات عديدة واستراتيجيات للوقاية والتصدي للإيدز، صدرت عن اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط وكان لها مشاركات في إعداد تلك الاستراتيجيات وبالطبع تبنيها وتنفيذها.

وقد تمت مناقشة متابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية ضمن جدول أعمال اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط في اجتماعها الأخير المنعقد في تونس، وكان لوفد دولة الكويت برئاسة وزير الصحة د. علي العبيدي مشاركات إيجابية في هذا الشأن، ومن واقع الممارسة العملية، ومن المتوقع تحديث تلك الاستراتيجية، بما يتفق مع المستجدات والرؤية المستقبلية للأهداف الإنمائية لما بعد عام 2015.

• وماذا تحقق من إنجازات بخصوص الأهداف الإنمائية للوقاية والتصدي للإيدز؟

- من المعروف أن هذه الهدف كان ضمن الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة التي تضمنها الإعلان السياسي للألفية الصادرة عن قادة ورؤساء وملوك دول العالم مع بداية الألفية الثالثة. ونص هذا الإعلان بالتحديد على الوقاية والتصدي للإيدز حتى عام 2015، لتصدر الأمم المتحدة بعد ذلك الأهداف الإنمائية الجديدة.

وتشير تقارير المتابعة التي نحرص على إعدادها وتقديمها للأمم المتحدة بخصوص الإيدز وضمن متابعة الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، على تحقيق الأهداف والغايات المطلوبة، إذ تم تقديم تقرير UNGASS Report عن عام 2010 و2012 و2014 للأمم المتحدة، وأسندت مهمة إعداده إلى مستشار دولي ومستشار وطني، وكان لي شرف القيام بمهام المستشار الوطني لإعداد تلك التقارير التي تم تقديمها إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

الرجال والنساء

• ما مدى صحة أن النساء يعتبرن ضحايا للإيدز وأن العدوى بين النساء أكثر منها بين الرجال؟

- من المعروف أن وبائيات العدوى بالفيروس تختلف من مكان إلى آخر بسبب مجموعة من عوامل الخطورة والمحددات الاجتماعية والاقتصادية والصحية داخل المجتمع، وبطبيعة الحال فإنه لا يوجد مجتمع متماثل مع مجتمع آخر، لذلك فإن المنظمات الدولية تؤكد ضرورة إجراء تحليل للوضع الوبائي للعدوى بالإيدز داخل المجتمع، وأن يتم ذلك بصورة دورية للتعرف على الفئات المعرضة للخطر، ولتحديد عوامل الخطورة، ومن ثم التعامل مع تلك العوامل بالإجراءات والسياسات المناسبة،

 وفي بعض المجتمعات قد تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بالإيدز في مراحل عمرية محددة، بينما في مجتمعات أخرى قد لا يكون هذا الأمر صحيحاً تماماً.

• ما مدى صحة إصابة الأطفال بالعدوى بالإيدز؟

- تعتبر حماية الأطفال من العدوى بالإيدز أحد التحديات التي تواجه برامج مكافحة الإيدز على مستوى جميع دول العالم بما فيها الكويت، وبعد أكثر من ثلاثة عقود من اكتشاف العدوى بفيروس الإيدز فقد أصبح الآن أمامنا أجيال من الأطفال الذين أصيبوا بالإيدز سواء من أمهات مصابات أو من نقل دم ملوث أو لأي أسباب أخرى.

ويتم الآن تطبيق بروتوكول لمعالجة الحوامل المصابات بالإيدز طوال فترة الحمل، وهو ما أدى إلى ولادة أطفال أصحاء غير مصابين بالإيدز، وكذلك فإن استراتيجيات مكافحة الإيدز والتصدي له أصبحت تتضمن إجراء الفحوصات المخبرية للنساء الحوامل ضمن بروتوكولات رعاية الحوامل بما يتيح الفرصة للاكتشاف المبكر لحالات العدوى والتدخل العلاجي أثناء فترة الحمل، ومن ثم حماية الأطفال من العدوى بالإيدز.

وفي هذا الصدد فإن منظمة اليونسكو واليونيسيف تجريان دراسات مهمة لرصد معدلات الإصابة بعدوى الإيدز بين الأطفال والمراهقين ووضع استراتيجيات لاستجابة قطاع التعليم للعدوى بالإيدز.

دور «التربية»

• ماذا عن دور وزارة التربية للوقاية والتصدي للإيدز؟

- تعتبر المناهج الدراسية والأنشطة المدرسية مجالات خصبة للتوعية ونشر المفاهيم الصحيحة عن العدوى بالإيدز والوقاية منه والتصدي له. وقمت بإجراء دراسة لتحليل مدى استجابة قطاع التعليم مع موضوع الإيدز بالكويت بالتعاون مع اليونسكو، وتضمنت الدراسة مراجعة لما ورد في جميع المناهج الدراسية عن موضوع الإيدز وطريقة تناوله ضمن تلك المناهج بالمواد المختلفة وجميع المراحل الدراسية.

كما تضمنت الدراسة أيضا توثيق الدراسات والأبحاث التي أجريت في جامعة الكويت وكليات ومعاهد الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب عن موضوع الإيدز، إضافة إلى مراجعة البحوث التي حظيت بدعم مؤسسة الكويت للتقدم العلمي في موضوع الإيدز، وقد انتهت الدراسة إلى عدة توصيات مهمة وعدت وزارة التربية بتنفيذها بشأن تطوير محتوى المناهج الدراسية وطريقة تناولها لموضوع الإيدز، والتخلص من المفاهيم الخاطئة أو التي أصبحت لا تتفق مع معايير المنظمات الدولية لمكافحة الوصمة والتمييز للمصابين بالإيدز.

وأعتقد أن تعديل المناهج وتطويرها فيما يتعلق بموضوع الإيدز سيصبح خطوة مهمة لتعديل الخطاب الإعلامي وتصويبه وفقاً للمستجدات الحديثة، لإن هناك بعض الأمور في المناهج الدراسية عن الإيدز أصبحت من الماضي البعيد، ولا يجب الإبقاء عليها بعد تلك العقود من الخبرة والتعامل مع الحالات والمخالطين والمفاهيم الجديدة بهذا الشأن.

احتكار «الصحة»

• لماذا تحتكر وزارة الصحة الجهود الخاصة بالوقاية والتصدي للإيدز ولماذا لا يفسح المجال لجهات أخرى للمشاركة في هذه الأنشطة؟

- تحرص وزارة الصحة على مشاركة جميع الوزارات والجهات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني في جهود الوقاية والتصدي للإيدز، وأصدق الأمثلة على ذلك دور الصحف ووسائل الإعلام في الوقاية والتوعية والتصدي للإيدز، وتلك المؤسسات الإعلامية لا تتبع وزارة الصحة، كذلك فإن رابطة الأدباء وهي إحدى مؤسسات المجتمع المدني تبنت هذا العام الندوة الرئيسية للتوعية بيوم الإيدز العالمي الموافق الأول من ديسمبر، ومنذ عدة أيام تم إقامة معرض ويوم مفتوح للتوعية بالإيدز في كلية الدراسات التكنولوجية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.

الأمراض المزمنة

• لوحظ في الفترة الأخيرة اهتمام وزارة الصحة الكبير بالوقاية من الأمراض المزمنة غير المعدية... هل توجد أي علاقة بين تلك الأمراض والعدوى بالإيدز؟

- من المعروف علمياً أن صدمة العلم بالإصابة بالإيدز قد تؤدي إلى صدمة قلبية في بعض الأحوال، كذلك فإن هناك نوعا من أنواع السرطان له ارتباط بالعدوى بالإيدز (سرطان كابوسي)، ومن جهة أخرى فإن هناك حالات الإصابة المزدوجة وما يترتب عليها من العبء المزدوج، أي وجود الإيدز في مريض بالسكر أو بالقلب أو السرطان أو الأمراض التنفسية المزمنة، لذلك فإن برامج الوقاية من الإيدز والتصدي له لا يجب أن تكون منفصلة أو في معزل عن البرامج الأخرى داخل الوزارة، لأن جميعها تتكامل ضمن رؤية مشتركة.

وأود أن أوضح في هذا الشأن أن التقدم الطبي في مجال علاج الإيدز وضرورة تناول الأدوية مدى الحياة، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة المناعة ووقف نشاط الفيروس بما يعد معه مرض الإيدز من الأمراض المزمنة.

الإيدز... و«حقوق الإنسان»

• يكثر الحديث عن التعامل مع مرضى الإيدز ضمن تقارير حقوق الإنسان التي تصدرها المنظمات الدولية وبعض نشطاء حقوق الإنسان... فما تقييمكم لمدى تطبيق مبادئ ومعايير حقوق الإنسان وحقوق الطفل في التعامل مع مرضى الإيدز بالكويت؟

- بعد أكثر من ثلاثة عقود من التعامل مع حالات الإيدز وما شهدته تلك الفترة من دراسات وتبادل خبرات بين المتخصصين سواء في العلوم الطبية والصحة العامة ورجال القانون وحقوق الإنسان فإن نظرة المجتمع وتعامل الجهات المختلفة مع مرضى الإيدز يحدث بها العديد من التغييرات الإيجابية على مستوى العالم كله بما في ذلك الكويت.

وكان المرسوم بالقانون رقم 62 لسنة 1992 خطوة مهمة ورائدة، حيث أكدت مواده حق المريض في الخصوصية وسرية المعلومات وحقه في تلقي الرعاية الطبية الكاملة، وهو ما يتم تنفيذه من خلال توفير الفحوصات والعلاج بالمجان لجميع المرضى.

ومما لا شك فيه أن معايير ومبادئ حقوق الإنسان تتطور دائماً للأمام، ونحن في دولة الكويت كعضو في منظمة الأمم المتحدة نلتزم بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الكويت بما في ذلك تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق الطفل والتي صادقت عليها الكويت بموجب المرسوم الأميري رقم 104 لسنة 1991.