تضمن معرض {30 سنة فن} لوحات استيعادية للفنان رضا عبد الرحمن، جسدت ملامح تجربته الإبداعية في مجال التصوير، وأسلوبه المتفرد في استلهام خصائص التراث المصري القديم، وتناغم الماضي والحاضر، والمزج بين الأصالة والتجريب.

Ad

لفت الفنان رضا عبد الرحمن إلى أن {30 سنة فن} يوجز مسيرته الإبداعية خلال ثلاثة عقود، وقناعاته في التواصل مع خصائص بيئته، والبحث الدؤوب في روافد الحضارة الفرعونية، وإيجاد صيغة لأعماله تؤكد انتماءه العربي عموماً والمصري خصوصاً.

أوضح عبدالرحمن أن تجربته منذ أول معارضه عام 1985 حتى إنتاج الشهر الماضي، حققت تراكماً لخبرات فكرية وفنية، والتحول النوعي في مسيرته كفنان محترف، وصقل الموهبة بتطور الأداء والأسلوب، ناهيك بالتفاعل مع معطيات متجددة لأهم الأحداث الاجتماعية والسياسية.

يضمّ المعرض نحو 23 لوحة لأهم أعمال عبد الرحمن، من بينها لوحة {إيزيس وأوزوريس} المستوحاة من الأسطورة الفرعونية الشهيرة، وتجسد نهاية طواف {إيزيس} في رحلة البحث عن زوجها {أوزوريس} والقضاء على {ست} رمز الشر، وإنجاب {حورس}، وديمومة الانتصار للخير والعدل.

يذكر أن عبد الرحمن أحد أبرز فناني مصر في مجال التصوير، وحاصل على دكتوراه في {الفلسفة في الفنون الجميلة}، وله معارض خاصة وجماعية عدة، من بينها معرض {عيون فرعونية} في الولايات المتحدة الأميركية، كذلك أقام أول {سمبوزيوم} دولي للتصوير في القاهرة 2007.

  رموز فنية

في السياق نفسه أفتتح رئيس قطاع الفنون التشكيلية د. أحمد عبدالغني يرافقه رئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض المصرية د. إيمان النشار، المعرض الثالث {الفنان وأستاذه} في قاعة أجيال بمركز محمود سعيد للمتاحف بالإسكندرية، بمشاركة أعمال ستة فنانين من الرواد والشباب.

واستضافت قاعة {أجيال 1} أعمال الرائد الفنان حامد عويس، وتلميذه الفنان د. محمد سالم، وقدم الأخير في المعرض الفنانة الشابة منى قناوي، كصاحبة تجربة إبداعية متميزة في مجال الفسيفساء، كذلك احتضنت قاعة {أجيال 2} أعمال الفنان الراحل سعيد العدوي (1938 – 1973) أحد الرموز الفنية، وهو رحل في زهرة شباب، تاركاً بصمة واضحة وميراثاً إبداعياً جعلا منه علامة مضيئة في تاريخ الحركة التشكيلية المصرية.

 لفتت الفنانة د. ريم حسن إلى أهمية تجربة العدوي، كأحد أضلاع مثلث جماعة التجريبيين في فترة الستينيات، ودوره البارز مع رفيقي دربه الفنانين د. مصطفى عبد المعطي، ومحمود عبدالله، وتشكيل ملامح تطور الفن المعاصر في مصر.

أوضحت حسن أنها تشرَّفت بعرض أعمالها إلى جانب لوحات العدوي، كفنانة من جيل {الوسط}، كذلك قدمت الفنان حكيم أبوكيلة، خريج كلية الفنون الجميلة 2012، قسم التصميمات المطبوعة، ويعمل في مجال الإخراج السينمائي، ويتميز في الصورة ذات القالب الحداثي.

يذكر أن قاعة {أجيال} تستضيف أعمال الرواد والشباب من خلال معارض متجاورة، وتؤكد على التواصل بين الأجيال الفنية في الرسم والنحت والتصوير، وتوثيق الصلة بين ماضي الإبداع وحاضره.

أحلام البسطاء

استضاف {غاليري مصر} معرض {الكادحون} للفنان فتحي عفيفي، وضم لوحات تجسد مشاهد الحياة اليومية في زحام المدن، وملامح الوجوه المتعبة في فضاء صاخب، وطرح قضايا إنسانية وحياتية، وأحلام البسطاء في الحرية والعدل والسلام.

لفت مدير غاليري مصر الفنان محمد طلعت أن {الكادحون} حوار إنساني عميق، تمثل لوحاته حضوراً لثقافة الأرض المصرية وناسها الطيبين، وصياغة وجدانية لمشاهد من واقع الحياة اليومية، ومجابهة الصخب والزحام، إلى جانب طرح رؤية منحازة لأحلام البسطاء.

أشاد الحضور بلوحات عفيفي التي تلتقط تفاصيل موحية بالتوق إلى فضاء بكر، والخلاص من الإيقاع اللاهث للحياة اليومية، وتداعياته من ضغوط اجتماعية، واضطراب السلوك الإنساني، ناهيك بمقاربة قصيدة الشاعر الإنكليزي إليوت {الأرض اليباب}، وانتقادها مظاهر المدنية الحديثة.

انطوت لوحات {الكادحون} على رفض {البيروقراطية} وقاربت بالإضافة إلى تفاصيل الحياة الواقعية، طوابير الزحام في المصالح الحكومية، ومحطات القطارات، وملامح وجوه مجهدة، وتماهت مع خصائص الفن الكاريكاتوري، والسخرية ونقد السلبيات الاجتماعية.

تنوعت اللوحات في مضمونها الفكري والفني، من بينها لوحات باللونين الأبيض والأسود، والتعبير الموحي بسطوة الحزن، والأحلام المقيدة بوطأة الضغوط اليومية، والرحلة {السيزيفية} في زحام لا ينتهي، واستشراف بقعة ضوء، والخروج من البرزخ إلى فضاءات رحبة.

من جهته قال الناقد أسامة عفيفي إن {الكادحون} يجسد الحلم بتحقيق إنسانية الإنسان، والعتق من أسر الظلم الاجتماعي والوجودي، والبحث بين تلافيف المشهد اليومي عن روح المقاومة الكامنة في المجتمع. ولأن الفنان يرى ما لا يراه الآخرون، راح فتحي عفيفي يكرس خبرته وموهبته لإعادة صياغة أحلام وأحزان البسطاء في لوحته حالماً معهم بغدٍ أفضل.

يذكر أن فتحي عفيفي (65 عاماً) أحد أبرز الفنانين في الحركة التشكيلية المصرية، وله معارض خاصة عدة، ومشاركات في معارض جماعية في القاهرة وبرلين وفيينا، وعضو نقابة الفنانين التشكيليين المصرية، والجمعية الأهلية للفنون الجميلة.