أثار الهبوط الأخير في أسعار النفط الكثير من التساؤلات بشأن تأثير التراجع في الأسعار على دول الخليج التي يمثل البترول مصدراً مهماً لمواردها المالية، خصوصاً السعودية التي تتربع على عرش أكبر منتجي النفط في العالم وأكثر المستفيدين من ارتفاع أسعاره.

Ad

ونزل خام برنت عن مستويات الـ97 دولاراً خلال الأيام القليلة الماضية مسجلاً تراجعاً حاداً، بعد أن كان قد تجاوز مستوى الـ108 دولارات في أواخر شهر يوليو الماضي، وتحديداً يوم 27 يوليو عندما تم تداول البرميل عند مستوى 108.12 دولارات، ليكون بذلك قد سجل تراجعاً بنسبة تزيد على 11 في المئة خلال أقل من شهرين فقط.

وتنتج السعودية نحو عشرة ملايين برميل يومياً بحسب البيانات الرسمية، وهي بذلك أكبر منتجي النفط في العالم، وتمثل مصدراً مهماً للطاقة بالنسبة لكثير من الاقتصادات العملاقة ومن بينها كل من الولايات المتحدة والصين، وهما أكبر اقتصادين في العالم.

وتوقع الخبير النفطي عصام الجلبي أن تواصل أسعار النفط الهبوط ببضعة دولارات أخرى خلال الفترة المقبلة، إلا أنه استبعد أن تواجه اقتصادات منطقة الخليج أية مخاطر أو إشكالات نتيجة التراجع، خصوصا السعودية، وذلك بسبب التحفظ في التعامل مع أسعار البترول عند وضع الموازنة العامة للبلاد وإقرارها.

وقال الجلبي في تصريحات خاصة لـ»العربية نت»، إن «الموازنة السعودية تقوم على افتراض أن تصل أسعار النفط الى مستويات متدنية جداً، وهو ما لن يحدث بكل تأكيد، ما يعني أن الإيرادات العامة للمملكة قد تتراجع بسبب انخفاض الأسعار، لكن هذا لا يعني أن هناك أية تأثيرات سلبية على الاقتصاد».

ويرى أن الدولة النفطية الوحيدة في المنطقة العربية التي يمكن أن تواجه أزمة إذا استمر تراجع أسعار النفط طويلاً هي العراق، حيث تقوم الموازنة العراقية -بحسب الجلبي- على أساس أن متوسط سعر البرميل سيكون عند 95 دولاراً، وهو ما يعني أن استمرار الهبوط مدة طويلة سيسبب عجزاً كبيراً في الموازنة بالعراق.

ويرى الكثير من المراقبين أن السياسة النفطية السعودية حققت نجاحاً كبيراً خلال الفترة الماضية، حيث استطاعت المملكة الاستفادة من ارتفاع الطلب على النفط وارتفاع أسعاره، في الوقت الذي لم يؤد الإنتاج الكبير لها إلى خفض الأسعار.

وأبلغت السعودية مؤخراً منظمة «أوبك» أنها خفضت إنتاجها من الخام في أغسطس بمقدار 400 ألف برميل يومياً، وذلك بالتزامن مع تراجع الأسعار.

وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول في تقريرها الشهري، إن السعودية أبلغتها بإنتاج 9.597 ملايين برميل يومياً في أغسطس انخفاضا من 10.005 ملايين برميل يومياً في يوليو.

وبينما تحافظ أسعار النفط على انخفاضها في الأسواق منذ أيام، فإن الكثير من محللي الأسواق يتحدثون عن أسباب موسمية تلعب دوراً مهماً في الانخفاض الحالي بأسعار النفط، إذ إن الفترة التي تتوسط فصلي الصيف والشتاء ينخفض فيها الطلب على الوقود بسبب تراجع استخدام الطاقة في منطقة الخليج لهبوط درجات الحرارة، مع عدم ارتفاع الطلب على الطاقة في أوروبا وأميركا، والذي يكون عادة في فصل الشتاء لأغراض التدفئة.

وقال محلل نفطي لـ»العربية نت»، إن انتعاش إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة ساهم أيضاً في انخفاض الطلب العالمي على النفط التقليدي، حيث تفوقت الصين قبل شهور لأول مرة في التاريخ على الولايات المتحدة في وارداتها من النفط، مع شيوع الاعتقاد بأن إنتاج النفط الصخري الأميركي قد يحل بديلاً عن بعض الواردات من الخارج.

(العربية نت)