لنكن منصفين معها
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
فمن ناحية، كان بإمكان عدد من نواب المعارضة الذين تم إرهابهم بـ «قفازات القانون» وتم إغراقهم، في ما بعد، بسيل من الدعاوى الجزائية والمدنية أن يتجنبوا مثل تلك المخاطرة، إن صح مثل التعبير، فيصمتوا عن التحويلات المليونية مثلاً أو الإيداعات، أو ملفات تفصيل المناقصات وغيرها من مسائل الفساد التي تمتد بطول الدولة وعرضها، لكنهم لم يفعلوا، ربما كانت لهم أحلامهم العريضة في المجد والسلطة، وتلك، بالمناسبة، أحلام مشروعة لكل سياسي، وآثروا الدروب الصعبة في طرح رؤيتهم، ومازالوا يدفعون الأثمان المكلفة لذلك الطرح. ومن ناحية أخرى، يحق لنا أن نتساءل عما إذا كانت ملاحقة قضايا النهب ممكن أن تحدث لولا وجود تلك الأصوات العالية التي أثارتها المعارضة. فنعرف مثلاً، أن فهد الراشد قدّم بلاغه للنيابة العامة عام 2008 ضد مدير التأمينات السابق، وظل فهد يلاحق منفرداً موضوع البلاغ، وكان استجواب وزير المالية الشمالي، وردود الوزير في وقت لاحق، محاولة ناجحة لقبر الشبهات المريبة ضد المدير السابق، ولم يكن للمعارضة حينها صوت واضح في تلك القضية، سواء حدث ذلك لاعتبارات قبلية أو «شللية»، أو تحقيقاً لسياسة تحميل الجميل التي مارسها المدير السابق (دهان سير) بإيداع مبالغ مالية ضخمة من التأمينات لشركات متهاوية يملكها أصحاب الحيثيات، وتجنيبها الإفلاس، أو ساهم ذلك المدير بالتبرع والإهداء لبعض الأفراد النافذين لضمان سلامة ظهره السياسي، إلا أنه يظل - برأيي - أن المناخ العام ضد الفساد، بفعل المعارضة كان عاملاً مساعداً للدفع بالقضية إلى ما وصلت إليه في ما بعد. في كل تلك المسائل نحن مدينون للمعارضة، مهما كانت أخطاؤها في بعض الأحيان، ومهما كان نزقها في ظروف كثيرة، فماذا نريد وماذا نتوقع من معارضة تتم محاصرتها إعلامياً وسياسياً، وتتم ملاحقتها قانونياً، ولا تترك لها أي فرصة للتطور والنمو؟، فلنكن منصفين في حكمنا على هذه المعارضة.