الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة في مصر محمد عفيفي: أبوابنا مفتوحة أمام المبادرات الشبابيَّة

نشر في 06-01-2015 | 00:02
آخر تحديث 06-01-2015 | 00:02
No Image Caption
أكَّد الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة د. محمد عفيفي أن صراع الأجيال الثقافية يعطل عمل المجلس ولا بديل عن إقرار مبدأ الكفاءة لحل هذه المشكلة، قائلاً في حواره مع {الجريدة} إن أبواب المجلس مفتوحة أمام أي مبادرات شبابية في ظل إصرار المجلس الأعلى على الانفتاح على مختلف الأجيال الثقافية المصرية. وبشَّر عفيفي بأن الحراك الثقافي الذي تشهده الساحة راهناً سيعيد مصر إلى مقدمة العمل الثقافي في المنطقة العربية. وفي ما يلي نص الحوار.
كيف تقيم فترة رئاستك للمجلس الأعلى للثقافة حتى الآن؟

أمضيت الأشهر الأولى منذ تعييني في يونيو الماضي، في استطلاع وتحسس للطريق وآفاق التغيير، في إطار رؤية نعمل على بلورتها راهناً، فالمجلس مثله مثل وزارة الثقافة، بل ومصر كلها، لم يمر بمرحلة انتقالية صحيحة بعد ثورة 25 يناير 2011، بل كانت المرحلة الانتقالية فاشلة لأسباب كثيرة. بالتالي، الثقافة كجزء أصيل من المجتمع تمرّ بفترة انتقالية تتعرَّض فيها لتغيير قيمها، والنقلة التي نريدها تتمّ وسط صراعات أجيال وصراعات سياسية وعدم تغيير الجهاز الإداري البيروقراطي، فضلاً عن عدم إنتاج قيم جديدة تواكب المرحلة بما تحمله من تحولات عميقة في بنية المجتمع المصري وأثر ذلك على المشهد الثقافي والسياسي.

ما هي أولوياتك لمواجهة الأزمات الأكثر إلحاحاً؟

أهم قضية نواجهها في المجلس والوزارة كلها هي إعادة الهيكلة لجميع الهيئات الثقافية واللجان النوعية المختلفة، من خلال إلغاء قطاعات ثبت عدم جدواها، وإنشاء أخرى جديدة ثبتت الحاجة إليها، وإعادة هيكلة عملية النشر في الوزارة، من خلال وضع سياسة واضحة للنشر تتضمَّن التنسيق بين مختلف الهيئات التابعة لوزارة الثقافة بما فيها المجلس الأعلى، ومحاولة رسم استراتيجية واضحة المعالم للمجلس ولجانه المختلفة، وهي أمور تحتاج إلى بعض الوقت ليس من منطلق الهروب من المواجهة وهذا غير صحيح، لأن أكبر مواجهة هي تفهم طبيعة المرحلة وحجم التحديات التي تفرضها. بالتالي القرارات السريعة والعشوائية تأتي بنتائج عكسية، وثمة مشكلة كبيرة وقعنا فيها جميعاً عندما لم نقرأ تاريخ الثورات بشكل جيد فلم نفهم طبيعة الأحداث التي تلي الثورات، لذلك وقعنا في تخبط بعد ثورة {25 يناير}، فمن الجميل أن نحلم وأن يستجيب المسؤول ولكن في إطار خطة مدروسة.

متى تخرج إصدارات المجلس الأعلى المتوقفة إلى النور؟

بدأنا بالفعل عملية النشر من جديد، ومن بينها صدور أعمال الكاتبة الراحلة فتحية العسال في شهر سبتمبر الماضي، وثمة نحو 16 عنواناً جديداً ضمن إصدارات المجلس الأعلى شهدها شهر أكتوبر الماضي، ونحن ننشر وفق خطة مدروسة. ولكن المشكلة أن المجلس لا يملك مطبعة خاصة به ويضطر إلى طبع أعماله في المطابع الأميرية، وهي ملتزمة بطباعة أعمال الدولة المختلفة والكتب المدرسية، لذلك تأخذ عمليات النشر بعض الوقت.

لكن الكثير من المبدعين اشتكوا من تأخر نشر أعمالهم.

عندما توليت المسؤولية وجدت أن 1200 كتاب لم تنشر رغم تسليم مؤلفيها أصول الكتب منذ فترة، لذلك بدأت عملية جدولة لنشر هذه الكتب في فترة زمنية طويلة بعض الشيء، مع الاتفاق مع رئيس الهيئة العامة للكتاب الدكتور أحمد مجاهد على طبع الهيئة لبعض العناوين التي تناسب سلاسلها، وهو رحَّب بالأمر. كذلك بدأنا تحويل بعض الكتب إلى النشر الإلكتروني، لأن المجلس لا يستطيع طبع هذه العناوين كافة وإلا لتفرغنا للنشر لمدة عامين على الأقل، لأن ميزانية النشر في المجلس محدودة جداً ولا تستوعب عملية نشر واسعة. ونعلن بكل صدق أن أبوابنا مفتوحة أمام جميع المبادرات الشبابية.

كيف سيتم علاج تضارب النشر بين هيئات وزارة الثقافة؟

ثمة إعادة رسم لسياسة النشر في وزارة الثقافة بشكل كلي، وفقاً لخطة وزير الثقافة الدكتور جابر عصفور لإعادة الهيكلة. فلأول مرة، تنسق الهيئات الثقافية مع بعضها البعض، من خلال اللجنة المركزية العليا للنشر، والتي تضم رؤساء القطاعات الخاصة بالنشر في الهيئة العامة للكتاب وهيئة قصور الثقافة والمركز القومي للترجمة والمجلس الأعلى للثقافة، فضلًا عن شخصيات عامة، تتضمن التنسيق الكامل بين الهيئات المختلفة، بإقرار معايير اختيار سلاسل معينة تناسب طبيعة كل هيئة وإلغاء السلاسل المتشابهة في الهيئات المختلفة مع الإبقاء على واحدة منها فقط.

ألا تحتاج لجان المجلس إلى إعادة النظر في تشكيلها على أسس جديدة تناسب مصر الثورة؟

اللجان الراهنة ستنتهي مدة عملها في يونيو المقبل، أي أننا نملك ستة أشهر، وهي فترة مناسبة جدا لوضع تصور عام لمناقشة عمل جميع اللجان وآلية تشكيلها، ومع ذلك بدأت اللجان الحالية، وعددها 28 لجنة تغطي جميع أفرع الثقافة في مصر، في الانخراط في اجتماعات، لوضع تصور لا يقصر نشاط اللجان على عقد المؤتمرات والندوات المغلقة داخل جدران المجلس، بل العمل على النزول إلى الشارع والاشتباك الحقيقي مع الحياة الثقافية بمختلف تياراتها.

ما هي خطط المجلس لمواجهة انتشار أفكار التكفير والتشدد في المجتمع في وقت تهب علينا رياح أفكار حركات مثل {داعش}؟

لدينا خطة على أكثر من محور لتفعيل المجلس للقيام بدوره التنويري، من خلال لجان المجلس التي تعمل راهناً على وضع رؤية كاملة لبث قيم التنوير في المجتمع كله. بدأنا في مراجعة الكتب المدرسية بناء على طلب وزير التربية والتعليم، الذي عرض على المجلس الرؤية الاستراتيجية لوزارته، واعترض أعضاء المجلس الأعلى على بعض الأفكار التي تضمنتها الكتب المدرسية ووضعوا ملاحظاتهم والتي قدمناها إلى وزير التعليم.

هل انتهت الوزارة من وضع الاستراتيجية الثقافية لمصر؟

يطالب بعض الأصوات الثقافية بسرعة إنجاز استراتيجية للوزارة بين ليلة وضحاها وهو أمر غير ممكن، بل إن البعض يتحدَّث عن إمكان وضع الاستراتيجية في أسبوع واحد، ما هكذا توضع الاستراتيجيات، والمجال مفتوح للاستماع إلى أي رؤى مستقلة ولا مانع من تضمينها في الاستراتيجية الثقافية، التي نريد لها أن تقرأ تاريخنا وتستفيد منه وتتجاوزه مع حمل أجزاء منه لصناعة مستقبل ثقافي جديد، لأن الوقوف عند الماضي يعني التحول إلى السلفية بالمعنى الفكري للكلمة.

كيف ترى مستقبل التنوير في مصر؟

بدأ الحراك الفكري في المجتمع المصري ولكنه يحتاج إلى الوقت كي يظهر بوضوح، فبعد أي أحداث كبرى في تاريخ الأمم تبدأ عملية مراجعة شاملة للمنظومة الثقافية، لكن لأننا نحيا اللحظة لا ندرك أن المراجعة بدأت، فثمة حالة من بناء ثقافة جديدة في المجتمع المصري، وبحكم التاريخ أنا متفائل في نتيجة الحراك الذي يحتاج منَّا إلى الرعاية لينتهي وفق ما نريد له، وهو ما تحاول وزارة الثقافة أن تقوم به، خصوصاً أن العالم العربي يعول على النهضة المصرية كثيراً.

هل ميزانية المجلس مناسبة لإنجاز المشروعات التي تطمحون إلى تنفيذها؟

ميزانية المجلس غير كافية ونحتاج إلى دعم كبير، لكننا نسعى إلى توفير احتياجاتنا الأساسية في إطار ترشيد الاستهلاك، ونستطيع بالاعتماد على جودة المنتج الثقافي أن نحوّل الثقافة إلى مصدر للدخل، فلا ننسى أن السينما كانت المصدر الثاني للعملة الصعبة في مصر الأربعينيات، فالأمر يحتاج منا إلى إجادة في إدارة وتنظيم الثقافة، وهو أمر لو أنجز ستعود الثقافة كأحد أهم أسلحة القوى الناعمة لمصر في المنطقة وتضيف إلى رصيدها الاستراتيجي الكثير.

ما هي أبرز الأعمال التي يجهز لها المجلس في الفترة المقبلة؟

لدينا أجندة مزدحمة بالتجهيز لمؤتمرات عدة في الفترة المقبلة، بداية بـ{الملتقى الدولي للمأثورات الشعبية}، ثم مؤتمر حول لويس عوض بمناسبة مئوية ميلاده، يليه ملتقى الرواية العربية في 15 مارس المقبل، والذي يشارك فيه نحو 55 شخصية عربية فضلاً عن المبدعين المصريين، وفي نهاية مارس سيشرف المجلس على مهرجان القاهرة الدولي لسينما وفنون الطفل.

back to top