بين العدل والمساواة... ضاعت الطاسة
هل تعلمون أن العدل والمساواة مختلفان في المعنى والتطبيق، والفرق بينهما شاسع جداً؟!لنبدأ من بداية الموضوع، فالله تعالى من أسمائه العدل، أي أنه عادل وليس "مساوياً"، ولو حدث هذا وكان الله "مساوياً" بين البشر فلن يكون هناك عدل وحق أبداً، ولكن الله تقدست أسماؤه يعلم عن خلقه ما لا يعلمون، عادل لأنه لا يوزع الثروات والعقول والإمكانات بشكل متساوٍ، لكنه يعطي للبشر الفرصة ليدخلوا سباق الحياة ليفوزوا بما يريدون، فالفقير لا يبقى فقيراً، والمتأخر يمكن أن يتقدم، ولو كانت هناك مساواة في كل شيء لركدت الحياة وأصبحت كالصقيع لا شيء يغري بالعيش فيها.
عندما تضيع العدالة يتجه المرء إلى المطالبة بالمساواة، وهي السبيل الوحيد الذي يعرفه البشر لأنهم لا يعرفون العدل، فالمرأة مثلاً عندما هُضِمت حقوقها الربانية والإنسانية التي شرعها الله لها، وجُرِّدت من عدالة السماء انفجرت وخرجت مطالبة بالمساواة، وهذا ربما شيء لم ينتبه إليه العالم، هي لم تطالب بحقوقها ومساواتها بالرجل إلا عندما أخذ هذا الرجل حقوقها ونعتها بالنقص وقلة الحيلة، وربما كانت أفضل منه في نواحٍ كثيرة، ولو عرف هذا الرجل أن العدل بينهما كان سيوفر عليه الحرب معها ما فعل ما فعله.عندما يفوز حزب أو شخصٌ ما بالانتخابات ويحصل على أغلبية الأصوات بـ51 في المئة من الأصوات، فهذه مساواة وليست عدالة، فقد تجاهلنا الـ49 في المئة من الأصوات الرافضة له، وساويناهم بمن صوتوا له وحصلنا على امتقاع وكره الناخبين الغاضبين. عندما يتساوى الموظفون في نفس الراتب دون الأخذ في الاعتبار كمية العمل المنجز وسنوات الخبرة والتخصص، ولاسيما عندما يعمل موظف بوظيفة شخصين أو أكثر، في المقابل يكون الرد بأن يستلم راتبه لكنه يستلم راتباً واحداً عن عملين أو ثلاثة، فهذه ليست عدالة بل مساواة غاب عنها العقل والحكمة، فلا إنجاز ولا اهتمام بالعمل.العدالة إن ضاعت جاءت المساواة التي تصنع أشخاصاً بليدين ومجتمعاً متخلفاً واتكالية وعجلة تمشي إلى الوراء، أعرف أن هناك من سيقول إن الغرب لديهم مبدأ المساواة، وهم ليسوا متخلفين، نعم هم فهموا مبدأ المساواة بعدل، لكننا فهمناه بمبدأ الأعمى الذي يغمض عينيه عن الحقيقة، إن هناك أشخاصاً لا يستحقون المساواة، فليس هناك عقل يحمي هذه المساواة عندنا.وأخيراً سؤال بسيط: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"؟ صدق الله العظيم.