نحن نعيش مرة واحدة، إلا أن بعضنا يمر بتجارب عديدة في حياته، وكل يوم نحياه نعيش تجربة جديدة، إذا كان كل يوم مختلفاً عن الآخر، وكل يوم لك إضافات جديدة فيه، وكل يوم تزداد معرفة وترتقي بوعيك، من هنا يمكنك أن تجعل حياتك مخزوناً من التجارب، بحيث إذا مررت بموقف ما وتراءى لك، وكأنك مررت به من قبل فحينئذ يمكنك أن تستحضر ما تدربت عليه في الموقف السابق وتطبقه لترى المفعول السحري لذلك.

Ad

ولأقرّب المسألة أكثر، فمثلاً إذا تزوجت امرأة ما في سن صغيرة دون معرفة بالزواج ومسؤولياته، وكان الزوج لا يصلح لها، ولا يمكن أن تعيش معه طويلاً، فافترقت عنه، هنا كسبت معرفة بأن الزواج ليس مجرد لبس فستان أبيض وسفر و"طلعات" دون تفقه بفن اختيار الزوج، وعلى أي أساس يتم اختياره، ومتى يمكن الموافقة؟ وهل أوافق على الرجل الوسيم أم الغني أم المتدين؟ فتكون قد كسبت خبرة ومعرفة جديدة بحيث عندما يأتي الزوج التالي عليها ألا تندفع بل تضع العديد من الضوابط والمعايير للزوج، محددة أي نمط تختار، وهل يتوافق مع نمطها الفكري والديني والاجتماعي والثقافي والمالي، حتى لا تقع في ما وقعت فيه في أول زواج، وهنا تكون كمن عملت بروڤة، وجاء الوقت المناسب لمواجهة الجمهور.

وعادة ما يكون ذلك الجمهور هو ذات الإنسان بالأفكار التي يحملها، مما يعوقه عند اتخاذ أي قرار مادام لم يتدرب ولم يعمل أي بروڤة، لذا فخير طريقة لمواجهة ذاتك والابتعاد عن العدو اللدود، وهو الخوف، أن تقوم بعمل بروڤة، إذ إن الخوف أكبر عائق يؤخر طموحات الإنسان ويجعله، رغم معرفته بالشيء، في آخر الركب، نظراً لقيد الخوف الذي وضع نفسه فيه، وحتى يتخطى ذلك الحاجز عليه أن يقف وقفة واعية مع ذاته لإخراج ذلك الخوف منه بعدة طرق، إما بأن يتحدث إليه ويزيله شيئاً فشيئاً، أو يقحم نفسه في ما يخاف، ويحتاج هنا إلى شجاعة وإدراك بعواقب ذلك القرار، أو يسمح للخوف بالخروج منه بتصور الحالة التي يود أن يكون عليها، ومرةً بعد مرة يرى أن خوفه سيختفي، وبعدما تعيش تلك التجربة يمكنك أن تطبقها على أي شيء في حياتك، وتكون كمن يقوم ببروڤة.

ومعدات البروڤة في الحياة تتمثل في المعرفة التي تكسبك الإدراك، والعلم الذي يحثك على التطبيق، ثم التدريب، وخير عمل تؤدي له بروڤة سلوك تكرهه في نفسك أو تود كسب سلوك جديد تحبه في حياتك، عاهد نفسك على مدى واحد وعشرين يوماً أن تقطعه أو تمارسه، وكلما شعرت بالملل أو عدم الرغبة في المتابعة قل الآن... الآن آخر مرة، حتى تتمم الواحد والعشرين يوماً، فتكون إما كسبت صفة جديدة أو تخليت عن صفة ذميمة، واستعن بالله ولا تعجز.