دول الخليج وتحدي «دلو الثلج»

لا شك أن القمة الخليجية الأخيرة قد كشفت بتحديها للثلج المسكوب أيضا تبايناً في الآراء بين متفائل بالاندماجية الاقتصادية الخليجية، والتطبيق الفعلي لتوحيد القوانين التجارية لخدمة المواطن وأصحاب العمل التجاري والوظيفي، بالإضافة إلى تنفيذ بنود إعلان الكويت، أي إنجاز الربط الكهربائي الذي انطلق أيضا في الكويت عام 2009 والربط المائي، وتعديل الميثاق الأساسي.

 اعتدنا كباحثين ومحاضرين في العلاقات الدولية أن نكرر في كل محاضرة تتطرق للعلاقات الدولية أن "علم العلاقات الدولية يهتم بالمجتمع الدولي ومشاكله وقضاياه، والسياسات الخارجية امتداد للسياسات الداخلية، فيحدد مناطق الخطر ومواضع الضعف، ويشير بالحلول لتفادي الخطورة وتعويض الضعف"، وفي المنظمات الدولية الإقليمية كمنظومة مجلس التعاون الخليجي نكرر أيضا أنها "تجمعات تتألف من دول وتنشئها الاتفاقيات الدولية لتحقيق أهداف مشتركة بواسطة أجهزة خاصة بها، كما أنها تطور إرادة الدول الأعضاء".

وما زلنا نكرر تلك الكلمات حتى وقفنا أمام حادثة سحب السفراء من قطر، فأصبحت العلاقات أمامنا كأنها في سباق تحدي "دلو الثلج" الآخذ في الانتشار لأسباب متعددة، فمن يتحدى "برود" العلاقات الخليجية مؤخرا؟

 الكويت وبحكمها رئيسة للمنظومة الخليجية حاليا واجهت "تحدي الثلج"، وذلك بسكبها قوالب من الثلج على أزمة الخلاف وسحب السفراء من قطر، فاحتوت الخلاف الخليجي أثناء المؤتمر، وتعاملت معه بواقعية دون اللجوء إلى التصريحات التي تنفي حدوث الخلاف أو تلك التي تبالغ في "اللحمة الخليجية" إنما اكتفت بالبيان المختصر "البارد" الذي أصدرته الأمانة العامة بالرياض، وانتهت بعد القمة بالجهد الدبلوماسي الشخصي لصاحب السمو في رأب الصدع الخليجي.

 بعدها انطلقت الرحلات المكوكية لوزراء الخارجية للوصول إلى تسوية انتهت بالخطة التنفيذية الواقعية لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، الذي بادر بنفسه بالصلح الخليجي، وعادت المقالات اليومية في صحف الخليج مرة أخرى متسائلة عن أثر عودة السفراء في مشروع الاتحاد الكونفدرالي الخليجي، والانتقال إلى مراحل متقدمة من الاندماجية؟

لا شك أن القمة الخليجية الأخيرة قد كشفت بتحديها للثلج المسكوب أيضا تبايناً في الآراء بين متفائل بالاندماجية الاقتصادية الخليجية، والتطبيق الفعلي لتوحيد القوانين التجارية لخدمة المواطن وأصحاب العمل التجاري والوظيفي، بالإضافة إلى تنفيذ بنود إعلان الكويت، أي إنجاز الربط الكهربائي الذي انطلق أيضا في الكويت عام 2009 والربط المائي، وتعديل الميثاق الأساسي قبل توسعة المجلس وتحويله إلى اتحاد؛ لضمان عدالة التصويت أسوة بالاتحاد الأوروبي.

 وكشفت أيضا عن تيار متشائم بالشق الاقتصادي، ولا يرى إلا أفق الاتفاقية الأمنية فقط، وغياب التنسيق وانفرادا في اتخاذ القرار من بعض الدول على حساب دول أخرى، دون الأخذ بعين الاعتبار المعوقات التي تحول دون الاندماجية الاقتصادية؛ لذا فالكرة في ملعب الكويت حالياً لتحافظ على الوضع التوافقي الحالي بين دول الخليج وتدفع بالقوانين الاقتصادية للتنفيذ، وتضيف بنداً هاماً إلى إعلان الكويت ألا وهو الاهتمام بالمواطنين الخليجيين بشكل عام، المسنون منهم والشباب والنساء والأطفال، ورغم تراجع دور جهاز الأمانة العامة مقارنة بالسنوات الماضية فإن أمامها فرصة للاستفادة من البيئة المناسبة للتنسيق الإداري والقانوني للاتفاقيات والقوانين بين دول الخليج في فترة ما بعد "تحدي قوالب الثلج".

كلمة أخيرة:

رواد الفن الراقي في الخليج وأبرزهم سعاد عبدالله وحياة الفهد وعبدالحسين عبدالرضا لا يستحقون إلا التقدير والتكريم، ومكانتهم أرفع من العصا الغليظة التي تحتمي باسم تطبيق القانون قبل أن تعود إلى سباتها العميق.