قبل سنة خلت دخل تد وشلر، وهو نصف الثنائي الذي يحتمل أن يستحوذ ذات يوم على محفظة أسهم بيركشير الضخمة والإرث الاستثماري العملاق لوارن بافت، دخل في سباق مع «أس آند بي 500». وكان وشلر يتقدم بصورة طفيفة حيث حقق مكاسب بلغت 20 في المئة مقابل 18 في المئة حققها مؤشر «إس آند بي» خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2013، بحسب تقديرات جمعتها مجلة فورتشن.

Ad

وفي شهر نوفمبر أعلنت واحدة من كبرى شركات وشلر، وهي المزودة التلفزيونية ديرك تي في عن إضافة 139 ألف شخص الى قائمة مشتركيها. كما أبلغت جهة اخرى تابعة لوشلر – مركز الديلزة دا فيتا هيلث – عن أرباح أفضل من التوقعات. وارتفع السهمان معاً، وبحلول نهاية السنة زادت محفظة وشلر 11 في المئة اخرى.

وفي رسالته السنوية الى المساهمين في شهر ابريل الماضي كشف بافت عن أن وشلر وشريكه تود كومبس تفوقا على السوق «بسهولة»، وحققا لشركة بيركشير «مليارات ما كنا لنتمكن من الحصول عليها»، حسب ما أبلغت «اوراكل اوف اوماها» سي إن بي سي في ذلك الشهر.

ما سوف يحل بشركة بيركشير بعد بافت – 84 سنة – قد يمثل قصة الخلافة الأكثر متابعة في تاريخ الشركات الأميركية. ولا يظهر المستثمرون حالة من الاضطراب إذا كانت تتملكهم، ووصلت أسهم بيركشير اي في الصيف الماضي الى أكثر من 200 ألف دولار، كما ان هذه الكتلة التي تملك العشرات من الشركات لديها رسملة سوقية تبلغ 331 مليار دولار. والسؤال هو ما إذا كانت بيركشير ستتمكن من مواصلة نجاحها الممتاز بعد غياب بافت.

ويشكل أداء كومبس ووشلر جزءاً كبيراً من الجواب على ذلك السؤال. واعتباراً من منتصف هذه السنة تمكنا من تحقيق ما مجموعه أكثر من 14 مليار دولار في محفظة أسهم بيركشير البالغة 115 مليار دولار. وتصادف في هذا الشهر الذكرى السنوية الرابعة لقرار بافت بتعيين كومبس في منصبه. وقد انضم وشلر الى الشركة بعد أقل من سنة. وثمة شخص ثالث لم تتم تسميته بعد سوف يقوم بادارة العمليات التجارية لشركة بركشير التي أصبحت شريحة أكبر من أصول الشركة في العقد الماضي. (ويقول بافت إن ذلك الشخص قد تم اختياره). وتجدر الاشارة الى أن هذه الخطط ليست نهائية كما أن بافت لا يعتزم التقاعد عما قريب.

وقد عرض الرئيس التنفيذي لشركة بركشير القليل من التفاصيل حول أداء المجموعة المختارة من الأشخاص الذين سوف يخلفونه في منصبه. والشركة مطالبة بالكشف عن موجوداتها بصورة فصلية، ولكنها ليست ملزمة بالكشف عن المدير الذي اختار سهماً معيناً ولا بأي سعر تم ذلك. ونتيجة لهذه الحال ظل أداء الثنائي مجرد لغز غامض.

وانطلقت مجلة فورتشن لحل ذلك اللغز، وقمنا بتمحيص ملفات عامة، واستطلعنا آراء محترفين استثماريين يعرفون بافت وكومبس ووشلر، وأجرينا البعض من التخمينات. وكان لافتاً أن الرجلين تفوقا على «اس and بي 500» خلال عملهما في بيركشير (ويتم تحديد تعويضهما وفقاً لحجم تقدمهما على ذلك المؤشر خلال ثلاث سنوات).

وكان كومبس الأفضل أداء حيث حقق عوائد تراكمية بلغت 116 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية – أي أكثر من ضعف ما حققه مؤشر «اس and بي» خلال الفترة ذاتها عند 55 في المئة. وارتفعت محفظة وشلر 81 في المئة ولكن كانت لديه 3 سنوات فقط من أجل اثبات نفسه. أما اختيارات كومبس فقد ازدادت بدرجة لافتة بلغت 51 في المئة خلال السنة الماضية فقط، كما أن وشلر يتقدم تماماً على السوق في هذه السنة.

«يميل كومبس الى شراء وبيع الأسهم بصورة أسرع كثيراً من بافت. ويفضل وشلر شراء قلة من الأسهم والاحتفاظ بها لفترة طويلة».

اختلف المسار إزاء بيركشير بالنسبة الى كومبس ووشلر. كان كومبس في التاسعة والثلاثين من العمر وأدار صندوقاً يدعى كاسل بوينت أدفايزورز بقيمة 400 مليون دولار فقط عندما وظفه بافت. أما وشلر وهو مؤسس صندوق تحوط ناجح يدعى بنينسلا كابيتال فلم يكن على شاشة بافت قبل أن يتناول معه طعام غداء حيث دفع 2.6 مليون دولار في مزاد خيري. كان بافت ينتقد صناديق التحوط، ولكنهما حققا تفاهماً. وفي غداء السنة التالية دفع وشلر 2.6 مليون دولار أيضاً، وقرر بافت تشغيله.

وتظهر نظرة الى الأسهم التي اختارها كومبس ووشلر منذ انضمامهما الى بيركشير وجود قواسم مشتركة في فلسفتهما الاستثمارية مع فلسفة بافت (ولا غرابة في ذلك) كما أن كومبس ووشلر عمدا الى شراء شركات تلفزيونية مثل ديريك تي في وديش وفي الآونة الأخيرة تشارتر كوميونيكيشنز التي تدر الكثير من التدفقات النقدية ولديها ما يدعى «خندق مائي» تجاري – ومن الصعب الخوض في هذا النوع من الأعمال.

وهذان هما المساران المنشودان من قبل بافت، وكما أنه يحب الماركات الأميركية المتميزة مثل كوك وهاينز فقد قام كومبس بشراء أسهم في شركة الجرارات دير. ويحتفظ بافت منذ وقت طويل بأسهم شركة أميركان اكسبرس فيما اختار كومبس فيزا وماستر كارد.

وتختلف استراتيجية كومبس ووشلر في جوانب اخرى عن بافت... والمثل الجلي هنا هو ليبرتي ميديا ورئيسها التنفيذي جون مالون. وقد اشترى كومبس ووشلر أسهما في فروع متعددة لمالون التي تتسم بهيكلية معقدة.

ويتوخى بافت الحذر إزاء ذلك التعقيد الذي يرى أن من الصعب فهم طريقة العمل فيه.

وبغية احتساب العوائد استخدمنا السعر المتوسط للأسهم التي قام كومبس ووشلر بشرائها خلال الربع الماضي. وقد يخفض ذلك الأسلوب بصورة مصطنعة حسابنا لعوائد الرجلين نظراً لأن من المحتمل تماماً قيام تجار مهرة بالشراء بأسعار أقل من المعدل. ولم نضمن الأرباح في حساب عوائدهما أو تلك الخاصة بمؤشر «اس and بي 500» لأنه لا يبدو أن كومبس ووشلر أعادا استثمار أرباحهما. ولايزال على بيركشير تقديم بيانات موجوداتها عن الربع الثالث ولذلك فقد تمكنا من حساب الأداء حتى منتصف السنة فقط.

حقق كومبس ووشلر بعضاً من الاستثمارات المجزية في بيركشير، وبدا أن لديهما حنكة الشراء عندما تدنو الأسعار من مستوياتها الدنيا. وقد اشترى وشلر أسهم الشركة الكندية للنفط صنكور في منتصف سنة 2013 بسعر بلغ حوالي 30 دولارا ً للسهم ويتم تداوله الآن عند 36 دولاراً.

وكانت أسهم شركة ماستر كارد مجزية تماماً لكومبس. وكان السهم يومها يساوي 25 دولاراً – وهو أول استثمار له – ويتم تداوله اليوم عند 74 دولاراً.

مطبات

تعرض كومبس ووشلر، طبعاً، لبعض المطبات. وكافح كومبس ففي الآونة الأخيرة – وقد بلغت أسهم شيكاغو بريدج آند آيرون في محفظته للسنة 800 مليون دولار ولكنها هبطت 30 في المئة بسبب أنشطة البناء الضعيفة. وبشكل اجمالي تراجعت محفظة كومبس بحوالي 1 في المئة في النصف الأول من السنة فيما ارتفع مؤشر «اس آند بي 500» بنسبة 7 في المئة واشترى كومبس أسهم انتل في أواخر سنة 2011 بأكثر من 21 دولاراً، ثم باع حصته المتبقية بعد تسعة أشهر بأقل من 20 دولارا للسهم.

وقد هبطت أسهم شركة جنرال موتورز – وهي واحدة من أكبر موجودات وشلر – 21 في المئة في هذه السنة في أعقاب فضيحة الشركة المتعلقة بالخلل في مفاتيح الإشعال. واشترى وشلر السهم بحوالي 22 دولاراً ثم باع البعض عند 36 دولاراً ولايزال يحتفظ بالبقية عند 32 دولاراً. المستثمرون الآخرون قد يندمون لعدم بيعهم المزيد من الأسهم عندما كانت فوق الـ40 دولاراً قبل فضيحة مفاتيح الإشعال، ولكن وشلر أضاف ما يعادل 100 مليون دولار من الأسهم في الربع الثاني من السنة.