يستعد نائب رئيس الوزراء العراقي السابق والزعيم السنّي البارز رافع العيساوي، لترتيب زيارتين نادرتين لكل من «طهران» و«واشنطن»، تقوم بهما لجنة العلاقات الخارجية التي تمثِّل المؤتمر السنّي الذي عُقد في «أربيل» منتصف ديسمبر الجاري، في أول تجمع واسع ينظمه سنّة العراق لإعادة ترتيب صفوفهم بعد الانهيار العسكري في يونيو الماضي.
وتحدّث قادة سنّة، أبرزهم العيساوي ومحافظ نينوى أثيل النجيفي، عن أنهم باتوا مستعدين الآن للحوار مع بغداد وواشنطن وطهران أيضاً، حول مستقبل الإدارة في المحافظات السنية في مرحلة ما بعد تنظيم «داعش»، التي يرون أن الاتفاق الواضح بشأنها يوفِّر مناخاً صحيحاً لاشتراك كل القوى السنية في طرد المسلحين المتشددّين.وفي هذا الإطار تبرز قضيتان، الأولى: منح السنّة لامركزية إدارية واسعة تضمن لهم عدم الخضوع لما يرونه سياسات طائفية تمارسها بغداد أحياناً في حقهم، وهذا مطلب ليس سنياً إذ تنشغل البصرة اليوم بالإعداد لإعلان نفسها إقليماً لامركزياً، بينما يحتفل الأكراد منذ شهر باتفاق تاريخي مع «بغداد» يعترف بشرعية إدارتهم المستقلة لحقول النفط كرمز للامركزية شديدة، يتمسّكون بها.والقضية الأخرى التي سيبحثها الزعماء السنّة هي الاعتراف بأن يكون للإقليم السني أو المحافظات السنية قوة مسلحة تحت مسمى «الحرس الوطني»، ويقول الساسة السنة، إن ذلك ليس مجرد فكرة أو مشروع قانون، بل اتفاق متكامل أبرم مع حكومة حيدر العبادي ووسطاء من وزارة الدفاع الاميركية، على أساس أن لا أحد سيتمكَّن من طرد «داعش» سوى المقاتلين السنة، وأن لا أحد سيمنع ظهور «داعش» في محافظاتهم مستقبلاً، سوى السنة أنفسهم، وهم يكررون القول، إن استخدام قوات شيعية أو جيش حكومي يتحكم به الشيعة، سيثير مشاعر قلق تسمح لـ«داعش» باستغلالها وطرح نفسه حامياً لأهل السنة في العراق، ما ينبغي للحكومة تفهمه وتفويت فرصة استغلاله على المتشددين.ويقول السنّة، إن الأشهر الماضية شهدت حوارات مثمرة للغاية وبعيدة عن الأضواء، حتى أن شخصيات سنّية كانت مطلوبة للقضاء في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، باتت تتواصل مع مسؤولين حكوميين وأمنيين كبار في حكومة العبادي بهذا الشأن.إلا أن هناك أمراً غير واضح، حسب مصادر سنية، طرأ وجعل العبادي يبطئ تنفيذ الاتفاقات، خصوصاً بشأن الحرس الوطني، مرجحة أن يكون تأثيراً إيرانياً مباشراً، فطهران لا تخفي قلقها من ظهور قوة مسلحة سنّية معترف بها رسمياً، وتتأسَّس تحت إشراف أميركي مباشر، إذ قد تنجح هذه القوة في طرد «داعش»، لكنها ستعلن السنة العراقيين قوة شبه مستقلة معارضة لأشكال النفوذ الإيراني في العراق.وعند هذه النقطة بالتحديد، يشعر المراقبون بفضول كبير وهم يترقَّبون ذهاب الوفد السنّي إلى إيران في زيارة نادرة، يكون على جدول أعمالها شرح مبررات مطالبهم الرئيسية، وسبل تخفيف الاحتقان المذهبي الذي تستفيد منه القوى المتطرّفة وعلى رأسها «داعش»، ومن المفترض أنهم سيحرصون على ترديد أن التهديد الكبير المشترك للطائفتين يفرض على إيران أن تتفهم مطالب السنّة ولا تعارضها، مقابل أن تتم كل الترتيبات في إطار تفاهم وتنسيق مع حكومة بغداد التي يرأسها اليوم شيعيّ معتدل متحمِّس للإصلاحات السياسية.وليست طهران مرشحة للتعامل بمرونة مع مطالب سنّة العراق، لكنها تفهم أنها مطالب يدعمها تيار شيعي معتدل في حكومة العبادي، وتحظى بغطاء إقليمي ودولي، حيث تعتبر قوى عديدة على رأسها واشنطن، هذه الإصلاحات السياسية، شرطاً لا تراجع عنه لمساعدة العراق على مواجهة أزماته، وهي إصلاحات من شأنها التأثير على مجمل التوازنات في المنطقة، برمتها.
آخر الأخبار
سنّة العراق يستعدون لحوار نادر مع طهران
28-12-2014