مرتشون بيننا!
الطلب الموجه إلى الوزراء يفتت، بطريقة لا لبس فيها، الصورة الملائكية لمجتمع لا يختلف عن المجتمعات الأخرى في كثير من تفاصيل حياتها اليومية، الجيد منها والسيئ... فنحن اليوم أمام أناس مرتشين من الجنسية الكويتية، وتلطيفاً للجو قالت رسالة الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأنها عادة دخيلة.
أول العمود: الخطة الإعلامية التي أعدتها وزارة الداخلية لحملة جمع السلاح تعد نموذجاً جيداً يحتذى به لأي حملة وطنية أخرى بسبب إشراكها للمجتمع في هذه الحملة.***في 17 فبراير الجاري، كشفت الصحافة المحلية فحوى رسالة صادرة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتضمن تلمُّس سمو رئيس مجلس الوزراء لموضوع الرشوة في الإدارات الحكومية، وتكدس المعاملات بسببها، والطلب من وزرائه عبر هذه الرسالة، تفعيل إجراءات المكافحة لسلوك وصفه بـ"الدخيل على المجتمع" بالتعاون بين الجهات المختلفة، ولاسيما وزارة الداخلية. أعتقد أننا أمام أكثر من فهم واستحقاق، فرئيس الوزراء هنا هو المبلغ عن الرشاوى، لا مغرد في "تويتر" كما اعتدنا أخذ المعلومة في بيئتنا الاجتماعية، وسموه يرأس السلطة التنفيذية، ويدير ويهيمن من خلال مجلس الوزراء الموقر على مقدرات الدولة بنص الدستور، إذن نحن أمام إعلان، اعتراف، شكوى، تحذير، فلنسمه ما شئنا، وهي خطوة جريئة من رئيس الحكومة لبداية عملية إصلاح في جهاز الإدارة العامة.الملاحظة الأخرى أن هذا الطلب الموجه إلى الوزراء يفتت، بطريقة لا لبس فيها، الصورة الملائكية لمجتمع لا يختلف عن المجتمعات الأخرى في كثير من تفاصيل حياتها اليومية، الجيد منها والسيئ... فنحن اليوم أمام أناس مرتشين من الجنسية الكويتية، وتلطيفاً للجو قالت رسالة الأمانة العامة لمجلس الوزراء بأنها عادة دخيلة.وما يمكن فهمه بسهولة من الرسالة أنها تشكل طلباً واضحاً ومباشراً لكل وزير بعمل خطة لوقف الرشاوى في وزارته وتسريع أعمال إنجاز المعاملات، والتعاون من باقي الأجهزة الحكومية، والاستعانة بخبرات التحري في وزراة الداخلية لكشف المرتشين.ما نتوقعه هنا كخطوة أولى هو تحديد خط ساخن لتلقي بلاغات الرشى من المواطنين والمقيمين، وما نتوقعه أيضاً تفعيل دور العميل الوهمي في الدوائر الحكومية بالتعاون مع وزارة الداخلية لتحري مواقع تلقي الرشاوى، ومن المعلوم أن هيئة مكافحة الفساد، التي أنشئت بموجب القانون رقم 12 لسنة 2012، معنية بطلب سمو رئيس الوزراء وبشكل مباشر، حسب نص المادة 4 فقرة 4 من قانون إنشائها، وهو "حماية أجهزة الدولة من الرشوة والمتاجرة بالنفوذ وسوء استخدام السلطة لتحقيق منافع خاصة ومنع الواسطة والمحسوبية".قضية أخرى قد يروج لها أصحاب رأي آخر، وهي صعوبة إثبات الرشوة في بعض الأحيان، وهو قول مستحق، لكنه مشروط ببقاء نمط الإدارة الحالي الذي يعتمد على العمل اليدوي والتدوين الكتابي، بعيداً عن فكرة العمل الآلي الذي بدأت به وزارات معينة، كما ستقوى حجة هذا الفريق مادمنا لم نبدأ العمل بأساليب المكافحة والاستفادة من تجارب الدول الأخرى.وأضيف أيضاً أن التوعية بمسألة الرشاوى ضروري، وهو من مهام وزارة الإعلام وهيئة مكافحة الفساد، إذ قد يعتقد الموظف أن استلام هدية، أو مبلغ من متقدم لمناقصة، شيء عادي، حتى وإن بدت الإجراءات سليمة وتنتهي بترسية قانونية في نهاية الأمر، لكن يبقى أن هناك رشوة تم قبضها.وما نتوقعه أيضاً بعد هذا الجرس أن يخرج وزراء متقاعسون من الوزارة بسبب عدم وقف الرشى في وزاراتهم والهيئات التابعة لها.