طيب... وماذا عن ليبيا؟

نشر في 22-11-2014
آخر تحديث 22-11-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي بعد المصالحة الخليجية الأخيرة نتيجة المساعي الطيبة التي بذلها الخيِّرون ورغم التكتم على بنود الاتفاق، وهذا شيء علينا تفهمه تماماً نظراً لحساسية الوضع ودقته، وارتباط الاتفاق بعدة ملفات مهمة، فإن رسالة الديوان الملكي السعودي لرئاسة الجمهورية المصرية فتحت بعض مكنون هذا الاتفاق، وكانت الرسالة تتبنى نفساً "تصالحياً" بين مصر وقطر.

وكان الرد الإيجابي السريع من الرئاسة المصرية يشير إلى أن الرسالة وصلت قبل الإعلان عنها، وبالتالي انسجم الرد الرئاسي في سرعته مع توقيت الرسالة الملكية، فبدا واضحاً أن هناك ترتيبات تُجهَّز وملفات تبحث، وربما بدأت مفاوضات في الغرف المغلقة دون إعلان، فالمصالح أحياناً تقتضي التكتم، ولكل ضرورة أحكامها.

وكمثال... أتذكر هنا اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والصهاينة، الذي فوجئ به العالم وقتها، حيث لم يتم الإعلان عنه إلا بعيد الاتفاق بينهما، غير أن المصالحة بين مصر وقطر لن تكون بالسهولة التامة، رغم الدعم الخليجي لها، لأنها شائكة وتتطلب تنازلات قد تكون مكلفة للطرفين، والمفترض وجود وسيط محايد ومقبول لديهما لتحديد أولويات التفاوض.

والملفات المقصودة ليست متعلقة بالداخل المصري فحسب بل حتى خارج حدود مصر، ففي الداخل هناك ملف الإخوان المسلمين وتداعياته المعروفة والدعم القطري لتلك الجماعة، وبطبيعة الحال فإن هذا الدعم ليس لله، بل إنه دعم سياسي واقتصادي يتمحور حول مصالح مشتركة واستثمارات ضخمة، لذا أظن أن الأهم هو الوصول إلى اتفاق بهذا الشأن، وهو الشأن الأصعب؛ فقطر تستضيف قيادات إخوانية مطلوبة قضائياً تعتبرها القيادة المصرية خطراً عليها... كما أن قطر تبث قناة تلفزيونية موجهة إلى الداخل المصري وتغطي الفعاليات المناهضة للحكم الحالي والمؤيدة لحكم المعزول، وتحظى بنسبة مشاهدة عالية، فضلاً عن أمور أخرى لسنا بصددها الآن.

لذلك، أتوقع أن يكون الاتفاق في هذا الملف هو المدخل لتسهيل بقية الملفات، فهو الملف رقم واحد والأخطر، وإذا نظرنا إلى الخارج المصري فالخلاف تصل حدوده إلى ليبيا حيث تدعم مصر ودول خليجية الجنرال خليفة حفتر في مساعيه العسكرية، وفي المقابل تدعم قطر قوات عسكرية ذات شعارات إسلامية، وسرت شائعات عن تدخل طائرات عسكرية مصربة في الحرب الدائرة هناك وأقصد هنا مدينة بنغازي، إلا أن مصر نفت صحتها.

وواضح أن التداخلات في ليبيا هدفها كسب مزيد من الأوراق التفاوضية انتظاراً لجلسة مفاوضات مرتقبة، وها نحن بها الآن وتلوح بيارقها. ولا ننسَ أنه قبل أيام قليلة قام عبدالله الثني رئيس الوزراء الليبي المعترَف به مصرياً وسعودياً بزيارة مفاجئة للسعودية بعد زيارة أيضاً كانت مفاجئة لمصر! وهنا يتبين الترتيب المرتقب للملف الليبي بتشكيل رؤى تتفق عليها الأطراف يتحدد من خلالها الوضع المستقبلي للإدارة السياسية في ليبيا، وأعتقد أن هناك تصوراً لنقل التجربة المصرية إلى ليبيا بوجود حفتر والثني كرأسي حربة، عسكرياً وسياسياً في ليبيا.

لا أعتقد أننا سنرى اتفاقاً سريعاً بين الدولتين، فالملفات صعبة والمصالح متناقضة، وحتى مع الدعم الخليجي المتوقع لهذه المفاوضات ربما يتأخر التفاوض! لكن الأهم هو الوصول إلى اتفاق مبادئ تقوم على أثره المفاوضات، بحيث يتم الاتفاق على خطوط عريضة بطريقة لا غالب ولا مغلوب، بعدها يتم الدخول في التفاصيل، ولا يمكن تصور غياب مصر والسعودية والإمارات عن مفاوضات الملف الليبي، فالمصالح متشابكة ومتداخلة.

وأي مكابرة قد تكلف صاحبها، فالبلدان يملكان أوراقاً تفاوضيه ثمينة، وعندما تتضح النوايا الحسنة التي تترجمها اتفاقات مقنعة هنا سنجد المسار التفاوضي يسير بأسرع مما كتب له.

 وهنا لا أعلم نوايا البلدين بشأن الملف الليبي، وكيف سيتم التعامل معه، فمصر تعتبر الأمن في ليبيا جوهرياً ومهماً لأمنها، وقطر تعتبر دعمها لقوات ليبية ذات صبغة إسلامية دعماً لتحقيق مصالح معينة لها، لذا يبرز التساؤل: ماذا عن ليبيا؟ هل ستتم مقايضة الداخل المصري بالخارج الليبي؟ إن غداً لناظره قريب.

back to top