يجمع الفنان الإيراني محمد بوزرجي في أعماله بين الرؤية الخيالية والمتعددة الأبعاد للفن البصري وبين التماثل المعقد والابتكار التصويري للمخطوطات الإسلامية. يبتكر تركيبات تبدو نابضة بالحياة لأن النصوص العربية والفارسية تخلو من التوجه الخطي.
من خلال الانتقال إلى الأشكال السائلة التي تطفو أو تحتشد أو تدور في مختلف أجزاء اللوحة، يتغير المعنى السيميائي لخط الرسام، فيبدو وكأنه يتجاوز عالمه الروحي الأصلي عبر إيحاءات عن مواضيع ملموسة ووقائع، ما يجعل مجال التقوى المقدس أقرب إلى التجربة الحسية.في أعماله الأخيرة التي يعرضها في «غاليري أيام» في دبي تبدو تقنيات بوزرجي الشكلية والمنهجية مستوحاة من أسس إيمانه الإسلامي وهي تجعله يحوّل، بدقة متناهية، أسماء الله المتعددة وغيرها من الكلمات المفاتيح ومقاطع القرآن الكريم إلى تعابير بصرية قوية توحي بالوجود الماورائي. تشير الدلالات الرمزية الكبرى التي استعملها الفنان إلى المخططات التمثيلية الملونة للفن الإسلامي، وتصف الطاقة التي تشعّ من أشكاله وتضيف ثقلاً روحياً إضافياً إلى لوحاته مع نفحة من الحيوية اللافتة.التكرار المعقديستعمل بوزرجي في أحدث أعماله أسلوب التكرار المعقد تقنياً والتماثل لابتكار تركيبات واسعة وغنية. ثمة {انعكاس} بين طرفَي اللوحة، وتبدو الأحرف والأرقام الفردية متداخلة وممدودة، ما ينتج لوحات دراماتيكية ومتعددة الألوان. سيندهش المشاهد على هذا المستوى بالتعديلات اللامتناهية للأشكال التي يستعملها الفنان، وهذا الجانب من عمله يبدو أشبه بالتأمل لأن المشاهدين مدعوون لدخول عالم من المساحة غير المحدودة حيث تبدو عملية الابتكار لامتناهية أيضاً مع الخطوط والكلمات والأشكال التي تتصادم وتتوحد، ما يمهّد لنشوء نطاقات واسعة.يتعامل محمد بوزرجي مع فن التخطيط برؤية هندسية لا بد من تواجدها في البنية الحسابية للأحرف وتناسقها، لا سيما تلك الواردة في سلسلته {بكاء على الشرف}. براعته في التعامل مع التقاليد القائمة منذ قرون هي نتيجة دراسات مكثفة لأشكال التخطيط الكلاسيكية، مثل الديواني والكوفي والنستعلیق والنسخ والسوليس والمُحَقَّق والنستعلیق المتقطع، لتطوير أحرف منمّقة ومميزة ترتكز على النماذج العربية والفارسية. بعد التدرب مع {جمعية الخطاطين الإيرانيين} لأكثر من عشر سنوات.غادر بوزرجي المعهد لتعلّم أشكال أكثر ابتكاراً من الخطوط. استناداً إلى خلفيته المعمارية، يقوم بحسابات نوعية عند بناء أعماله، فيستعمل توجيهات علم الهندسة لإنشاء أوهام تجريدية من الحركة والفراغ. وبناءً على إنجازات أسلافه، كتلك التي قادتها مدرسة {سقاخانه} للرسامين الإيرانيين خلال الستينات، أصبح بوزرجي شخصية رائدة ضمن {الجيل الجديد} من الخطاطين المعاصرين.وُلد محمد بوزرجي في طهران في عام 1978. يحمل إجازة في علوم الهندسة الطبية الحيوية إلى جانب شهادة ماجستير من معهد الإدارة الصناعية وشهادات بدرجة {ممتاز} من جمعية التخطيط الإيرانية. نُظمت معارضه الفردية والجماعية الأخيرة في {غاليري أيام}، جدة (2014)، و}غاليري حوما}، طهران (2014)، و}غاليري نيكولاس فلامل} (2013)، و«غاليري كاشيا هيلدبراند}، زيورخ (2012).
توابل - ثقافات
لوحات محمد بوزرجي... «إيقاعات روحية» في دبي
30-04-2015