موسى بن نصير، ذلك القائد الباسل، التابع لعبدالعزيز بن مروان، بطل شجاع واجه البربر أثناء تمردهم وعصيانهم في تلك الحقبة، حيث كانت جماعة من البربر في ذلك الوقت تعبد الأوثان، وبعضها، على خلفية اختلاطها بالروم، اعتنق النصرانية لكن هؤلاء كانوا قلة.
كانت لكل قبيلة أصنامها الخاصة بها وعباداتها، وبدون شك كهانها، الذين بدورهم يديرون شؤونها وأمور الحكم فيها، حيث كان الكهان في ذلك الوقت سلطة مهمة مثل كهان الجاهلية عند العرب قديماً، غير أن الكاهن عند البربر كان يطلق عليه "ماربوط".ومن ضمن تلك القبائل القوية والشديدة كان هناك قبيلة تدعى "الصدف"، وهي القبيلة التي أتى منها طارق بن زياد فاتح الأندلس، ولهذا السبب لقب بـ"الصدفي"، عاش طارق في قبيلته عيشة البدو وكان يعتنق الوثنية، اشتهر منذ صغره بين رفاقه بالفروسية والشجاعة، وبخلاف البربر، سمر البشرة، سود الشعر، كان طارق ذا شعر أشقر وعيون زرقاء، أبيض اللون، ولكن لونه تحول إلى السمرة وتضخمت أعضاؤه بسبب معيشة البراري وركوب الخيل وتأثير الطقس على ملامحه، كان واسع الصدر، خشن الكف، كثيف الشعر، إلا أنه كان محبوباً جداً من قبل البربر لخفة روحه وبسالته النادرة.أسلم طارق على يد موسى بن نصير، وتشير بعض الكتب إلى أن موسى أساء إلى طارق كثيراً حتى اعتنق الإسلام، ولكنه استشف فيه روح القيادة والقوة والبسالة، فسلمه قيادة الجيش لفتح بلاد الأندلس، وأعد موسى 7000 من الموالي والبربر والقليل من العرب ليكونوا تحت قيادة طارق، وبعد نزولهم على جبل على الشاطئ سمي هذا الجبل بجبل طارق وبات الإسبان يطلقون عليه Gibraltar وتنطق خيبرالتار، وفي أثناء الفتح طلب طارق المزيد من الجيش، فأمده موسى بما يحتاج حتى تم الفتح.قتل طارق الملك رودريغو، وفتح إشبيلية، ثم قرطبة، ثم دخل طليطلة عاصمة الأندلس وغيرها من المدن، فغضب موسى بن نصير وحذره من التوغل في الفتوحات مهدداً بعزله، ولكن الخليفة الوليد بن عبدالملك أصلح بينهما، فأكمل طارق مشواره في الفتح.طلب الوليد بن عبدالملك، الذي كان على فراش الموت، طارقاً وموسى، بسبب كثرة المشاجرات بينهما، محاولاً فض هذا الخلاف، في وقت يرى بعض المؤرخين أن هدفه كان عزلهما عن السلطة، وبمجرد وصول طارق إلى بلاد الشام اختفت أخباره، دون أن يعرف التاريخ ماذا حل بهذا البطل، أما موسى فعُزِل حين تولى سليمان زمام الخلافة، ثم قُتِل ابنه.ودمتم بشجاعة أبطال مثل طارق بن زياد...
مقالات
موسى وطارق... وحقائق تاريخية أندلسية
06-06-2015