قال أنس الصالح إن الكويت تسعى في هذه المرحلة إلى تكثيف جهودها الرامية إلى إحداث نقلة نوعية في بنيتها الاقتصادية، وذلك في إطار رؤية استراتيجية لتطوير الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن برنامج إصلاح الإدارة المالية سيأتي مرادفاً لخطة التنمية، لأن الإنجاز سينعكس مباشرة عليها.
أكد وزير المالية أنس الصالح أن عملية اصلاح الادارة المالية للدولة تهدف إلى خلق بيئة تشريعية مالية مرنة إضافة إلى وضع موازنة مرنة مبنية على اقتصاد كلي لخلق أدوات قياس ترفع مستوى الكويت في كفاءة ادارة الموارد المالية.وأضاف الصالح في تصريح صحافي على هامش مشاركته في «مؤتمر يوروموني 2014» الذي عقد صباح امس أن الكثير من المختصين أشاروا الى ضرورة البدء بإصلاح الادارة المالية للكويت، مضيفاً أن وزارة المالية اتخذت مؤخراً قرارا بالتعاقد والتنسيق مع البنك الدولي بإعداد برامج لاصلاح الادارة المالية للدولة.وقال انه لن يكون هناك انعكاس مباشر على الميزانية القادمة ولكن سيكون هناك ادوات قياس واضحة لخطة عمل الحكومية، موضحاً ان التقارير الحكومية ستكون مبنية على حجم انجاز المشاريع وليس حجم المبالغ التي تم صرفها، وبالتالي فإن الميزانية لن تقاس بمبالغ الصرف وانما بنسب الانجاز في الخطط والبرامج والمشاريع التي تعدها الحكومة، وهي جزء من التزاماتها اتجاه المواطن.وفي رده على سؤال حول خطة التنمية الجديدة، قال ان الخطة التي قدمت لمجلس الأمة مؤخراً تتسم بالواقعية اكثر بكثير مما كانت علية الخطة الماضية، حيث تمت مراعاة كل ما شاب الخطة السابقة، فضلا عن مراعاة الجانب الواقعي في التقييم والتنفيذ، مشيراً إلى ان برنامج اصلاح الادارة المالية سيأتي مرادفا لخطه التنمية، كون الانجاز سينعكس مباشرة عليها.وفيما يتعلق بالجدول الزمني لبرنامج الاصلاح الادارة المالية قال الصالح ان هناك اكثر من مرحلة، موضحاً ان «المرحلة الاولى سوف نراها في منتصف العام القادم، متوقعاً انعكاس برنامج الاصلاح في 2016/2017».وفيما يتعلق بالدعم الحكومي اشار إلى ان الحكومة تعمل الآن على إعادة النظر في ترشيد الدعم ليذهب إلى مستحقيه، مؤكداً في الوقت ذاته على ان هذا الترشيد لا يعني المس بجيب المواطن، وانما سيتم توجيه لمستحقيه.نقلة نوعيةوأضاف الصالح في كلمته التي ألقاها في المؤتمر أن الكويت تسعى في هذه المرحلة الى تكثيف جهودها الرامية لاحداث نقلة نوعية في بنيتها الاقتصادية، وذلك في إطار رؤية استراتيجية لتطوير اقتصادنا الوطني، لافتا الى ان انعقاد المؤتمر الذي تنظمه مؤسسة يوروموني مع بروز العديد من المتغيرات والمستجدات والتي تضافرت بعضها مع بعض لتفرز بيئة مالية واقتصادية عالمية تفرض بطبيعتها على صانعي القرار التعاطي معها بدرجة عالية من اليقظة، خاصة وان النظرة الغالبة في هذه المرحلة هي التفاؤل الحذر بشأن الاتجاهات المستقبلية لاداء الاقتصاد العالمية، وذلك مع ظهور بوادر التحسن على ذلك الاداء.وقال ان احدث التقديرات الصادرة عن صندوق النقد الدولي تشير الى تحسن محدود في معدل النمو الاقتصادي لمجموعة الاقتصادات المتقدمة، اما في اقتصادات الاسواق الصاعدة والاقتصادات النامية والتي لاتزال تساهم بالنصيب الاكبر في النمو الاقتصادي العالمي، فمن المتوقع حدوث بعض التباطؤ في معدل النمو الاقتصادي في تلك المجموعة، ولكن من المتوقع له ان يتحسن في عام 2015.وتابع قائلا انه في ضوء ذلك تشير احدث تقديرات الصندوق النقد الدولي الى انه من المتوقع ان يبلغ معدل النمو الاقتصادي العالمي نحو 3.4 في المئة في عام 2014 مقارنة بنحو 3.2 في المئة في العام السابق مواصلا اتجاهة نحو التحسن ليصل الى نحو 4 في المئة في عام 2015.وعلى الصعيد الاقليمي اوضح الصالح ان اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجية تستمر في تسجيل معدلات نمو معتدلة مع استمرار تحسن اداء القطاعات غير النفطية، اخذا في الاعتبار المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الاوسط بما تفرضه من تداعيات، لاسيما على مناخ الاستثمار في المنطقة.وعلى الصعيد المحلي ذكر ان البيانات تشير الى استمرار تحسن اداء القطاعات غير النفطية، حيث سجل الناتج المحلي الاجمالي لتك القطاعات نموا بنحو 10 في المئة في عام 2013، الامر الذي ترتب عليه نمو الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية بنسبة 2.3 في المئة في عام 2013.وقال ان هيكلة الاقتصاد الكويتي تتسم بملامح مميزة، تشكلت نتيجة اعتماده على القطاع النفطي بصورة اساسية، الامر الذي ترتب عليه اكتساب السياسة المالية لدور هام في دفع عجلة النشاط الاقتصادي غير النفطي، وتولي السياسة المالية والاقتصادية لدولة الكويت اهتماما خاصا بآليات التحوط ضد امكانات حدوث تقلبات خارجية المصدر، لاسيما في اسواق النفط العالمية. وأضاف الصالح ان الحكومة الكويتية حرصت على بناء أركان الدولة الحديثة من حيث توفير الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمرافق العامة وتطوير البنية التحتية، وهو ما أدى إلى تعاظم دور الإنفاق العام كمحرك رئيسي للنشاط الاقتصادي، وترتب على ذلك بطبيعة الحال تغليب صبغة أحادية النشاط على الاقتصاد الكويتي، مع محدودية مساهمة الأنشطة الاقتصادية الأخرى، واعتماد القطاع الخاص بشكل أساسي على المشروعات الحكومية، بما حد كثيراً من قدرات القطاع الخاص في دفع عجلة النشاط الاقتصادي.وزاد بقوله: «لاتزال معظم العمالة الوطنية تتوجه إلى الالتحاق بالعمل في الجهاز الحكومي، مع ما ينطوي عليه ذلك من أعباء مالية متزايدة، فضلاً عمّا تقدمه الحكومة من دعومات مالية كبيرة، يتزايد عبئها المالي سنوياً»، موضحاً أن تلك السمات المميزة لملامح هيكل الاقتصاد الكويتي من شأنها أن «تفرض علينا ضرورة العمل الجاد لتنويع هيكل اقتصادنا الوطني وتعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بما يتماشى مع الأهداف الاستراتيجية للتطوير والتنمية.وشدد الصالح على جهود مجابهة تلك التحديات، موضحاً أنه لا بد أن تكون نابعة من رؤية وطنية واعية لواقع المرحلة، وتأخذ بالاعتبار حقوق كل من الجيل الحالي والأجيال القادمة في مسيرة متصلة بالعمل والإنجاز.وقال: «لا يمكن إغفال حجم التطورات والمتغيرات المعاصرة على الساحتين الإقليمية والدولية مما تفرزه من تداعيات جمة ومتشعبة لاسيما على أسواق النفط العالمية، وبالتالي على مناخ الاستثمار والاستقرار الاقتصادي في المنطقة، مع إدراكنا واهتمامنا البالغ بأبعاد تلك المخاطر وآثارها، إلا أننا نرى أنه في ظل تلك الأجواء تتأكد ضرورة الإصرار على تركيز الاهتمام على إصلاح الذات وأعني هنا تحديداً المثابرة في مواجهة المشكلات والتحديات التي تشوب الأوضاع الاقتصادية المحلية».وأكد أن دولة الكويت تحظى بالعديد من الإمكانات والمقومات التي تمكنها من مواجهة المشكلات والتحديات، مشيراً إلى الى ان مؤسسات التصنيف العالمية منحت دولة الكويت تصنيفات سيادية مميزة، تعتبر الاعلى على مستوى منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتقوم بتأكيد تلك التصنيفات مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك استنادا الى قوة الاوضاع المالية للموازين الداخلية والخارجية لدولة الكويت.ولفت الى انه مع تمتع الكويت بوضع مالي قوي وفوائض مالية ضخمة الا انه من غير المناسب التعويل على استدامة تلك المستويات المرتفعة من الفوائض المالية، وهو الوضع الذي يتطلب نظرة حصيفة في التعامل مع تلك المعطيات، من خلال تركيز السياسات المالية والاقتصادية للدولة على تعظيم درجة الاستفادة منها، وصون حقوق الاجيال القادمة.وفيما يتعلق بالاجراءات والتدابير المطلوبة لمواجهة المشكلات والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الكويتي، ذكر وزير المالية ان معطيات الواقع الاقتصادي تبرز الحاجة الى توجيه وتكريس اهتمامات السياسة المالية – كونها احد ابرز روافد السياسة الاقتصادية للدولة – نحو اتخاذ اجراءات تنفيذية تكفل تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز دول القطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام، واستيعاب الاعداد المتزايدة من العمالة الوطنية مع الاهتمام بالارتقاء بمستوى تأهيل وتدريب تلك العمالة، وإكسابها مهارات متميزة وتطوير إمكاناتها بما يفي بمتطلبات سوق العمل.ومن جانب آخر، وفي ضوء الرؤية الاستراتيجية التنموية للدولة اشار الى ان الحاجة الملحة في هذه المرحلة تبزر الى تحرير الانشطة الاقتصادية من قيود البيروقراطية بالتزامن مع ايجاد صيغات جديدة ومتطورة للمعالجات الادارية لجميع الانشطة الاستثمارية والمالية والاقتصادية، وهو امر يتطلب العمل على تطوير منظومة التشريعات ذات الصلة بالشأن الاقتصادي لاسيما المتعلقة بتيسير دورة ممارسة الاعمال الى الحد الذي يكفل تهيئة المناخ الاستثماري وتعزيز الجاذبية الاستثمارية للاقتصاد الكويتي وكذلك بما يرتبط بتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص بمختلف أشكالهم وبذلك فان جهود الاصلاح يجب ان تسير على محورين متوازيين رئيسيين حيث ينصب المحور الاول على الارتقاء بمستوى الادارة الاقتصادية بما يدعم القطاع الخاص ويعمل على تعزيز دوره ومشاركته في دفع عجلة النشاط الاقتصادي اما المحور الثاني فيرتكز على دفع جهود الاصلاح المالي والعمل على زيادة مرونة الموازنة العامة على جانبي الايرادات والمصروفات من خلال تنمية الايرادات غير النفطية بالحد من تنامي المصروفات العامة الجارية.واوضح: «بهذا الخصوص اخذت وزارة المالية عدة خطوات كان آخرها الذي تم الاعلان عنه مطلع الاسبوع الماضي انه بالتعاون مع البنك الدولي، اعدت برنامحا لاصلاح الادارة المالية للدولة على النحو الذي يهدف الى تعبئة الموارد المالية بصورة كفؤة والتخصيص الامثل لها من اجل تحقيق الاهداف الانمائية الاقتصادية والاجتماعية وفقا لمنهجية واضحة تسهم في ضبط وترشيد الانفاق العام وتقدير التكلفة الحقيقية للاعمال المدرجة في خطة الجهات الحكومية المختلفة بما يسهم في تعظيم المردود من الانفاق العام للدولة وكذلك اعادة هيكلة الميزانية وفقا للاقتصاد الكلي وتطبيق المعايير والمؤشرات المعتمدة دولية في نظم الادارة المالية العامة».وذكر ان الحكومة تعكف بالتعاون مع السلطات التشريعية حاليا على اصلاح هيكل الاجور في القطاع الحكومي من خلال نظام متكامل للمرتبات في الدولة على النحو الذي يحدث قدرا اكبر من العدل بين مختلف الفئات الوظيفية، ويراعي في ذات الوقت متطلبات الوظيفة بما يضمن نمو اجور العاملين في الدولة بشكل متوازن يواكب الارتفاع في تكلفة المعيشة حتى نحافظ على القيمة الحقيقية لدخول المواطنين، وهو ما يسمى بالبديل الاستراتيجي فضلا عن مواصلة جهود استحداث وتطوير التشريعات ذات الصلة بشأن الاقتصادي وكان آخرها صدور الصيغة الحديثة لقانون الشراكة مع القطاع الخاص وهو القانون رقم 116 لسنة 2014 والذي تم فيه تجاوز اوجه القصور في القانون السابق بما يعطي القطاع الخاص فرصة اوسع في التنمية الاقتصادية.تعليق العمل بـ «الأوفست»قال وزير المالية أنس الصالح إن الكويت ستعلق العمل ببرنامج "الأوفست" الذي يسمح للمستثمرين الأجانب بإقامة مشاريع مشتركة في التدريب ونقل التكنولوجيا وذلك كي لا يعرقل المشاركة الخارجية في الاقتصاد.وقال الصالح لـ"رويترز": "ينبغي أن نعيد النظر فيه"، مضيفا أن شركاء أجانب كثيرين أبلغوا الكويت أن المشروع ليس مشجعا، مضيفاً: "لهذا السبب جمدناه كي لا يحول دون مجيء تلك الشركات".
آخر الأخبار
الصالح: إصلاح الإدارة المالية للدولة يستهدف بيئة تشريعية مالية مرنة مبنية على أدوات قياس واضحة
10-09-2014