مقتل طبيب الأسنان!
السياسات الغربية والأميركية كانت منذ الحرب العالمية الثانية عبارة عن سلسلة من الجرائم والفضائح التي قطّعت أوصال الشعوب العربية، إما عبر الكيان الصهيوني أو الحدود المصطنعة التي سالت عليها الدماء أو الحكام الطغاة المدعومين بقوة للبطش بعباد الله.
قبل عدة سنوات راجت نكتة سياسية مفادها أن الرئيس الأميركي أعطى الضوء الأخضر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بتصفية الشعب الفلسطيني دون أن يلتفت العالم إلى جريمة بهذا الحجم الثقيل، وعندما سأله المسؤول الإسرائيلي كيف يمكن ذلك؟ أجابه الرئيس الأميركي بأننا سوف نورد الخبر على النحو التالي: "مقتل مئة ألف عربي وطبيب أسنان"، وعندها يكون الفضول والشغف حول مقتل الطبيب وأسبابه وتفاصيله دون أن يكترث أحد بالإبادة الجماعية للعرب!يبدو أن هذه الاستراتيجية الإعلامية قد آتت أكلها بالفعل وتحولت إلى حقيقة وواقع، فقبل أيام ورد خبر سريع في وسائل الإعلام بأن شخصاً مسلماً يحمل مسدساً وعلماً أسود قد داهم أحد المقاهي في مدينة سيدني بأستراليا، واحتجز عدداً من الرهائن مهدداً بقتلهم، وسرعان ما توجهت وسائل الإعلام الغربية عن بكرة أبيها في بث مباشر لحظة بلحظة إلى سيدني لنقل تفاصيل هذا الحدث الذي زلزل العالم، وانهالت التحليلات السياسية من المراسلين وخبراء الإرهاب والمسؤولين الرسميين محذرين من وصول "داعش" إلى أستراليا، ومنها إلى عموم العواصم الغربية انتهاءً بواشنطن، وانتهت أزمة الرهائن عند مداهمة قوات الأمن لذلك المقهى فقتلت الإرهابي واثنين من المحتجزين الأبرياء بالخطأ طبعاً، وبعد ذلك تبين أن "طبيب الأسنان" المقتول مجرد رجل إيراني هارب وذي سوابق قتل وتحرشات جنسية، أي أنه معتوه!
هذا الخبر رغم الجانب المأساوي فيه ومقتل مدنيين أبرياء بسبب رجل أحمق أثار حفيظة الكون، واتهم "داعش" زوراً وبهتاناً، ولكن الجرائم الحقيقية لـ"داعش" في العالم العربي التي خلفت أكثر من مئة ألف عربي وبشكل يومي وممنهج وبشع لا يكترث بها الإعلام الغربي، ولا تذرف دمعة على نحور أولئك الأطفال المساكين أو اغتصاب أمهاتهم وقضم قلوب وأكباد آبائهم.نعم هكذا يتعامل الغرب مع مشاعر العرب ومصائبهم، بل لا يستبعد أن الحكومات الغربية في أوروبا وواشنطن هي التي ساهمت وباركت وضخمت الدواعش التكفيريين بكل أشكال التبني السياسي والمالي والتسليحي لتمرير مخططاتهم في المنطقة، وتسخير هؤلاء الإرهابيين لخدمة مصالحهم، ولم يستشعروا خطرهم إلا بعد أن تحولوا إلى غول عالمي بات بالإمكان أن يصل إلى عقر دارهم، ولو على شكل "طشّار" كما يقول الكويتيون!هذه ليست المؤامرة الوحيدة للولايات المتحدة وأخواتها في منطقتنا العربية، فالسياسات الغربية والأميركية تحديداً منذ الحرب العالمية الثانية كانت عبارة عن سلسلة من الجرائم والفضائح التي قطّعت أوصال الشعوب العربية، إما عبر الكيان الصهيوني أو الحدود المصطنعة التي سالت عليها الدماء أو الحكام الطغاة المدعومين بقوة للبطش بعباد الله، أما "داعش" فهو مجرد أداة إجرامية جديدة، وما زال في جعبتهم الكثير من البدائل، ولكن المعازيب الغربيين بدرجة عالية من الغباء السياسي أو الحقد والكراهية لأن سحرهم دائماً ينقلب عليهم، لكنهم لا يتعظون أبداً، فكم طبيب أسنان يجب أن يضحوا به حتى يعودوا إلى رشدهم؟!