اعتمد النواب الفرنسيون في قراءة أولى الثلاثاء بغالبية كبيرة مشروع قانون حول الاستخبارات الهدف منه تعزيز مكافحة الإرهاب، إلا أنه أثار انتقادات كثيرة تخوفاً من أن يؤدي إلى فرض "مراقبة مكثفة" على المواطنين.

Ad

ونال مشروع القانون أكثرية واسعة حيث صوّت 438 نائباً إلى جانبه، و86 ضده في حين امتنع 42 عن التصويت.

وسارع رئيس الحكومة مانويل فالس إلى الإشادة بالتصويت معتبراً أن مشروع القانون "يحفظ حرياتنا الأساسية، إلا أنه يقدم إطاراً لنشاط أجهزتنا الاستخباراتية ويؤمّن لها مزيداً من الوسائل".

وسيحال مشروع القانون على مجلس الشيوخ لمناقشته في أواخر مايو الحالي ويمكن أن تدخل عليه تعديلات.

وقال فالس في هذا الإطار "آمل بأن يتم اقراره قبل الصيف للتمكن من تنفيذه بأسرع وقت ممكن".

وكان بدأ العمل على مشروع القانون هذا قبل اعتداءات يناير في باريس التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية، وسرّعت هذه الاعتداءات من العمل عليه واقراره.

وكان فالس اعتبر أن تأييد الكثير من نواب المعارضة اليمينية يثبت "بغض النظر عن الخلافات السياسية حس المسؤوليات الجامع عندما تتعرض بلادنا لتهديد ارهابي غير مسبوق".

وفي خطوة غير مسبوقة من أجل تهدئة الأجواء، أعلن الرئيس فرنسوا هولاند أنه في ختام النقاشات البرلمانية التي ستتم في مجلس الشيوخ، سيرفع الملف إلى المجلس الدستوري للحصول على "ضمانات" بأن النص الذي تمت صياغته بعد الاعتداءات الجهادية في باريس في يناير "مطابق" للدستور.

وبين المحتجين على مشروع القانون اليسار المتطرف وأيضاً المدافعون عن البيئة وعدد من الجمعيات منها منظمة العفو الدولية.

وأعربت الجمعية الفرنسية لضحايا الإرهاب الأثنين عن قلقها مطالبة "بمزيد من الضوابط التشريعية" من أجل "ضمان احترام الحقوق الأساسية".

ومشروع القانون يحدد في آن مهمات أجهزة الاستخبارات، (من الحماية من الأعمال الإرهابية إلى التجسس الاقتصادي) ونظام الترخيص والمراقبة لاستخدام بعض تقنيات التجسس (التنصت ونشر الكاميرات أو برامج التجسس الالكترونية واستحواذ بيانات الاتصال بالشبكة...).

ورفض رئيس الوزراء مانويل فالس الاتهامات الموجهة إلى السلطة بتبني "قانون ظرفي" بعد وقوع الاعتداءاتـ مشيراً إلى أن القانون السابق حول التنصت يعود إلى 1991 "عندما لم يكن هناك هواتف نقالة ولا انترنت".

لكن الحكومة جعلت من التهديد الارهابي حجة لدعم نصها، وبعد الكشف صدفة عن مخطط لتنفيذ اعتداء في 19 أبريل رأى فالس أن "مشروع القانون كان سيؤمن لأجهزة الاستخبارات وسائل أكبر للقيام بعدة عمليات مراقبة".

والرجل الذي يشتبه بأنه خطط لتنفيذ اعتداء ضد كنيسة كاثوليكية في فيل جويف قرب باريس لم يكن يخضع لمراقبة وثيقة من أجهزة الاستخبارات رغم بعض المؤشرات التي قد توحي بسلوكه طريق التطرف.

وهذا السيل من الانتقادات يضاف إلى مخاوف اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات، الهيئة الإدارية المستقلة، من الصلاحيات "المفرطة" التي تمنح لأجهزة الاستخبارات.

وتتركز المخاوف على نقطة محددة هي وضع أدوات تحليل آلي على شبكات شركات الانترنت لكشف مواصفات أشخاص يمكن أن يطرحوا "تهديداً ارهابياً" من خلال "سلسلة مشبوهة من بيانات الاتصال بالشبكة".

وهذه الآلية معروفة بـ "الصندوق الأسود" بيّن منتقديها الذين يرون فيها بداية لعمليات مراقبة على نطاق واسع.

وقد توضع هذه الصناديق السوداء مباشرة عند مشغلي ومضيفي الانترنت ولن تسمح بالوصول إلى مضمون الاتصالات بل فقط إلى بيانات التعريف.

وشددت الحكومة على تعزيز مراقبة الأجهزة مع تشكيل "لجنة وطنية لمراقبة تقنيات الاستخبارات" تضم بشكل أساسي برلمانيين وقضاة.