طالب وفد الحركة الحوثية المشارك في مؤتمر جنيف أمس بالتحاور مع السعودية بشكل مباشر بدلاً من ممثلي الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في حين أكد اجتماع استثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي، عقد في جدة، شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي ودعم جهود التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين.

Ad

في اليوم الثاني لانطلاق مؤتمر جنيف بين الأطراف اليمنية المتصارعة لبحث سبل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الأزمة المتفاقمة، أعلن محمد الزبيري عضو وفد المتمردين المشارك في محادثات جنيف أمس، أن الحوثيين وحلفاءهم يرفضون أي حوار مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ويطالبون بالتباحث مع السعودية.

وقال الزبيري في المؤتمر: «نرفض أي حوار مع هؤلاء الذين لا يملكون أي شرعية. ونطالب بحوار مع السعودية لوقف العدوان»، في إشارة إلى الغارات الجوية لطائرات تحالف إعادة الشرعية الذي تقوده الرياض ضد الحوثيين وحلفائهم من قوات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

ويجمع محللون على أن أقصى ما يمكن توقعه من «جنيف» هو مناقشة تخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، أما التوافق بين فرقاء المشهد السياسي فأمر مستبعد.

ولد ميتاً

إلى ذلك، رأى مراقبون أن تصريحات الزبيري الذي وصل صباح أمس ضمن وفد المتمردين الذي يضم ممثلين عن الميليشيات الحوثية وحزب صالح إلى جنيف مؤشر على أن المؤتمر الذي انطلق أمس الأول بلقاء مغلق بين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووفد الحكومة برئاسة وزير الخارجية رياض ياسين «ولد ميتاً» بعد تأخر وصول وفد المتمردين لأسباب لوجستية.

ودعا بان جميع أطراف النزاع لوقف إطلاق النار والدخول في هدنة إنسانية بحلول شهر رمضان تساهم في وقف تدهور الوضع الإنساني في البلاد. وطالب بان كي الحوثيين بالانسحاب من المدن التي احتلوها، إلا أن ياسين شدد على أن أي هدنة يجب أن تصاحب التزام الميليشيات بالإفراج عن المعتقلين الذين وصل عددهم إلى 6000 والانسحاب من مدن مثل عدن وتعز.

ومع الانطلاقة المتعثرة لـ»جنيف»، لا يعرف على وجه الدقة كم ستدوم الجلسات، وكيف ستنظم. وكانت المعلومات السابقة أفادت بأن المشاورات ستجري بين الفريقين اللذين سيجلسان في غرفتين منفصلتين، على مدى ثلاثة أيام على الأقل، إلا أنه من المستبعد حدوث أي اختراق  في ظل تمسك كل طرف بموقفه ورفضه لإعطاء أي تنازلات.

جدل التمثيل

في غضون ذلك، استمر الجدل بشأن تمثيل كل فصيل في مشاورات جنيف، حيث أفادت مصادر بأن الميليشيات أرسلت وفداً من 22 شخصاً، على الرغم من أن المحدد وفق دعوة الأمم المتحدة 7 ممثلين عن كل طرف من أطراف مؤتمر جنيف، وهما الحكومة الشرعية والانقلابيون.

 وكان وفد المتمردين الحوثيين وصالح ماطل مراراً محاولاً إفشال اللقاء، عبر مطالبات برفع عدد المشاركين إلى 41 شخصاً، أو إلى رفض الصعود للطائرة الأممية والمطالبة بتغيير مسارها وعدم توقفها في السعودية أثناء رحلتها من صنعاء إلى جنيف.

وبعد أن أعلن أن اللقاء سيجمع وفد الحكومة مع المتمردين وحليفهم صالح ومع وصول وفد الحكومة إلى جنيف، رفض الحوثيون المشاركة في لقاء يحمل هذه الصيغة، مطالبين بتوضيح أممي عن مكونات سياسية تشارك في جنيف.

ولاحقاً أصدر المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بيانا أرضى الحوثيين بعد إشارته إلى «مكونات سياسية مشاركة»، وهو ما أثار احتجاج الوفد الحكومي، لكن يبدو أن المنظمة الدولية أرادت جمع طرفي الأزمة بأي شكل من الأشكال وربما رأت في تعديل المسميات إنقاذاً للموقف وإن رأى فيه البعض سوء تنظيم من الأمم المتحدة التي لم تحدد بشكل دقيق الأطراف المشاركة، إلا أن هناك من رأى في ذلك خطوة تحسب لولد الشيخ الذي صمم على جمع الأطراف اليمنية رغم المخاض العسير.

«التعاون الإسلامي»

في موازاة ذلك، انعقد أمس في السعودية اجتماعا استثنائيا لمجلس وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي لبحث الوضع في اليمن بدعوة من هادي.

وقال النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الذي ترأس الاجتماع، إن «العالم الإسلامي يقع تحت وطأة هجمة شرسة تهدف إلى تمزيقه».

وجدد الخالد في كلمته التي ألقاها بمقر الأمانة العامة للمنظمة بمدينة جدة التأكيد على شرعية هادي الذي حضر الاجتماع.

وأشار إلى أن «اليمن لا يزال يشهد أحداثا أليمة متسارعة تسببت فيها الميليشيات الحوثية والقوى المتحالفة معها وساهمت في زعزعة أمنه وعبثت باستقراره وأدت إلى الانقلاب على الرئيس (هادي) ومؤسسات الدولة الشرعية، وشكلت هذه الأحداث تهديدا مباشرا لأمن واستقرار اليمن والمنطقة جمعاء، فضلا عن تهديد أمن السعودية، الأمر الذي استدعى اتخاذ الرياض لسلسلة من الإجراءات لحماية حدودها وسلامة مواطنيها».

وجدد الخالد دعمه لجهود دول التحالف بقيادة الرياض ضد الحوثيين.

وأعرب عن أمله أن «تغلب كل الأطراف اليمنية المشاركة في مؤتمر جنيف مصلحة اليمن والشعب اليمني التي لن تتحقق إلا بالعودة إلى الشرعية والمرجعيات الإقليمية والدولية ذات الصلة».

مساعدات كويتية

من جانب آخر، أعرب الخالد عن «ترحيب دولة الكويت ودعمها لعملية إعادة الأمل للنهوض باليمن وإعادة إعماره»، مشيرا إلى «أنها قدمت بالتنسيق مع الحكومة الشرعية المساعدات الإغاثية للشعب اليمني عبر القنوات الرسمية والشعبية كما قررت الحكومة الكويتية واستجابة لتوجيهات سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد واستشعارا للمعاناة الإنسانية التي يمر بها اليمن تقديم مئة مليون دولار  لتغطية الاحتياجات الإنسانية».

من جهته، دعا الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني إلى «مصالحة يمنية وطنية شاملة» عبر استئناف العملية السياسية بمشاركة جميع الأطراف والقوى والأحزاب السياسية اليمنية.

(الرياض، جنيف - أ ف ب، رويترز، د ب أ)