الأمن والحرية لا تعارض بينهما
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
تاريخ البشرية يُثبت لنا أنه لا أمن حقيقيا في ظل قمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان، فالأنظمة الاستبدادية والقمعية التي تقوم على الانفراد بالسلطة واحتكار الثروة الوطنية، وانتهاك الحريات وحقوق الإنسان، هي في واقع الأمر أنظمة هشّة من الداخل مهما بدت قوية في شكلها الخارجي، وذلك لأنها تفتقد إلى الظهير الشعبي الحقيقي، لذا سُرعان ما تتهاوى مع أي هزة شعبية بعد أن تكون قد عاثت في الوطن فسادا، ودمّرت أركان الدولة ومؤسساتها مثلما رأينا خلال السنوات القليلة الماضية في ليبيا واليمن والعراق على سبيل المثال لا الحصر.ومن أسف أن الهاجس الأمني في دول مجلس التعاون في السنوات الأخيرة، وبالذات بعد الثورات الشعبية التي أُطلق عليها إعلاميا مُسمّى "الربيع العربي" قد طغى على الحلول السياسية المستحقة والمطلوبة من أجل معالجة الاحتجاجات الداخلية التي نتجت عن وجود مشكلات سياسية واجتماعية واقتصادية تم تجاهلها لسنوات طويلة، فبرزت فجأة على السطح عندما توافرت الظروف الموضوعية.وكما ذكرنا غير مرّة فإن تشديد القبضة الأمنية، وانتهاك الحريات مثل حرية الرأي والتعبير لا يقضيان على نزعات التطرف والتزمّت والغلو، بل على العكس من ذلك تماما؛ لأن كبت الحريات، وقمع التفكير الناقد، وانتهاك حقوق الإنسان تزيد من الغضب الشعبي، وتخلق بيئة بدائية ومُنغلقة حاضنة للتطرف والغلو والتزمت والحقد الاجتماعي، وبالتالي، عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.