يروي المخرج أنه بدأ تصوير فيلمه «العذراء والأقباط وأنا» منذ عام 2007 وانتهى منه في 2011، تحديداً «قبل ثورة 25 يناير بشهرين»، وقرر تسليط الضوء على الإيمان المطلق من المسيحيين حول ظهور السيدة مريم، قارعاً جرس الشك والسخرية على تلك القضية، متجهاً إلى محافظة أسيوط بوسط الصعيد ليسمع حكايات المصريين أقباطاً ومسلمين حول ظاهرة رؤية العذراء.
يستعرض نمير في فيلمه علاقة المصريين بالدين والقدسية بين الطرفين، محاولاً كسر التابوه والكشف عن استغلال الدين لأغراض سياسية أحياناً. يقول في هذا المجال: «كنت أعلم أن الفكرة حساسة، لكن هنا يتجسد الدور الحقيقي للسينما والتزامها في اقتحام المحظورات». استخدم نمير أفراد عائلته في الصعيد، كمادة فنية أثقلت معنى الفيلم ورسخت لفكرته بسخرية واعية، وبعد غياب 15عاماً عن عائلته الصعيدية المتدينة، استطاع أن يجعلهم أبطالاً حقيقيين في فيلمه يقصون عليه رؤيتهم للعذراء، يقول نمير: «في بداية الأمر رفضوا الفكرة تماماً باعتبارها تشكك في معجزة الظهور، ولم يقتنعوا إلا بعد أن أقنعتهم بأنه تمثيل خيالي لن يعتب الرب عليكم فيه». كانت ثمة تخوفات من المخرج بعدم فهم الفيلم نظراً إلى تداخل مستويات السرد فيه، حيث يبدأ السرد الأول برحلة الشاب المصري في اكتشاف سر تجلي العذراء الذي قام بدوره المخرج نفسه، والسرد الثاني الأكثر تداخلاً وهو يستعرض كواليس صناعة إنتاج فيلم داخل الفيلم نفسه مستعيناً بأفراد عائلته في التمثيل. وجاء ظهور والدة المخرج المصري في فيلمه محض الصدفة، حيث يروي عبد المسيح عن مشاكل عدة واجهته مع منتج الفيلم لأسباب مادية، فقرر بعدها التخلي عنه، «أمي عرضت علي أن تكون منتجة الفيلم، وطبيعة الفيلم التسجيلية من قت إلى آخر جعلته حافلاً بظهورها». غياب الدعم يكشف المخرج سببين حول إنتاج شركة فرنسية قطرية للفيلم، قائلاً: «المنتجون في مصر لا يهتمون بالأفلام التسجيلية ويعتبرون ألا قيمة لها، وأذكر يوماً أن أحد المنتجين نصحني بتمويل الفيلم بعيداً عن مصر حتى لا يتم التضييق عليه من أي جهة إبداعية»، ورغم الاهتمام النسبي بالسينما المستقلة فإن نمير يرى ندرة المراكز الحكومية والداعمة لتلك الأفلام. الفيلم من نوعية الأفلام الروائية الوثائقية، لما يستعرضه من مشاهد حقيقية عام 1968 تصور مسيحيين يلتفون حول الكنيسة الشهيرة بمحافظة أسيوط لمشاهدة ظهور العذراء، ومشاهد أرشيفية أخرى للظاهرة في كنيسة العذراء في حي الزيتون بالقاهرة، والصراع الذي يواجهه نمير مع أسرته حول التشكيك بتلك الظاهرة. اعتبر نمير حصول الفيلم على ثلاث جوائز في مهرجان الإسماعيلية منذ سنوات عدة كأفضل فيلم تسجيلي طويل، هي الجائزة الأقرب إلى روحه قائلاً: «شيء جميل إنك تتكرم في بلدك»، وكما حصل على جائزة أفضل فيلم من جمعية نقاد السينما المصريين، وجائزة صلاح التهامي كأفضل فيلم. وعلى الصعيد الدولي، منح الفيلم في مهرجان تريبيكا بنيويورك جائزة أحسن فيلم روائي وثائقي لعام 2012، وجائزة ثالث أحسن فيلم في مهرجان برلين الدولي لنفس العام، وتم عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي.
توابل - سيما
«العذراء والأقباط وأنا»... تجربة مشاكسة لنمير عبد المسيح
25-05-2015