حينما يشعل بعض المحامين نار الفتنة بشكاواهم، وتكون نصوص القانون وقودا صالحا لاستمرارها، وسط سكوت وزارتي الداخلية والإعلام عن واجباتهما، وقبول النيابة العامة هذا النوع من الشكاوى، فحتما سيكون إشعال الفتنة الطائفية في الكويت أسرع من إشعال كومة من القش!

Ad

مخجل جدا أن يتسابق بعض الزملاء المحامين إلى اصطياد من يحاول أن يسيء هنا أو هناك، وربما بقصد أو من دون قصد، ويسارع بتصوير تغريداته ومقالاته لتقديم الشكاوى الى النيابة العامة أو الإدارة العامة للتحقيقات قبل مرور 24 ساعة على الحدث، وقبل أن تدرس حتى الوزارات المعنية الرأي في إمكان جدوى البلاغ من تلك الإساءة أم لا، رغم أنها المسؤولة عن تقديم البلاغات!

ومثلما لا يمكن القبول بهذا النهج السيئ الذي أقدم عليه بعض المحامين في تقديم تلك الشكاوى ذات البعد الطائفي، لا يمكن القبول بنهج النيابة العامة والإدارة العامة للتحقيقات في قبولها تلك الشكاوى الفردية، فالنصوص التي تستند اليها تلك الشكاوى كانت وفق قوانين الوحدة الوطنية أو المطبوعات والنشر تؤكد أحقية البلاغ للوزارات، وفي تحرير المخالفات وتقديمها لجهات التحقيق، وبالتالي فلم تسمح تلك القوانين للأفراد العاديين ولو محامين بأسمائهم تقديم شكاوى نيابة عن المجتمع، أو حتى لتضررهم الشخصي في ما عرض، فمن ينوب عنهم في التقديم هما وزارتا الداخلية والإعلام، ومن يرد أن يحركها من الأفراد فعليه أن يبلغ هاتين الوزارتين بتلك المخالفات، حتى تقدمانها الى النيابة.

 وقد لا ترى الوزارات ما يصلح أو يصلح لتقديمها، لا أن ينوب الأفراد عن تلك الوزارات بالتقديم الى النيابة أو التحقيقات، ولا يمكن للنيابة أو التحقيقات إلا التقرير بحفظها، لأن مقدميها لا يحملون أي صفة، ومن يعترض فعليه أن يتظلم من قرار الحفظ، رغم قناعتي بأنه لن يتظلم، لأن الطريق سيكون أطول أمامه بعدما كان سهلا، بمجرد إيداع هذا النوع من الشكاوى، وإن لم تتخذ النيابة هذا المسلك بحفظ هذا النوع من الشكاوى أو الشبيهة بها، وتكتفي بما يقدم اليها من الجهات الرسمية في الدولة، فإنها ستكون بوابة لعبور العديد من الشكاوى التي تساهم في إشعال المزيد من الفتن الطائفية، والتي ربما لا تهتم النيابة لمقاصدها، إلا أن تشددها في قبول الصفة سيوقف الاصطفاف الطائفي الذي يعيش حالة من التسابق والتحدي في تقديم الشكاوى من هنا وهناك، والذي تساهم فيها شكاوى بعض المحامين!

ترددت طويلا في كتابة هذا المقال، بعد أن ناصحت بعض الزملاء من سوء مسلك الشكاوى التي يعدونها، ولسوء استغلالهم لنصوص القانون في تأسيس العديد من الشكاوى ذات النفس الطائفي، والتي تكون سببا لأزمات داخلية غير مبررة، منهم من استجاب مشكورا بعد أن اقتنع بخطورة تلك الشكاوى، إلا أن البعض الآخر منهم، ومع الأسف، لم يهتم لتلك النصائح، ومازال مصرا على أن يسير في هذا الطريق دون الاكتراث إلى النتائج التي تحدث على المجتمع وربما الوطن برمته، وكل ما يهمه هو أن يشتهر صيته وتزيد شهرته، وأن يذاع عنه أنه المدافع على هذا المذهب أو ذاك، وهو برأيي تكسُّب على حساب الدين والوطن، لتحقيق غايات ربما تكون إعلامية أو ربما انتخابية، أو ربما لتحقيق أجندات داخلية أو خارجية، وهي غايات يجب على المحامي أن يترفع عنها، فهي لا تليق به ولا بمهنة المحاماة.

 ويجب على المحامين وجمعيتهم التنبه لذلك، بل والوقوف بوجهه، والأمر كذلك بالنسبة إلى النيابة العامة والإدارة العامة للتحقيقات في ما يخص قبولها تلك الشكاوى..!