مشكلة العراق المزدوجة: داعش وأوباما
الجيش العراقي في حالة يُرثى لها، ويدرك الجميع في وزارة الدفاع الأميركية هذا الواقع، شأنهم في ذلك شأن البيت الأبيض، وإذا وضعنا الاحتجاجات الرسمية من بغداد جانباً نلاحظ أن الحكومة العراقية تدرك جيداً أنه متزعزع،لكن هذا ليس سبب انتصار "داعش"، ومنعاً لأي التباس يحقق "داعش" الانتصار.
يسيطر هذا التنظيم الإرهابي الذي يعتبر متطرفا بالنسبة إلى تنظيم القاعدة نفسه على نحو 50% من سورية وحصة متزايدة من العراق، كذلك يشن عمليات انتحارية في المملكة العربية السعودية، ويحض على إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل، وقد حقق "داعش" كل هذا في سنة واحدة، رغم تعرضه لأكثر من 3800 غارة جوية.عندما سئل الرئيس الأميركي باراك أوباما أخيراً عن الاستراتيجية التي تتبناها الولايات المتحدة للتصدي لهذا الزحف المخيف، أجاب: إن الولايات المتحدة تدرس السبيل الأفضل إلى تجنيد المزيد من العراقيين للقتال وتجهيز الجنود العراقيين بشكل أفضل لخوض المعارك، وتابع أوباما موضحاً: "في المناطق التي دربنا فيها القوات العراقية مباشرة وجهزناها وتولينا مهمة التدريب والمساعدة، حققت القوات العراقية نجاحاً كبيراً، ولكن في المناطق التي لم ندربهم فيها، قد تقوض المعنويات المتدنية ونقص التجهيزات وغيرهما من المسائل فاعلية قوى الأمن العراقية"، وبهذا يؤكد أوباما أن وقف "داعش" مسؤولية عراقية.هذا غير صادق ومن المبرر أن يتبنى أوباما موقفاً مماثلاً، فمن الأسباب التي أوصلت هذا الرئيس إلى السلطة وعده بإخراج الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان؛ لذلك لا يريد أن يكون الرجل الذي يقدم على عمل مماثل ليروح بعد ذلك يراقب الولايات المتحدة وهي تخفق وتعاود دخول العراق، أضف إلى ذلك شعبية الرئيس: صحيح أن الشعب يريد خوض حملة أميركية ضد "داعش"، إلا أنه ما زال منقسماً حول الاستعانة بجنود على الأرض.إذاً، بينما ينادي منتقدو أوباما مدعين أن الرئيس يبدّي السياسة والإرث على الأمن تشير الوقائع إلى أن تردده يعكس المعمعة الجماعية داخل الفكر الأميركي، نعتقد أننا شاهدنا هذا الفيلم من قبل ولم تعجبنا خاتمته، وبعد عقد من تدريب الجنود العراقيين لن تحول بضعة أشهر إضافية من التدريب والتوجيه هؤلاء الجنود إلى قوة تستطيع إلحاق الهزيمة بما يدعوه أوباما اليوم "مقاتلي الدولة الإسلامية" الانتهازيين، والعدائيين، والسريعين، ويدور هذا الفيلم حول "داعش"، عدو مميت، ذكي من الناحية الاستراتيجية، وفاعل من الناحية التكتيكية لا تقتصر نواياه على العراق. تستطيع الولايات المتحدة بقيادة باراك أوباما أو الرئيس التالي عدم التدخل في هذه المسألة وترك السنّة يقاتلون الشيعة والوهابيين يقاتلون السنّة إلى أن يتجلى حل ما، لكن المخاطر التي ترافق هذا الخيار تشمل احتمال ألا يظل واقفاً في هذا الصراع إلا الإرهاب المستعبِد، المغتصب النساء، والقاتل المسيحيين واليهود، هذا الإرهاب المدعو الدولة الإسلامية، إلا أنه لن يتوقف لتلذذ بطعم النصر، بل سيضع بدلاً من ذلك نصب عينيه أوروبا والولايات المتحدة.أو قد تقرر الولايات المتحدة بقيادة باراك أوباما أو الرئيس التالي التدخل بقوة على أمل أن ينجح هجوم أكبر مما تحققه القوات الجوية الأميركية اليوم، والتدريب على الأرض في وقف "داعش" ومنعه من تدمير حكومات المنطقة المستعدة لتلبية نداء واشنطن، لكن كلفة هذا الخيار كبيرة من المال والأهم من ذلك الأرواح.يتوافر بالتأكيد عدد من السيناريوهات المحتملة الأخرى بين هذين السيناريوهين المتطرفين، ولكن في مطلق الأحوال، على الولايات المتحدة أن تخوض هذه المناظرة: فهل تبقى على الهامش وتنتظر لترى ما سيترتب عليها لاحقاً، مع العلم أن هذه المناورة قد تكون أكثر كلفة وتدميراً مما تواجهه اليوم؟ أم تتدخل مرة أخرى في منطقة تبدو مصممة على خوض حرب بين المسلمين يريد العالم أن يتفاداها الشرق الأوسط بأي ثمن؟بغض النظر عن الجواب، ثمة سؤال أكثر أهمية من الضروري التفكير فيه غير ما إذا كان الجيش العراقي مدرباً جيداً.*كريستين روبرتس