• كثرة القوانين غير الضرورية تقود إلى البطء في إنجازها

Ad

• تشريعات صدرت لدوافع سياسية وللتخلص من المسؤولية... وعند مواجهتها للمشكلة لا تقدم أي حلول

أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام بكلية الحقوق في جامعة الكويت د.محمد الفيلي في دراسة قانونية له بعنوان «صناعة التشريعات» أن التشريع خطاب يجب أن يتضمن أحكاما غرضها تنظيم السلوك الانساني، لافتا الى أن اللجوء لمفاهيم قانونية غير متسقة مع موضوع التشريع يمكن أن يكون أيضاً مؤشراً على عدم وضوح الفكرة عند المشرع.

وحث الفيلي في دراسته التي تنشرها «الجريدة» المشرع الكويتي على النظر في ست ملاحظات اثناء العمل على إصدار أية تشريعات، هي: علاقة التشريع بالتشريعات الأعلى، ومدى كفاية ضوابط السلوك غير التشريعية لمعالجة الموضوع، ومدى امكان استخدام ادوات قانونية ابسط من الاداة المقترحة، ومدى اثر التشريع المستحدث على المنظومة القانونية القائمة، ومدى وضوح التشريع بالنسبة للمكلف والتكلفة الاقتصادية للقانون في حال اقراره، مضيفا أن أهمية دراسة التشريعات تتزايد من حيث جدوى وجودها لاننا اليوم بصدد تضخم في عدد التشريعات على نحو يؤثر في قدرة المكلفين على العلم بمضمونها وبالتالي العمل بها وفيما يلي نص الدراسة.

 إن تعدد التشريعات بتعدد مشرعيها، فالدستور تشريع صادر عن السلطة التأسيسية الاصلية والقانون صادر عن المشرع العادي واللائحة تختص بتشريعها السلطة التنفيذية. كما تتعدد التشريعات من حيث المواضيع التي تنظمها والغايات التي تسعى الى تحقيقها، فالتعدد والتنوع المشار اليه يقود منطقيا الى وجود قواعد خاصة بصناعة كل نوع من حيث الاجراءات المقررة أو من حيث القواعد الموضوعية ويمتد اثر الخصوصية الى اسلوب تفسيرها، فتفسير قواعد القانون الجزائي يختلف عن تفسير قواعد القانون المدني في بعض الجزئيات.

وبالرغم من تعدد التشريعات وتنوعها الا ان ذلك لا ينفي ان لها كلها طبيعة واحدة من حيث كونها قواعد عامة تنظم سلوكا انسانيا في اطار الجماعة وتمتاز هذه القواعد بالتجريد والعموم والالزام وهو التعريف الذي نستخدمه لوصف القانون بالمعنى الموضوعي.

والى جوار المدخل التقليدي للتعرف على القانون الصادر عن المشرع من الممكن ان ننظر الى التشريع من زاوية اخرى، فالتشريع من حيث جوهره، دستورا كان أم قانونا ام لائحة، هو في حقيقته خطاب تكليفي محله السلوك الخارجي للإنسان او للهيئات، صادر عن هيئة معترف لها بهذا الاختصاص،  والمشرع يرتب على عدم الالتزام بالتكليف جزاء ينعقد الاختصاص بإنزاله لمؤسسة أو اكثر في الدولة، والتحليل السابق للتشريع يصلح مدخلا جيدا للتأمل في مستلزمات صناعة التشريع.

وقولنا بأن التشريع خطاب يعني انه قد يكون منطلقا من فكرة واضحة وقد لا يكون الامر كذلك. هل لهذا الامر اثر على جودة التشريع؟ فالخطاب الذي نحن بصدده ليس كباقي الخطابات فهو صادر عن جهة تجعله ملزما، فما هي الاستحقاقات المترتبة على ذلك؟ ووصف الخطاب بأنه تكليفي يعني وجود مكلف، فما هي الاستحقاقات المترتبة على هذا الامر؟ هل ينتهي دور صانع التشريع بصدور التشريع؟

  أولاً: التشريع خطاب

الخطاب التشريعي يتضمن احكاما غرضها تنظيم السلوك الانساني، الاحكام ظاهرها اوامر او نواه ولكن هذه الاوامر او النواهي من المنطقي ان تأتي في اطار فكرة او مشروع محدد فإن كان المشروع غير واضح في ذهن صانع التشريع فإن الاحكام في تفاصيلها تأتي غير مرتبطة بالمشروع وينتج عن ذلك تشريع سيئ او يحتاج الى تعديلات كثيرة لأن الهدف منه لم يتحقق، المعالجة التشريعية للرعاية السكنية تصلح مثالا لإشكالية العلاقة بين محتوى التشريع  والهدف الذي اتى الى تحقيقه.

الرعاية السكنية محلها توفير السكن، ولتوفير السكن وسائل متعددة مثل الإيجار أو التمكين من السكن مجانا او بمقابل للانتفاع خارج النظام الايجاري او بالتمكين من التملك. ويمكن للمشرع ان يستخدم النماذج القانونية القائمة مثل الايجار والبيع كما يمكنه ان يبتكر روابط قانونية يصممها بما يتناسب مع الموضوع محل التنظيم.

 ونلاحظ ان المشرع الكويتي صمم فكرة الرعاية السكنية كما لو كان الهدف منها هو تمكين المواطن المستفيد من التملك. احلال التملك وهو واحد من سبل الرعاية السكنية بدلا من الرعاية السكنية.

واستخدام المفهوم التقليدي للملكية جعل المشرع مضطرا الى التعامل مع فرضيات جديدة مثل البيع والتأجير من قبل المالك بما يتعرض مع الهدف من تنظيم موضوع الرعاية السكنية. ولو كان موضوع الرعاية السكنية هو اساس التشريع لكان امام المشرع اختيار وسائل متعددة في حدود الغرض من التشريع دون ان يختزله في وسيلة من وسائل تحقيق الغرض. ونلاحظ ان المشرع نتيجة عدم ربط تشريعه بالهدف منه يتبنى حلولا غير متسق بعضها مع البعض الآخر فهو يمنع في بعض الفرضيات التنفيذ على المسكن الخاص للكويتي اقتضاء لدين لان ذلك يتعارض مع حقه في السكنى لكنه لا يمنع رهن هذا المسكن او بيعه من قبل مالكه مع ان البيع يقود الى حرمان المواطن من حقه في السكن وجواز بيع السكن المملوك في اطار الرعاية السكنية يتضمن في ذاته عدم اتساق بين المقدمات والنتائج فالرعاية السكنية وفق القانون حق للأسرة كلها ومع ذلك يجوز لأحد افرادها بيع المسكن بقرار صادر عنه وحده.

إن اللجوء لمفاهيم قانونية غير متسقة مع موضوع التشريع يمكن ان يكون ايضا مؤشرا على عدم وضوح الفكرة عند المشرع، فنظام الخدمة المدنية الصادر لتنفيذ وإكمال قانون الخدمة المدنية يمكن ان يقدم مثالا لتوضيح هذه الاشكالية، أراد المشرع ان يتعامل مع ظاهرة الغياب عن العمل خارج النظام التأديبي فقرر في المادة 81 ان الغياب عن العمل لخمسة عشر يوما متصلة او ثلاثين يوما غير متصلة خلال اثني عشر شهرا سبب لانتهاء العلاقة الوظيفية بحكم القانون. ولتقرير هذا الحكم استند المشرع الى فكرة الاستقالة الحكمية مع ان الاستقالة بطبيعتها قائمة على فكرة ارادة ترك العمل وهي ارادة لا ترتب اثرها الا اذا كانت صريحة وخالية من عيوب الارادة مثل الاكراه. ويقو الفيلي ان التردد في تبني الفكرة انعكس منطقيا على تفسير النص من قبل الجهة التي اناط بها المشرع الاختصاص بتفسيره لجهة الادارة، فقد فسر مجلس الخدمة المدنية النص السابق بانه تقديم للاستقالة وليس استقالة مقبولة وهذا أرجع الادارة الى المربع الاول وألزمها بإصدار القرار الذي كان المشرع لا يريد لها ان تصدره، وكان يريد للنتيجة ان تترتب بحكم القانون دون تدخل من الادارة. ونلاحظ ان استخدام مفهوم الاستقالة يجعل الادارة في موقف حرج ذلك ان الموظف ان عاد الى العمل بعد الغياب الموصوف وقبل صدور قرار قبول استقالته فإن رجوعه يلزم اعتباره عدولا عن الاستقالة وبالتالي يصبح قرار قبولها باطل لأنه صدر على غير محل.

  ثانياً: أثر الخطاب التشريعي

التشريع وسيلة من وسائل تنظيم السلوك الإنساني تمتاز بالإلزام المقرون بجزاء ولذلك لا يحسن اللجوء لها ان كان من الممكن تحقيق النتائج المبتغاة بوسائل اخرى مثل العادات والتقاليد التي تقود الى الزجر الاجتماعي مثلا ويعرض مونتسكيو لهذه الفكرة بقوله لا يجوز اللجوء الى التشريع الا بيد مرتجفة ذلك ان التشريع غير الضروري سيئ بحد ذاته لانه استنزاف للتشريع كأداة بدون مبرر. ونلاحظ في هذا الصدد ان المشرع يميل احيانا الى التشريع استجابة لدوافع سياسية دون مبرر فني فقانون اعدام المسيء للذات الالهية كان مرتبطا على الارجح بحاجة الائتلاف المشكل للأغلبية في المجلس المبطل الاول عام 2012 لقضية تسمح بربط أجزاء الائتلاف، اما من الناحية الفنية فلم نكن بصدد سلوك يشكل ظاهرة انسانية تستدعي تدخلا تشريعيا بهذا الحجم، كما ان المعالجة التشريعية كانت مليئة بالثغرات.

والدوافع السياسية للتشريع قد تظهر في حالة عدم القدرة فنيا على حل المشكلة فيلجأ المشرع الى وضع التشريع وهو عالم بعدم كفايته او عدم القدرة على تنفيذه باعتبار ان التشريع يسمح له بالتخلص من مسؤوليته عن حل المشكلة. وأهمية دراسة جدوى التشريع لا تقف عند التمعن في ضرورته كي لا يصار لاستخدامه بدون مبرر حقيقي، فالأمر يمتد لدراسة علاقة التشريع المزمع صنعه بالتشريعات الأعلى واثر التشريع محل البحث على بقية التشريعات القائمة،  وملاءمة استخدامه نوعيا للتعامل مع الموضوع محل التنظيم. هل يحسن ان يكون التنظيم بقانون ام تكفي اللائحة لتنظيمه؟

وتتزايد اهمية دراسة التشريعات من حيث جدوى وجودها لاننا اليوم بصدد تضخم في عدد التشريعات على نحو يؤثر في قدرة المكلفين على العلم بمضمونها وبالتالي العمل بها، كما ان كثرة التشريعات غير الضرورية تقود الى البطء في انجاز الاعمال، موضحا أن الاهمية العالية لدراسة جدوى التشريعات حدت ببعض الانظمة القانونية لتقرير وجوبها تحت هذا العنوان وقد فعل المشرع الدستوري الفرنسي ذلك بالنسبة للقوانين وضمن هذا الحكم في حزمة التعديلات الدستورية التي تم اقرارها عام 2008.

ان عدم وجود التوجيه الصريح في الدستور بدراسة جدوى التشريعات قبل اقرارها لا ينفي اهمية هذا الاجراء ومنطقيته، والقواعد القانونية القائمة تسمح لجهات اعداد التشريعات ودراستها مثل ادارة الفتوى والتشريع

واللجنة التشريعية في مجلس الامة بفعل ذلك. ويمكن في هذا الصدد اعداد نموذج نمطي لدراسة جدوى التشريع المراد اقراره ويتم تضمين هذا النموذج عددا من النقاط يلزم بحثها:

 1- علاقة التشريع بالتشريعات الاعلى مثل الدستور بالنسبة للقوانين والدستور والقوانين في حالة اللوائح.

2- مدى كفاية ضوابط السلوك غير التشريعية لمعالجة الموضوع ومدى كفاية التشريعات القائمة لتحقيق الغرض المبتغى من التشريع.

3- مدى امكان استخدام ادوات قانونية ابسط واقل تكلفة من الاداة المقترحة، فإن امكن الوصول للنتيجة المرجوة بتعديل القانون بدلا من الدستور او بوضع مرسوم بدلا من تشريع قانون يكون ذلك افضل.

4- مدى اثر التشريع المستحدث على المنظومة القانونية القائمة.

5- مدى وضوح التشريع بالنسبة للمكلف.

6 – التكلفة الاقتصادية للقانون في حال اقراره.

ان القائمة السابقة مثال للعناصر التي يلزم ان تتضمنها دراسة الجدوى التشريعية، ووجود هذه الدراسة امام الجهة المختصة باقرار التشريع من الممكن ان يرشد العمل التشريعي.

قولنا بإمكان تبني هذه الفكرة بدون الحاجة الى تشريع يقرر وجوب اجرائها لا يمنع من تحبيذ صدور قانون يلزم جهات اعداد التشريعات بوجوب اعداد مثل هذه الدراسة، مع تحديد عناصرها لتقديمها للجهة المختصة بإقرار التشريع لان مثل هذا القانون يوفر للجهات الفنية غطاء يحميها من ضغط الاستعجال.

 ونعتقد ان علنية مراحل اعداد القانون تجعل تطبيق اقتراح الزامية دراسة الجدوى التشريعية بالنسبة للقوانين اسهل وأكثر انضباطا مقارنة باللوائح لأن اعداد النوع الاخير من التشريعات يتم وفق اجراءات لا تدخل العلنية كعنصر فيها وفق القواعد القائمة حاليا.

 ثالثاً: التشريع منظور له  من زاوية المكلف:

التكليف عنصر اساسي في التشريع ووضوح التكليف المقرر في التشريع وعلم المكلف به عنصر من عناصر مشروعية الزام المكلف بالأحكام المقررة في القانون فلا تكليف بمجهول. ووضوح التكليف يساعد ايضا، الى حد كبير، في انتشار الالتزام الطوعي بالتكليف وهو امر منشود فلا يحسن ان نبني التزام المكلف على فكرة الجبر والعقاب فقط فالالتزام الجبري عالي التكلفة ولا يمكن التعويل عليه منفردا.

الى جوار ما سبق نلاحظ ان لوضوح التكليف اهمية دستورية فهو عنصر من عناصر السلامة الدستورية في القوانين الجزائية، فعدم تحديد الركن المادي في الجريمة يجعل التجريم غير سليم من الناحية الدستورية لانتفاء ركن المشروعية في الجريمة. والقضاء والفقه الدستوري المقارن اصبح يتوسع في هذا الامر ويدخله في اطار مفهوم الامن القانوني. ووجوب وضوح التكليف التشريعي قاد المحكمة الدستورية الى تقرير عدم جواز ترتيب جزاء على ادعاء مخالفة قانون لم يحدد في صلبه التكليف بشكل واضح، وموقف المحكمة في هذا الحكم كان منطقيا فعندما يقرر المشرع في المادة الاولى من قانون الانتخاب ان المرأة ملزمة بضوابط معينة في ممارسة الترشيح والانتخاب ودون تحديد هذه الضوابط لا يجوز افتراض هذه الضوابط من قبل الادارة او القضاء لأنها بالنهاية تتعارض مع اصل الحرية وهو اصل قائم حتى يريد عليه التقييد الصريح والتقييد هنا على خلاف الاصل وبالتالى لا يجوز افتراض وجوده او التوسع في معناه.

وضوح مضمون التكليف في التشريع يرتبط بوضوح فكرة التشريع لدى صانع التشريع ويرتبط أيضا بوضوح اللغة الموصلة لمضمون التكليف. واللغة المستخدمة في كتابة التشريعات يجب ان تحقق هدفا مزدوجا وهو الدقة في تحديد التكليف ووضوح التكليف لدى المكلف.

يلاحظ في هذا الامر ان اللغة المستخدمة في كتابة التشريعات تستهدف المختصين بالقانون اكثر من اعتنائها بتوضيح التكليف لجمهور المكلفين ولعل توجيه الجهد في توضيح الخطاب التكليفي للمكلفين ذاتهم يستحق عناية اكبر.

  رابعاً: بعد صناعة التشريع

بعد اقرار التشريع من الواجب نشره ومن المنطقي تسهيل علم الناس بمضمونه وتوضيح احكامه لهم كما ان مراجعته من حيث فعلية تحقيق احكامه للغرض منها امر منطقي الى درجة ان متابعة هذا الامر ودراسته تكاد تقترب من الواجب.

1- النشر: نشر التشريعات وجوبي لان التكليف لا يستقيم بدون علم حقيقي او مفترض ونلاحظ في هذا الامر ان وسيلة نشر القوانين محددة في الدستور وهي الجريدة الرسمية اما التشريعات الادنى من القانون فإن نشرها غير منظم بشكل دقيق مع اهميتها العالية بالنسبة للمكلفين، كما ان النشر الالكتروني وهو اليوم مهم جدا يعتمد على اجتهادات اكثر من اعتماده على تنظيم تشريعي ملزم ولذلك فإننا نجد ان النشر قد يتم متزامنا مع الإقرار كما نجد في حالات اخرى تشريعات منشورة دون التعديلات التي تم اقرارها.

التعامل بشكل جيد مع موضوع النشر مهم جدا لسلامة تطبيق القانون وقد يكون مفيدا اناطة مسؤولية النشر بالاجهزة التي تقوم بإعداد التشريعات ومراجعتها مع تنظيم تشريعي يجعل الادارة مسؤولة عن متابعة نشر التعديلات.

2- المراجعة: التشريع هو اجتهاد من المشرع لوضع التنظيم الامثل للسلوك الانساني وهذا الاجتهاد قد يأتي بالثمار المرجوة منه، كما قد لا يكون الامر كذلك اما نتيجة عدم دقة الاجتهاد الذي على اساسه وضع التشريع او لتغيرات في المعطيات تجعل التشريع القائم غير ملائم.

والمشرع يرتب في حالات معينة آلية لمراجعة التشريعات ومثال ذلك ما تقرره المادة 71 من قانون تنظيم القضاء فوفقها «يعد المجلس الأعلى للقضاء تقريرا في بداية شهر أكتوبر من كل عام أو كلما رأى ضرورة لذلك، يتضمن ما أظهرته الأحكام القضائية وقرارات الحفظ الصادرة من النيابة العامة من نقص في التشريع القائم أو غموض فيه وما يراه لازما للنهوض بالعدالة، ويتولى وزير العدل رفع هذا التقرير إلى مجلس الوزراء.

والحكم المقرر في النص السابق منطقي جدا فالقضاء والنيابة العامة يملكان بحكم تكوينهما المهني وعملهما ادوات جيدة لمراجعة التشريعات في واقعها العملي ونعتقد ان قصر تقديم التقرير على السلطة التنفيذية غير موفق وكان من الافضل وضع مجلس القضاء بمسافة متساوية من الحكومة والبرلمان فكل منهما يملك حق تحريك الاقتراح التشريعي بل ان البرلمان اقرب للموضوع دستوريا. اشراك مجلس القضاء في عملية مراجعة تطبيق التشريعات امر ايجابي وهي مراجعة كما يقرر القانون الاصل فيها الدورية، كما ان مجلس القضاء يملك تقديم تقارير اضافية كما هو وارد في النص، والحكم السابق لا يمنع من تقرير ان غياب المعلومات المنشورة عن مضمون هذه التقارير يجعلنا غير قادرين على تقييم دور مجلس القضاء في هذه المسألة.

الى جوار القضاء يمكن تكليف الجهات المتعاملة مع التشريعات كإدارة الفتوى والتشريع والبرلمان بإجراء مراجعة دورية للتشريعات او وضع آلية لقياس حسن تحقيقها للغايات المرجوة منها. ولعل وجود آلية للتقييم وقياس تحقيق الاهداف يوازي من حيث الاهمية وجود آلية لدراسة الجدوى من وجود التشريع قبل اقراره.