لم تكد تنتهي تداعيات رفع الدعم عن الديزل من هزة في الأسواق، وارتفاع مُبالغ في الأسعار عجزت الدولة فعلياً عن مواجهته، وثبتت في النهاية الأسعار الجديدة، وأُغلق الملف من قبل الحكومة ومجلس الأمة دون أي إجراء، يدفع المواطنون ثمنه الآن، لم تنتهِ تداعيات ذلك حتى خرجت علينا وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل والتخطيط، هند الصبيح، لتعلن نية وزارتها الجدية في «خصخصة» الجمعيات التعاونية. تلك التجربة الرائدة في الكويت ذات الإيجابيات الكبيرة في مجالي الخدمات الاستهلاكية والاجتماعية، التي لا تقارن مع سلبياتها على مدى العقود الخمسة الأخيرة.

Ad

قضية الخصخصة في الكويت قصة لم تثبت نجاحها في أي مجال، وتطبيقها بسرعة على الجمعيات التعاونية سيكون له تداعيات خطيرة، خصوصاً بعد أن كرّس فشل الدولة في قضية ضبط الأسواق وحماية المستهلك، وهذا ما ثبت فعلياً للمرة «...» في قضية رفع أسعار الديزل، كما أن جميع تجارب تحويل قطاعات حكومية إلى القطاع الخاص توضح عدم نجاحها، فماذا حدث في «خصخصة» محطات الوقود سوى اختفاء العمالة الوطنية لمصلحة العمالة الآسيوية، وبقاء حتى مضخات الوقود القديمة على حالها.

وفشل تجربة الخصخصة واضح المعالم على الواجهة البحرية لحي شرق التاريخي في الكويت، المملوء بالقطط والأوساخ والأرصفة وأعمدة الإنارة المحطمة! وكذلك في النقل العام نرى مستوى آليات وحافلات الشركات الخاصة المهترئة، التي تبث الدخان الملوث طوال الوقت، على طول وعرض طرق البلاد، أما في ما يتعلق بمنح مبنى المطار لشركات خاصة، فتلك معاناة أخرى للمواطن والمقيم والزائر، فقد جعلت المطار سوقاً «واقفاً»، فلا يوجد كرسي للمسافر يجلس عليه من بعد «كاونترات الوزن»، وحتى الجوازات بسبب تأجيرها كل فراغ وزاوية في أرجاء المطار.

وفي ما يتعلق بخدمات الإنترنت، فإن خصخصة هذا القطاع لمنح فرص التنافس بين عدة شركات لمصلحة خدمة المستهلك، جاءت بالعكس تماماً، بل إن أسعار هذه الشركات هي الأعلى في المنطقة، وفي الأسبوع الماضي زاد بعضها أسعاره بنسب تناهز الـ30 في المئة مع زيادة الأسعار الشاملة التي شهدتها البلاد بسبب موضوع الديزل!

الخلاصة أن خطوة الدفع بخصخصة الجمعيات التعاونية، وحرمان المجتمعات المحلية (الضواحي) من خدماتها، هي فكرة عبثية سيكون لها تداعيات سيئة جداً على البلد، بسبب عجز الدولة عن ضبط الأسواق وتقديم الخدمات الاجتماعية في ظل ضعف دور مختارية المناطق، وأسلوب الإدارة المحلية للمحافظات الست في الدولة.

***

هناك بعض المعلومات التي تخرج من وزارة الداخلية، وتحديداً من إدارة الجوازات والجنسية، عن بداية صرف الجوازات الكويتية الجديدة في شهر مارس أو أبريل المقبلين. ورغم حاجتنا الملحة لتلك الجوازات لتسهيل حصول المواطنين على تأشيرات الدخول حول العالم، وسلاسة عبورهم لجميع المنافذ الدولية، بالإضافة إلى ضمانات أمنية مستحقة، فإن التوقيت المطروح لبداية صرف تلك الجوازات غير مناسب، إذ سيخلق ربكة وزحاماً شديدين، لقربه من موعد الإجازة الصيفية وفترة العمرة المكثفة خلال شهر رمضان، وبعد ذلك موسم الحج، خصوصاً إذا علمنا أن لدى العموم فكرة غير دقيقة أن الجواز الإلكتروني الجديد يمكّن حامله تلقائياً من الحصول على تأشيرة «شنغن» لخمس سنوات، مما سيدفع الناس إلى الحصول على الجواز الجديد في الصيف المقبل، لذا فإن الاقتراح الأمثل لبداية صرف الجوازات الجديدة هو شهر أكتوبر المقبل بعد نهاية موسم العطلة الصيفية، وكذلك موسم الحج.