حاصرت جماعة «أنصار الله» الحوثية مقر البرلمان اليمني أمس وأرسلت إشارات متضاربة بشأن تشكيل مجلس رئاسي لإدارة شؤون البلاد، وبينما أعلن مجلس النواب أنه سيجتمع غداً في دورة استثنائية للبت في استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي من عدمها، أعلنت محافظات جنوبية رفضها تلقي أوامر من العاصمة صنعاء.

Ad

غداة تقديم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته استقالتهما، من المقرر أن يعقد مجلس النواب اليمني دورة استثنائية لمناقشة التطورات في البلاد غداة رفضه استقالة هادي وتمسكه بالسلطة الشرعية في البلاد.

وجلسة الأحد التي أعلنتها وكالة الأنباء الرسمية فجر أمس، من المنتظر أن تقرر مصير اليمن وإلى أين يتجه، ومن المفترض أن يبت نواب المجلس باستقالة رئيس الجمهورية، وفي حال لم يوافق النواب على الاستقالة، فسيكون الباب مفتوحاً أمام دخول اليمن في «فراغ دستوري»، إذا أصر الرئيس المحاصر من قبل ميليشيات جماعة «أنصار الله» الحوثية على عدم ممارسة مهامه.

وتعذّر انعقاد مجلس النواب أمس، لأن البرلمان في فترة بين دورتين، ويجب إعطاء الوقت للنواب للعودة.

وتأتي استقالة هادي الذي اعتبر أن اليمن وصل إلى «طريق مسدود» بعد أن قدمت الحكومة اليمنية التي تم تشكيلها قبل أقل من ثلاثة أشهر، استقالتها بعد أن استولت الميليشيات الحوثية على مجمع القصر الرئاسي.

ترحيب حوثي

من جهتها، رحبت الجماعة الحوثي بتقديم رئيس الجمهورية استقالته، ولوّحت بتشكيل مجلس رئاسي لإدارة البلاد يضم قيادات عسكرية وممثلين عن اللجان الشعبية التي تتبعها، لكنها عادت ونفت أن تكون قد حسمت أمرها بشأن تشكيل المجلس أو الخطوات التي ستتبعها في الفترة المقبلة.

ونفى عضو المكتب السياسي للجماعة علي العماد صحة ما تردد من أنباء عن تشكيل مجلس رئاسي، وقال لوكالة الأنباء الألمانية، إنهم حتى اللحظة لم يحددوا ما الخطوات التي سيتم تنفيذها.

في موازاة ذلك، طوقت ميليشيا «أنصار الله» البرلمان ومقرات عدد من كبار المسؤولين بينهم وزير الدفاع محمود صبيحي ورئيس المخابرات علي الأحمدي.

تمرّد جنوبي

وفي غمرة هذه التطورات، قرّرت أربع محافظات في جنوب اليمن الذي كان دولة مستقلة، بينها عدن، رفض تلقي أوامر من صنعاء للوحدات العسكرية وقوات الأمن.

وذكر بيان للجنة الأمنية في محافظات عدن ولحج والضالع وأبين الموالية لهادي مساء أمس الأول أنها اتخذت القرار إثر استقالة الرئيس ورئيس الوزراء.

يذكر أن اليمن الجنوبي كان دولة مستقلة حتى عام 1990.

وفي تطور منفصل، هاجم مسلحون مجهولون مدرعتين عسكريتين في مدينة عدن ليل الخميس -  الجمعة. وذكر مصدر أن ثلاثة انفجارات سمعت أثناء الهجوم الذي أعقبته اشتباكات.

بحاح ينأى بنفسه

إلى ذلك، يبدو أن رئيس الحكومة الذي بحث أمر استقالته الأربعاء الماضي وترك مقر إقامته في وسط صنعاء حيث حاصرته الميليشيات الحوثية طيلة يومين قرر النأي بنفسه عن موقف رئيس البلاد بسبب التنازلات التي قدمها للحوثي بعد أن أبرم معهم اتفاقاً من تسع نقاط وهو محاصر داخل منزله.

ولايزال المسلحون الشيعة منتشرين في كل أنحاء صنعاء، رغم التزامهم بالانسحاب من القطاعات الرئيسية في مقابل تنازلات سياسية من جانب الرئيس.

ووصل مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر أمس الأول، إلى صنعاء حيث بدأ مساء محادثات مع ممثلي الأحزاب السياسية، وبينهم الحوثيون.

ويحاول بن عمر وهو من المغرب تهدئة التوتر الذي أدى الثلاثاء إلى سيطرة الحوثيين على مجمع القصر الرئاسي إثر معارك أوقعت 35 قتيلاً و94 جريحاً.

ودعا اليمنيين إلى «حل جميع الخلافات عبر الحوار بعيداً عن كل أشكال العنف والابتزاز».

تظاهرات

من جهة ثانية، احتشد العشرات في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء ومحافظات يمنية أخرى من بينها تعز وإب والحديدة رفضاً لوجود جماعة الحوثيين، فيما احتشد عشرات من الشباب في محيط مقر البرلمان لمطالبة أعضاء البرلمان برفض استقالة هادي.

واحتشد المواطنون بعد دعوة أطلقتها «حركة رفض» المناهضة لجماعة الحوثي، حيث دعت الحركة أمس الأول، جميع المواطنين إلى المشاركة في أداء صلاة الجمعة في ساحات الاعتصامات ثم التظاهر رفضاً للحوثيين وما وصفوه بـ»الانقلاب» ضد الرئيس.

في المقابل، دعا الحوثيون أنصارهم إلى التظاهر أمس، للتعبير عن «دعمهم للإجراءات الثورية».

مأرب تتأهب

في غضون ذلك، أعلنت قبائل سنية في محافظة مأرب شرق صنعاء تأهبها واستعدادها لمواجهة أي «توغل حوثي» في مناطقها الغنية بالنفط والغاز.

وأعلنت القبائل في المنطقة التي ينتشر فيها تنظيم «القاعدة»، أنها تلقت تعزيزات من قبائل سنية أخرى في مناطق محيطة بمأرب التي طرح وضعها الأمني في الاتفاق المعقود مساء الأربعاء والذي ينص على تدابير أمنية لخفض حدة التوتر فيها.

انسحاب أميركي

دولياً، أعلنت الولايات المتحدة أنها تراقب التطورات في اليمن، موضحة أنها تؤيد أن تكون عملية الانتقال السلمي التي يشهدها اليمن منذ تنحي علي عبدالله صالح «سلمية».

وسحبت واشنطن المزيد من أفراد طاقم سفارتها في اليمن بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، في وقت تبدو واشنطن، وكأنها «متأقلمة» مع سقوط الحكومة اليمنية التي تعدّ حليفاً رئيسياً لها في الحرب ضد تنظيم القاعدة.

ودان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إياد بن أمين مدني، بشدة تواصل العمليات الإرهابية والتعدي على الشرعية في الجمهورية اليمنية، واقتحام دار واصفاً ما حدث بأنه انقلاب.

(صنعاء، مأرب ـ أ ف ب، رويترز،ـ د ب أ)