معارضٌ واحد يبدّل وجهة نظر الجميع
يستحوذ المتمردون على اهتمامنا: رفع اليد اعتراضاً، الوقوف بعناد وسط مجموعة مستسلمة، والقول بكل هدوء: {أتجرأ أن أخالف}. لا شك في أن تحدي المجموعة يتطلب الجرأة، إلا أن الرغبة في نيل رضا الجميع تدفعنا إلى التزام الصمت.
إن كنت تقدر حقاً أهداف وسمعة فريقك، مدرستك، شركتك، ناديك، أو عائلتك، يصبح التكلم بجرأة وشجاعة بالغ الأهمية.يوضح دومينيك باكر، الذي يشرف على مختبر معالجة المجموعة في جامعة ليهاي: {يولد الانشقاق الفرص. قد تتبدل المجموعات بسبب ظروف خارجية، أو قد تتغير من الداخل، ما يُعتبر أفضل وأسلم على الأمد الطويل}. تشكل معارضة المجموعة بحد ذاتها إشارة إلى أن الجميع ليسوا متوافقين، ما يشجع آخرين على رفع صوتهم بحرية أكبر. يضيف باكر: {لا داعي لأن يكون الانشقاق صائباً ليؤدي إلى نتائج إيجابية}.
أما بالنسبة إلى عضو المجموعة المتمرد، الذي يشكك في فكرة المدير السيئة أو توجيهات الشركة غير الملائمة، فيقدم الباحثون بعض الدروس المهمة:تبنَّ النظرة الطويلة الأمد:حتى أفراد المجموعة الأولياء يعبرون عن رأي مخالف، في حال ظنوا أن هذا الأمر يصب في مصلحة المجموعة. إلا أن ما يكون في مصلحة المجموعة لا يبدو دوماً واضحاً. يشير باكر وزملاؤه إلى أن ترددنا في المعارضة ومخالفة الرأي يرتبطان بالتضارب بين الأهداف القصيرة الأمد وتلك الطويلة الأمد. فكّروا في شخص كثير الانشغال لديه عادة سيئة: عليه أن يقلع عنها لمصلحته بأقرب وقت ممكن. لكن الروتين اليومي يتدخل. يكون أعضاء المجموعة عادةً أكثر ميلاً إلى رفع المعنويات وإبقاء المشاريع على مسارها الصحيح، بدل صب الاهتمام على الممارسات أو المعتقدات التي قد تؤذي المجموعة في المستقبل. وقد يكون للطريقة التي نصوغ بها محادثاتنا تأثير كبير. يشير بحث باكر إلى أن أعضاء المجموعة الأكثر شهرة يميلون عادةً إلى الحيد عن المتعارف عليه، عندما يُدفعون إلى التفكير في الصورة الكبيرة. لذلك إذا أردتَ أن تقنع مجموعتك بأن قاعدة قديمة متأصلة تحتاج إلى إعادة تفكير، يوضح باكر أن إثارة الأسئلة حول تأثير ذلك في الناس بعد بضع سنوات من اليوم {قد تدفع المجموعة إلى تقبل التغيير}.اقترح طريقة أفضل: بدل الاكتفاء بالتشكي في شأن مشكلة، اطرح حلولاً عدة على الطاولة، حسبما ينصح عالمَا النفس بيتر كولمان وروبرت فيرغسون في كتابهماMaking Conflict Work: Harnessing Power of Disagreement (إنجاح الصراع: استغلال قوة الاختلاف). امنح انتقاداتك وأفكارك قوة أكبر. صحيح أن الكثير من أفراد المجموعة يتفاعلون مع الانتقادات التي تهدف إلى الخير، إلا أن المتمردين العناد هم مَن برهنوا مراراً عن كفاءتهم، مثل قدامى المقاتلين أو أصحاب الاختصاص. إذا كنت واحداً من هؤلاء، فهذا أمر جيد. أما إذا لم تكن كذلك، فتأكد مما إذا كان أعضاء آخرون في المجموعة يوافقونك الرأي وعزز قوتك مستنداً إلى التجارب والخبرات التي اكتسبتها.صن لسانك:على غرار المتزوجين، تعتمد الشركات والفرق على {مخزون إيجابي}، وفق كولمان. ولكن يمكن للصراعات والأفكار السلبية الكثيرة أن تستنفد طاقة المجموعة وتلهيها. لذلك ينصح كولمان وفيرغسون بتبني مقاربة مدروسة لتحدي رئيسك. يقولان: {طوّر تدريجاً أفكاراً بديلة في عقل القائد بطريقة حساسة وشفافة}. وإذا كنت تود أن تبقى عضواً فاعلاً في المجموعة، فمن الأفضل أن تشارك في سلسلة من المحاولات المتحضرة لنقل وجهة نظرك عوض خوض الصراعات العنيفة.اشحن بطارياتك:يحتاج التمرد إلى الإرادة القوية. فمن الأسهل أن تشرب قهوتك وتتابع روتينك، بدل أن تخاطر وتدعو إلى تغيير طويل الأمد. يكشف العمل الذي أنجزه عالم النفس روي بوميستر وآخرون أن للموارد الذاتية الضبط حدوداً واضحة. ومن الممكن لمهام العمل اليومية التي تتطلب مجهوداً معرفياً أن تستنفد هذه الموارد. وحسبما يشير باكر وزملاؤه، يحد ذلك من رغبتك في خوض الجدالات والمناظرات. لذلك عبّر عن الانتقدات واقترح التغيير عندما تتحلى أنت ومَن يوافقونك الرأي من زملائك بطاقة لا تنضب، أي قبل أن يغوص الفريق في عمل اليوم الكثير أو يطلق مبادرة كبيرة.