أدلى الناخبون في تونس بأصواتهم الأحد في أول انتخابات تشريعية وفق دستور الجمهورية الثانية المصادق عليه بداية 2014، وبلغت نسبة المشاركة غير النهائية 61,8 في المئة، رغم أن الاقتراع حاسم في هذا البلد الذي ينظر إليه باعتباره "بارقة أمل" في منطقة مضطربة.

Ad

وترتدي هذه الانتخابات أهمية بالغة إذ سينبثق عنها برلمان وحكومة منحهما الدستور الجديد صلاحيات واسعة، مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية.

ولا يتوقع أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي نظمت الاقتراع، النتائج قبل الأثنين.

ورغم وجود عدد كبير من القوائم الحزبية والمستقلة والائتلافية فإن الحزبين اللذين يتوقع أن يحصلا على عدد أكبر من المقاعد هما حزب النهضة الإسلامي وحزب نداء تونس الليبرالي العلماني.

وقال الباجي قائد السبسي زعيم حزب نداء تونس في تصريحات اثر غلق مكاتب الاقتراع، أن حزبه لديه "مؤشرات ايجابية" تفيد بأن حزبه في الطليعة، بيد أنه حرص على التأكيد أنه لا يمكن الحديث عن نتائج الانتخابات قبل الإعلان الرسمي من قبل هيئة الانتخابات.

ورفض حزب النهضة من جهته إعطاء أي توقعات، ورفض أحد قادته عبد الحميد الجلاصي إعطاء توقعات داعياً الطبقة السياسية إلى انتظار إعلان النتائج المتوقع الأثنين.

وأعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة بلغت 61,8 في المئة ما يمثل أكثر بقليل من ثلاثة ملايين ناخب في كل أنحاء البلاد، وكان نحو 4,3 ملايين تونسي شاركوا في انتخابات المجلس التأسيسي العام 2011 والتي فاز فيها حزب النهضة.

وبدأت فور انتهاء التصويت عملية فرز الأصوات العلنية بحضور كل من يرغب وخصوصاً أعضاء القوائم المترشحة والمراقبين.

ويبلغ عدد الناخبين المسجلين خمسة ملايين و285 ألفاً و136 بينهم 359 ألفاً و530 يقيمون في دول أجنبية، بحسب إحصائيات الهيئة المكلفة تنظيم الانتخابات.

وبالنسبة إلى المقيمين في الخارج، بدأت عملية التصويت الجمعة واستمرت حتى الأحد،

وهنأ الرئيس الأميركي باراك أوباما الشعب التونسي على الانتخابات التشريعية التي وصفها بـ "الديموقراطية".

وقال الرئيس الأميركي في بيان "بإسم جميع الأميركيين أهنئ شعب تونس على الانتخاب الديموقراطي لبرلمان جديد، وهو مرحلة مهمة في الانتقال السياسي التاريخي لتونس".

وتابع أوباما "أن التونسيين بوضعهم بطاقات الاقتراع في الصناديق اليوم إنما يواصلون الهام الناس في منطقتهم وفي العالم كما فعلوا خلال ثورة 2011، ومع اعتماد دستور جديد خلال هذا العام".

وأضاف الرئيس الأميركي في بيانه "أن الولايات المتحدة تكرر التزامها دعم الديموقراطية في تونس وإقامة شراكة مع الحكومة المقبلة للإستفادة من الفرص الاقتصادية وحماية الحرية وضمان الأمن لجميع التونسيين".

وخلافاً لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي كلف صياغة الدستور الجديد التي أجريت في 23 أكتوبر 2011 وتمكن الناخبون من التصويت فيها بمجرد بطاقة اثبات الهوية، لا يحق هذه المرة التصويت لغير المسجلين ضمن سجلات الاقتراع.

وتنافست في الانتخابات التشريعية 1327 قائمة (1230 قائمة في الداخل و97 في الخارج) موزعة على 33 دائرة انتخابية (27 في الداخل و6 في الخارج) بحسب هيئة الانتخابات.

وتضم القوائم الانتخابية أسماء نحو 13 ألف مرشح "على أساس مبدأ +المناصفة+ بين النساء والرجال، وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة" الواحدة، وفق القانون الانتخابي.

وسينبثق عن الانتخابات "مجلس نواب الشعب" الذي سيمارس السلطة التشريعية لمدة خمس سنوات.

وسيضم المجلس 217 نائباً بينهم 199 عن 27 دائرة انتخابية في الداخل و18 نائباً عن ست دوائر في الخارج.

وفي مكاتب الاقتراع كانت الأجواء جيدة حيث كان ناخبون يتبادلون التهاني بعد التصويت وتلوين سبابتهم اليسرى بالحبر الانتخابي.

وقالت صفاء الهلالي (مدرسة 27 عاما) "لأكون صريحة لقد جئت للقيام بالواجب أكثر مما هو اقتناع باللوائح المتنافسة" مضيفة "يتعلق الأمر بمستقبل الشباب والأجيال القادمة".

ورغم المخاوف من حدوث اضطرابات خصوصاً هجمات ارهابية، فقد جرى الاقتراع دون حوادث تذكر.

ونشرت السلطات 80 ألف جندي وشرطي لتأمين هذه الانتخابات التي سينبثق عنها أول مجلس شعب للجمهورية الثانية لولاية من خمس سنوات.

وقالت انيمي نويتس يوتوبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي بعد ظهر الأحد "حتى الآن الأمور تسير بشكل أكثر من مريح".

وأشاد رئيس الوزراء مهدي جمعة بـ "اليوم التاريخي" وقال أثناء قيامه بالتصويت في مكتب اقتراع شمال العاصمة تونس إن "في نجاح هذه العملية الانتخابية ضمان للمستقبل وكذلك ضمان لانفتاحنا على الخارج، وبصيص أمل نعطيه للشباب في المنطقة الذي أوضاعه في كثير من البلدان صعبة".

وبحسب استطلاعات للرأي أجريت في وقت سابق ومحللين فإن حزبي "نداء تونس" (وسط) و"حركة النهضة" الإسلامية هما الأوفر حظاً للفوز في هذه الانتخابات.

واستبعدت القوى السياسية الكبرى حصول حزب بمفرده على الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة لأن النظام الانتخابي النسبي المعتمد يسهل وصول الأحزاب الصغيرة.

ومطلع 2014 اضطرت حركة النهضة التي حكمت تونس عامي 2012 و2013  إلى التخلي عن السلطة لحكومة غير حزبية بموجب خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادت اندلعت إثر اغتيال أثنين من قادة المعارضة العلمانية في 2013.

وتقود الحكومة غير الحزبية التي يرأسها مهدي جمعة، البلاد حتى الانتهاء من الانتخابات العامة.

وتنظم الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر المقبل.

وقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي لفرانس برس خلال وقوفه في طابور للناخبين أمام مركز اقتراع جنوب العاصمة تونس "التونسيون يصنعون اليوم لأنفسهم تاريخاً جديداً ويصنعون للعرب تاريخاً جديداً مع الديموقراطية، ويبرهنون بأن الذين فجروا ثورة الربيع العربي متمسكون بالوصول بها إلى غايتها في انتاج نظام ديمقراطي حديث".

من ناحيته قال رئيس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي للصحافيين بعد قيامه بالتصويت في مركز اقتراع شمال العاصمة "في انتخابات 2011 أدليت بصوتي لتونس، واليوم أصوّت لتونس، تحيا تونس".