لو استمر نزول النفط... ما العمل؟!
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
كل الأمور السابقة هي مسائل يمكن تصورها إذا استمرت حالة العطالة في سوق النفط، لكن أسهل على الحكومة (أو السلطة بكلام أدق) اختيار طريق أسهل من الناحية الأمنية حتى لا يشعر المواطنون بوطأة الحالة الاقتصادية بصورة خطيرة، الطريق الأسهل، في العقيدة السلطوية، أن تبقي الحكومة على سياسة "التسكيت" أو الاسترضاء بالمنح المالية والهبات للناس، بيدها اليمين، وعصا القمع بيدها اليسار... بكلام آخر، لن تغير شيئاً على المواطنين، غير الزيادة في رداءة الخدمات بحجة عدم كفاية بنود الميزانية، وحتى تفعل ذلك، أي تبقي الأمور على حالها، وتتجنب مخاطرة التظاهرات والمسيرات، لأن "السكين وصل العظم" ليس عند أرباب السلطة، مثلما صور الأمر الشيخ محمد العبدالله، وإنما السكين وصل عظام الناس العاديين، عندها ستبدأ السلطة "بتكييش" استثماراتها الخارجية وصناديقها السيادية، إن لم تكن فعلت ذلك مسبقاً، وإن كان حجم أصول هذه الاستثمارات والصناديق غير معروف على وجه الدقة، ومن المؤكد أن الكثير من الخسائر أصابتها في الماضي لغياب الرقابة الفعالة عليها، وهيمنة أفراد قلائل من حزب "حاضر طال عمرك" عليها. فنحن نتذكر، جيداً، على سبيل المثال، قضايا استثمارات إسبانيا أيام الاحتلال، وكيف تمت سرقات كبرى قيدت ضد مجهول حينها، كما أن هذه "المصادر الخارجية للدخل، أي الاستثمارات، وفرت للعديد من المهيمنين النافذين في الحكم أداة شراء ذمم لسياسيين ومشرعين، واغتناء غير مشروع وحكاياتها قريبة من الذاكرة، إلا أن تلك الاستثمارات ظلت الرافد الثاني للدخل العام، وغير برميل النفط وصناديق الاستثمار، "سلامتكم ما كو شي" بجيب الدولة، وحين يتم "التكييش" لأموال الدولة، ماذا يبقى، لنا (وليس الأجيال القادمة كما نردد، فقد نسيت هذه تماماً) من أعمارنا وعمر الدولة...؟!كارثة إن ظلت السلطة، تفكر، وتسير، بطريقتها القديمة ذاتها، وهي لن يمكنها تغيير نهجها، ما لم يتغير البشر الذين يحركون دفتها، لتصارح الناس بحقيقة أوضاعنا اليوم، ولتوعيهم بخطر الحال، وتخبرهم أن أيام البندروسا ولت من غير رجعة، ولتفتح أبواب التغيير وتقطع دابر الفساد والمحسوبيات في أجهزة الدولة المترهلة، بمشاركة سياسية حقيقية، وهذه المشاركة ليست ضامناً لخلق دولة الحداثة والحصافة والقانون أو توثق نهاية عمر الفساد، فالأخير، سيظل باقياً طالما ظلت دولة الريع باقية، لكن تلك المشاركة، في أسوأ حال، ستضمن أن الناس أحرار في اختيار مصيرهم، ويتحملون نتائج قراراتهم.