النفط الصخري لن يصمد طويلاً عند 65 دولاراً للبرميل
يبدو أن منظمة أوبك مازالت تلعب دورا مهما في سوق النفط، فقد أدى قرارها بإبقاء معدلات الإنتاج من دون تغيير عند 30 مليون برميل يوميا يوم الجمعة الماضي الى هبوط في الأسعار بنحو 10 في المئة، وأثبتت المنظمة من جديد أنها تستطيع إحداث تحولات ضخمة في أسعار النفط، رغم كونها في الاتجاه المعاكس لرغبة معظم أعضائها.وكانت ايران والعراق وليبيا وفنزويلا تأمل خفضا يبلغ مليون برميل على الأقل، من أجل منع المزيد من الهبوط في أسعار النفط. وحسب تقديرات محللي سيتي بنك فإن العالم ينتج حوالي 700 ألف برميل يوميا أكثر من احتياجات الطلب الاجمالية.
السيطرة على العجزومع هبوط أسعار النفط الى أقل من 70 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ سنة 2010 ستعاني معظم دول منظمة أوبك من مصاعب في السيطرة على العجز في ميزانياتها. وبحسب تقدير صدر عن بنك غولدمان ساكس في الشهر الماضي فإن الكويت والامارات وقطر لا تواجه مشكلة ضمن أسعار أدنى من 70 دولارا للبرميل.ويحاول قرار المنظمة توجيه ضربة قاصمة الى منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة، من خلال خفض الأسعار الى أقل مما يستطيعون تحمله. وبتلك الطريقة تستطيع السعودية، وهي أكبر دولة مصدرة في المنظمة، المحافظة على حصتها السوقية في الولايات المتحدة، لكن الأضرار التي ستلحق بالدول المصدرة الاخرى يمكن أن تكون فادحة.وفي روسيا، على سبيل المثال، هبطت قيمة الروبل، كما أن العراق يعاني أصلا متاعب في محاربة الدولة الاسلامية، داعش، وهبوط أسعار النفط لن يكون مساعدا. وتنتشر الفوضى في ليبيا، إضافة الى أن اقتصاد فنزويلا المنهك بشدة يعتمد على النفط في 95 في المئة من دخله.انخفاض الإنتاج من جهة اخرى، أعرب وزير النفط الايراني في تصريح الى "بلومبرغ نيوز" في الأسبوع الماضي عن شكوكه في امكانية نجاح هذه الاستراتيجية: "لا توجد حقيقة أو ارقام تشير الى أن إنتاج الزيت الصخري سينخفض بصورة مؤكدة".وقد يهبط إنتاج الولايات المتحدة ولو بعد فترة من الوقت، ومن غير المحتمل مع وصول سعر برميل النفط الى 65 دولارا أن تتمكن الولايات المتحدة من المحافظة على وتيرتها القياسية في زيادة إنتاج النفط.وقد قفز إنتاج النفط بالولايات المتحدة من نحو 5 ملايين برميل يوميا في 2008 الى أكثر من 9 ملايين، وحتى قبل قرار منظمة أوبك الأخير كان المتنبؤون يدعون الى تباطؤ. وفي شهر مايو الماضي، على سبيل المثال، أشارت توقعات وكالة معلومات الطاقة الى أن اجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط سيبلغ أقل من 10 ملايين برميل يوميا قبل سنة 2020.والسؤال هو: متى ستبدأ الأسعار في قضم ذلك النمو؟ قد يتطلب ذلك معظم السنة المقبلة. وقد تم استثمار أموال في آبار تنتج في الوقت الراهن، وآبار المستقبل هي التي تتعرض للخطر مع تقليص شركات النفط استثماراتها في السنوات القليلة المقبلة. ويقول مانوج نيخامج، وهو رئيس البحث في مجموعة إنفستمنت تكنولوجي، "لا تحبسوا أنفاسكم إزاء استجابة إنتاج لأن فترة 6 اشهر ستمر بين هبوط المنصات والتباطؤ في الإنتاج".إغراق السوقوسيكون لذلك تأثيره الكبير في السنوات القليلة المقبلة، خاصة ان الزيت الصخري في الولايات المتحدة يشكل نحو 20 في المئة من كل استثمارات النفط الخام في العالم. ورغم ذلك فإنه من المرجح أن تواصل الولايات المتحدة في الأشهر العديدة المقبلة إغراق الأسواق بالخام، ما سيفضي الى استمرار هبوط أسعاره. وثمة حديث في الأساس عن وصول سعر البرميل الى 40 دولارا.وبشكل متوسط تتسم تشكيلات باكن في داكوتا الشمالية ومونتانا بتكلفة أعلى من بعض مكامن الزيت الصخري الكبرى في تكساس، مثل ايغل فورد وبيرميان، وتحتفظ أكبر شركة مشغلة في باكن وهي كونتننتال ريسورسز، التي يديرها الملياردير هارولد هام، بنحو 1.2 مليون أكر من الأرض في تلك المنطقة. وتزيد تلك المساحة كثيرا عن ثاني أكبر مستأجر وهي اكسون موبيل التي تحتفظ بـ845000 أكر، بحسب معلومات "بلومبرغ إنتلجنس".يذكر أن باكن كانت واحدة من محركات النمو الرئيسية في الولايات المتحدة منذ سنة 2007، وارتفع إنتاج النفط هناك من أقل من 200 ألف برميل في اليوم الى اكثر من مليون برميل. وقد حدثت الطفرة بسرعة كبيرة، ولم يتوافر الوقت لشركات الأنابيب لبناء ما يكفي من الخطوط الى الحقول، وكانت النتيجة ثروة بالنسبة الى شركات السكك الحديدية التي عملت بسرعة على سد الفجوة. وخلال السنتين الماضيتين تم نقل معظم النفط من داكوتا الشمالية عن طريق القطارات.* ماثيو فيليبس