وسط "الحوارات" المتواصلة بين القوى اللبنانية، والعاجزة إلى الآن عن التوصل إلى نتائج جدية، وبعد يوم من إعلان تمسكه برئيس تكتل "التغيير والإصلاح" زعيم "التيار الوطني الحر" النائب ميشال عون مرشحاً وحيداً لرئاسة للجمهورية، عاد "حزب الله" ليصعد من جديد في موضوع رئاسة الجمهورية، مبشراً بأن الفراغ الرئاسي سيطول جداً، إلا إذا أقدمت الأطراف الأخرى على تقديم تنازل كبير يتضمن الرضوخ لعنوانين عريضين يتمسك بهما الحزب ويندرجان تحت بند الاحتفاظ بالسلاح، ألا وهما: أولاً: ما يسميه الحزب "المقاومة"، أي احتفاظه بسلاحه ومنظومته الأمنية وبقرار السلم والحرب تحت شعار قتال إسرائيل، وثانياً: ما يسميه الحزب الحرب على التكفيريين أو بلغة "الشيطان الأكبر" الحرب على الإرهاب، ما يعني عملياً قبول باقي القوى بوجود "حزب الله" العسكري داخل سورية إلى جانب قوات النظام وعلى الحدود الشمالية الشرقية.  

Ad

في هذا السياق، قال رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" (حزب الله) النائب محمد رعد أمس "صحيح أنه يوجد فراغ على المستوى الرئاسي، لكن هذا الفراغ لن يملأ قبل أن يتفاهم اللبنانيون على العقلية والمنهجية التي سيلتزمها الحكم في لبنان، خصوصاً مع العدو الصهيوني والإرهاب التكفيري".

واعتبر رعد أن "فراغاً تملؤه شخصيات لا تعرف الاتجاه الذي يجب أن تسلكه يمكن أن يضيع البلد، ونحن نشجع كل اللبنانيين من أجل الوصول إلى النتيجة التي تحدد خيار البلد الصحيح حتى يقوم الرئيس الجديد بقيادة السفينة في اتجاه خدمة هذا الخيار الوطني الصحيح".

وفي مؤشر جديد إلى مدى التصلب الذي يبديه حلفاء "حزب الله" في موضوع الرئاسة، جدد المسؤول الإعلامي في تيار "المردة" سليمان فرنجية تمسك فريقه بعون رئيساً للجمهورية، وقال في هذا السياق "إذا أنتج الحوار بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر أن يكون العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية فنحن نعول عليه ونرحب".

وهذا التصلب المستند في ما يبدو إلى لحظة إقليمية مختلة لمصلحة محور إيران وحلفائها جاء ليناقض الأنباء التي تشير إلى إمكانية حدوث لقاء بين زعيم "القوات" سمير جعجع وعون خلال ساعات، أو تحديداً قبل عيد مار مارون شفيع الطائفة المارونية غداً الاثنين. ولم تستبعد مصادر مراقبة مقربة من "القوات" أن يحصل هذا اللقاء، لكنها أكدت أن اللقاء لا يمكن أن يحمل أي خرق في هذه اللحظة السياسية، وان "حكيم القوات"، الذي لم يقدم أي تنازل في فترات كانت أكثر مناسبة لتقديم التنازلات، لن يقوم الآن بأي خطوة غير محسوبة كمثل تسليم البلاد على طبق من فضة، كما أشارت المصادر.   

في المقابل، لاتزال الضبابية تلف موقف تيار "المستقبل" وموقعه الحالي في الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. ووسط الحديث عن نزاع "داخلي" بين وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي كان يحسب على "صقور المستقبل" وبات بعد التوزير محسوباً على جناح الداعين إلى التقارب مع "حزب الله"، وبين رئيس الحكومة الأسبق رئيس كتلة المستقبل البرلمانية فؤاد السنيورة المتمترس بحسب المراقبين في خندق واحد منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل 10 سنوات.

وبعد أن قال "حزب الله" أمس الأول من الرابية، إن موضوع "سرايا المقاومة" غير مطروح على البحث في الحوار معه، اعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت أمس أن "البحث في بند سرايا المقاومة يفترض أن يكون البند التالي بعد إزالة الشعارات"، نافياً "وجود توجهين في التيار"، مضيفاً: "أحياناً هناك قراءتان، ولكنّ هناك توجهاً واحداً".