ازداد العبء السياسي الملقى علينا، وأثقلت أحداث المنطقة كاهل أجهزة دول الخليج أمام الأحداث السياسية، والتي ابتدأت بشعور مزيف لجماعات حوثية وغيرها بالقوة والقدرة على الاستيلاء الهمجي على مكامن الدولة، فانطلقت بعد استنفاد كل سبل الحوار "عواصف الحزم" من دول اختارت مساعدة الرئيس اليمني بعدما طلب المساعدة لاستعادة الشرعية واسترداد القوام السياسي للدولة.

Ad

 وفي ظل السباق الإعلامي الذي انطلق من قمة شرم الشيخ تحت مظلة جامعة الدول العربية والإعلام الأجنبي اتضحت الرؤيا، واتضح التضامن المساند والداعم لموقف المملكة العربية السعودية؛ بالتمسك بحفاظها على سلامة وأمن شريطها الحدودي.

ولم يكن تضامن المواقف من القضايا غريبا، ولم تكن أيضا الجهود المبذولة تجاه احتواء الخلافات والنزاعات الإقليمية غريبة أيضا، فقد اعتادت المنطقة بناء التحالفات وقت الأزمات لكنها لم تعتد حتى الآن على التخطيط لمرحلة ما بعد العاصفة، والتي أشار إليها قادة دول الخليج المشاركة الخمس بالخطة الخليجية المطروحة قبل خمسة أعوام لإنقاذ اليمن.

تلك الخطة التي أعلنتها الأمانة العامة لدول مجلس التعاون باجتماع الرياض، وفور تسلم الأمين العام الزياني مهامه، قد تضمنت بنودا عديدة أبرزها تشكيل حكومة وحدة وطنية ووضع دستور، وإيجاد حل سلمي للتوافق بين الحكومة والفئات المعارضة، ولا شك أنها بحاجة إلى تعديل طبقا للظروف الحالية وللأطراف المفاوضة المستجدة على الساحة.

ولا أدري لماذا وسط الأحداث والعواصف يحضرني تاريخ الكويت الدبلوماسي في فترة الستينيات؟ قد يكون السبب علاقاتنا باليمن آنذاك، والتي توجتها الجهود المبذولة بإنشاء جمعية الخليج والجنوب الخيرية، والتي ساهمت في العمل الإنساني وللمرة الأولى في مجال تعليم الشباب اليمني، والجهود التفاوضية التي قدمتها الكويت لحل النزاع اليمني مع دول عربية.

وقد يكون السبب سعي الكويت المبكر للوصول إلى مقعد بمجلس الأمن لتحمل على عاتقها قضايا العالم العربي والإسلامي، أما اليوم فقد اختلفت الظروف وتبدلت الأدوار، ولكن لم تختلف ظروف منطقة الشرق الأوسط عن الستينيات، فما زالت حتى يومنا هذا مشتعلة بنيران الخلافات وسط نقاط التماس بين مقومات الدولة والجماعات التي تتخذ من العنف منهجاً؛ لتعمل خارج الإطار السياسي المعتاد، ولم يتبق أمامنا إلا الوصول إلى المعادلة الصعبة لاحتواء الصراع عبر التدخل الأمني العربي (عاصفة الحزم) كمرحلة أولى، ثم الحوار العربي والدعم الإنساني كمرحلة لاحقة في ظل مراهنة البعض على دور الأمم المتحدة وذراعها الأمني والإنساني.