حديقة كاليستو وميليبيا
في قلب المدينة الذهبية سالمنكا التابعة للمملكة الإسبانية، وتحديداً في الجزء التراثي فيها توجد حديقة كاليستو وميليبيا، حديقة ساحرة وخلابة مزروع في أحشائها الكروم والتين والزهور وغيرها؛ مما جعلها مكاناً للاسترخاء وملتقى للعشاق، يستقبل الزائر عند دخوله هذه الحديقة تمثال لعجوز شمطاء وأسفله نحت لرجل وامرأة. من هما؟ ولماذا يوجد هذا التمثال في حديقة بهذا الجمال؟في أواخر العصر الخامس عشر ميلادي في فترة حكم الملوك الكاثوليك إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة وفرناندو الثاني ملك أراغون، يكتب لنا فرناندو دي روخاس (كاتب ولد سنة 1541 وعاش في سالمنكا لاستكمال دراسته الجامعية) واحداً من أشهر المؤلفات الإسبانية بعنوان "لا ثيليستينا"، الكتاب مكون من جزأين: الأول ظهر سنة 1499 والثاني 1502. يكتب لنا المؤلف في آخر الكتاب أنه لم يكتب هذه القصة بل وجدها في مكان ما وأعجب بها وقام بسردها، ولكن يؤكد المؤرخون والعلماء أن هذا الجزء من الكتاب وضع لأسباب عدة؛ منها خوف الكاتب من حكومته التي كانت شديدة التدين لأن محتوى الكتاب يعج بشخصيات لم تكن مقبولة اجتماعياً آنذاك وتحالفات شيطانية وسحر وقصة حب محرمة.
لا ثيليستينا، تدور حول شخصيات من الطبقة النبيلة والطبقة الكادحة، حكاية عجوز بعمر الـ70 كانت تعمل بائعة هوى في ريعان الشباب، وهي واحدة من الشخصيات الرئيسة بالكتاب، تملك علوما ما ورائية، وذلك بعد تحالفها مع الشيطان فتقوم بأعمال الشعوذة والسحر لجلب المحبة. تدور أحداث هذا الكتاب الرائع عن كاليستو وهو رجل نبيل يعشق من النظرة الأولى ميليبيا بعد أن يراها في الحديقة وهي ترفضه، فينصحه خادمه أن يذهب إلى لا ثيليستينا لكي تساعده بالفوز بقلب ميليبيا مقابل مبالغ مالية، وتقوم لا ثيليستينا بسحر قلب ميليبيا، ويتم اللقاء بالحديقة، فيذهب خادم كاليستو إلى لا ثيليستينا بعد فترة لأخذ عمولة منها لكنها ترفض فيقتلها ويهرب، لكنه يفشل ويقطع رأسه على مرأى الجميع في ساحة المدينة.كاليستو بعد الدفع بسخاء يقابل ميليبيا مرة تلو أخرى في الحديقة، فيسمع صوت صراخ وعند محاولته النزول من السلم لمعرفة سبب الصراخ يسقط ويموت، وميليبيا عند رؤية كاليستو ميتا ترمي نفسها من الحديقة المعلقة وتموت كذلك.تقول لا ثيليستينا في العرض الثاني عشر من الكتاب: أنا امرأة عجوز لم يخلق الرب أسوأ منها، إذا كنت أعيش بشكل جيد أو سيئ فربي هو الحاكم على ما يحمله قلبي... دمتم بعشق وأدب وثقافة إسبانية.