الأديب أحمد مجدي همام: {الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة} للسخرية من واقع مرير

نشر في 04-11-2014 | 00:02
آخر تحديث 04-11-2014 | 00:02
كان يسعى في مجموعته القصصية الجديدة «الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة» إلى الوصول إلى أقصى درجة من التجريب وأن يخرج من عباءة التقليدية، فكتب جملة «تمارين للكتابة» كي تفتح له آفاقاً واسعة من الحرية. الروائي والقاص أحمد مجدي همام أكد في حواره لـ«الجريدة» أن بعض ما جاء في القصص حقيقي، وبعضه الآخر خيال صرف، وبعضه مزج بين الأمرين، مشيراً إلى أن جملة «الأعلى مبيعاً» خدعة كبرى على جميع المستويات الفنية والأدبية... إلى نص الحوار.
لماذا بدأت مجموعتك القصصية الجديدة «الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة» بمقولة جون كوين عن كيفية كتابة رواية في 100 يوم؟

اقتباسي من كتاب {كيف تكتب رواية في 100 يوم} مرتبط بالجزء الذي يتكلم فيه جون كوين عن تمرينات الكتابة عموماً، لا عن تمرينات كتابة الرواية بالتحديد، وبالتالي فإن نصيحته تلك تسري على القصة كما تسري على غيرها من قوالب أدبية. والحقيقة أن بعض قصص المجموعة كُتب فعلاً في سياق تمارين الكتابة. كنت أكتب لأني أريد أن أمنح نفسي مرونة أكثر بعد فترة من الجفاف وعدم القدرة على الكتابة.

جملة {تمارين للكتابة} التي تصدرت المجموعة، هل كتبتها لتعطي لنفسك حرية التجريب مع العلم أن لك تجارب إبداعية كثيرة سابقة لم تخل من التجريب أيضاً؟

نعم هي مبرر أنفذ منه إلى مساحة أكبر من الحرية، كذلك رابط يجمع القصص التسع في سياق واحد، بخلاف أن غالبية النصوص كما قلت كانت فعلاً بمثابة تمرينات على الكتابة، اشتغلت عليها مراراً لتخرج في هذا الشكل.

القصص التسع الموجودة في المجموعة، هل تعتبرها محض سيرة ذاتية لك أم تدخلت في السياق الدرامي لبعض الأحداث؟

أؤمن دوماً أن الكاتب الجيد يكتب في التخييل كما يكتب عن الوقائع الحقيقية، ويمزج بينهما أيضاً إن اقتضى الأمر، وبالتالي أستطيع القول إن بعض ما جاء في القصص حقيقي، وبعضه الآخر خيال صرف، وبعضه مزج بين الأمرين.

لماذا تحولت من كتابة الرواية إلى القصة القصيرة؟

لا أعتبر إصداري {الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة} هجرة صوب القصة القصيرة، ولك أن تتخيل أن هذه المجموعة كُتِبت في الأساس كرواية تجريبية تعتمد نوعاً من الكولاج المركب، وتتوكأ على كتابة تمرينات سردية كما أشرت سابقاً، غير أني أحجمت عن نشرها، ورأيت أن انتقاء النصوص - التمرينات الجوهرية - من تلك الرواية سيكون نوعاً من الإخلاص لتلك النصوص، ونوعاً من التخفف من شحوم ودهون لغوية ودرامية يمكن التخلص منها من دون ضرر. عموماً، لا أظن أني سأهجر كتابة أي من النوعين: الرواية والقصة القصيرة.

لماذا وقع اختيارك على قصة {الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة} كي تكون اسم المجموعة؟

ربما لأنها الأحب إلى قلبي، أو لأن حدثها المركزي يتماس مع الأفكار المطروحة في باقي القصص، شعرت بشكل أو بآخر بأن تلك القصة هي المتوسط الحسابي لباقي قصص المجموعة، إضافة إلى أن اسمها، وفكرة الخسارة والخذلان، موجودان بتنويعات مختلفة في باقي القصص.

لجأت في بعض القصص إلى الوصف وفي أخرى اعتمدت على اللغة، وثمة قصص مليئة بالسخرية. هل أفادك هذا التنوع؟

أعتبر هذا التنوع هو المنجز الفني الأهم في هذه المجموعة. لا يوجد شكل ثابت أو شكل أمثل للقص والسرد، هذا ما أردت قوله، لذلك حرصت على التنويع في بنيات القصص، تارة أخوض في التجريب على مستوى اللغة، وطوراً في البناء الدائري، أو الأقصوصة القصيرة، أو التنويع في طرق التقطيع، والعناوين الجانبية، والأسلوب.. التنوع هنا هو المنجز الأبرز من وجهة نظري.

لماذا استخدمت السخرية باستمرار في غالبية القصص؟

في ظني أن الحياة بلا دعابة ومرح وخفة وسخرية ستكون مرة، خصوصاً في ظل حقيقة أن معظم شخوص القصص فشلوا بشكل أو بآخر في تحقيق مبتغاهم، هذا الفشل وتلك الخسائر يحتاجان إلى نوع من المرح واللامبالاة للتعايش معهما.

هل استفدت كروائي وقاص من عملك كمحرر ثقافي، أم استفدت في عملك الصحافي من كونك أديبا؟

كل منهما أفاد الآخر، الكتابة يومياً لحساب صحيفة أو مجلة تمرن اليد على اعتياد الكتابة، وتمنح الواحد ثقة في نفسه، إضافة إلى أن الكتابة الروائية أحياناً تقتضي كثيراً من البحث والتنقيب، وهو الأمر الذي يكون سهلاً بحكم العمل كصحافي. وعلى مستوى الصحافة الثقافية، لا أنكر أني استفدت من معرفتي في الحقل الأدبي على خلفية كوني روائياً.

{العمل في الصحافة يقتل الأديب}. ألا تخشى من تحقق هذه المقولة؟

نعم أخشاها جداً، هيمنغواي قال في {وداعاً للسلاح} إن الأديب الصحافي يجب ألا يهدر من عمره أكثر من سبع سنوات في الصحافة، وهي مقولة صادقة إلا أنها لا تسري على العالم العربي لأن الصحافة هنا مهنة بالكاد يستطيع الواحد من ورائها أن يفتح بيتاً.

هل من الممكن أن تلجأ مستقبلاً إلى الواقعية السحرية مثلما فعل كثير من أبناء جيلك حيث وفرت لهم مساحة كبيرة من التجريب؟

ربما، لكن حسب ظني الواقعية السحرية ليست اختراعاً لاتينياً، كل منطقة لها واقعيتها السحرية، وقبل ألف سنة كتب ابن شهيد الأندلسي رسالته {الزوابع والتوابع} التي زار فيها عالم الجن ووادي عبقر ليحصل من قرناء الشعراء والخطباء من الجان على إجازة له كشاعر. هذه فانتازيا لن ترى مثلها في العالم، وهي الواقعية السحرية الأندلسية في ذاك الوقت. عموماً، أتمنى أن أكتب عملاً ينحو صوب اللامعقول والخيال الجامح.

كيف ترى مستقبل الواقعية السحرية في الأدب العربي؟

كما قلت، ثمة من يكتب نصوصاً غارقة في سحريتها الخاصة، لكني أظن أن تلك السحرية تصطبغ بلون خاص بالبلدان العربية، بل بكل بلد على حدة. أعتقد أن ثمة واقعية سحرية عربية إن صح القول، أضف إلى ذلك أن غليان اللحظة الراهنة وعدم وضوح الرؤية سيؤديان إلى ظهور نصوص مفارقة للواقع، أو تستبطن الواقع عبر حكايات موازية. ذلك كله سيفرز نوعاً من الكتابة يشبه بشكل أو بآخر الواقعية السحرية.

هل وجود كتاب ما ضمن قائمة الأكثر مبيعاً دليل على ارتفاع قيمتها الأدبية والفنية، أم ثمة عوامل أخرى تتحكم في حركة البيع؟

{الأعلى مبيعاً} خدعة، وقس على ذلك المنتج في الحقول الفنية كافة، الأفلام الأكثر رواجاً ليست الأفضل، الأغاني الشائعة هي أحط الأنواع، والأمر يسري أيضاً على الكتب، وهذا لا يعني أني لا أتمنى أن يكون كتابي ضمن الأعلى مبيعاً، على العكس، لكني أتمنى أيضاً أن يحمل الكتابة قيمة فنية حقيقية أيضاً.

back to top