قال بودي إن دول مجلس التعاون تمتلك احتياطيات مالية ضخمة، وتستثمر في أسواق دولية وعقارات وشركات عالمية، وبإمكانها أن تعيد توجيه جزء من هذه الاستثمارات إلى مجالات استثمارية أخرى بهدف تنويع محفظتها الاستثمارية، والتوسع في الاستثمار الصناعي في الخليج.

Ad

قال الخبير الاقتصادي د. خالد بودي ان المشاريع الصناعية تتميز بانها استثمارات محدودة أو متوسطة المخاطر، بعيدة عن المخاطر السياسية، مشيرا الى ان الاستثمار في المناطق الصناعية يتميز بانه مستقر وطويل الأمد وذو عوائد منتظمة حيث لا يتأثر كثيرا بالتقلبات الحادة في الأسواق، اذ يتحمل الاستثمار في المناطق الصناعية مخاطر اقل من الاستثمار في التصنيع.

حديث بودي جاء خلال ندوة عقدتها الجمعية الاقتصادية مساء أمس الأول لعرض ومناقشة دراسة «المناطق الصناعية كوسيلة لتنشيط التعاون الاقتصادي والاستثمارات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي».

ولفت بودي إلى أن هناك عدة مخاطر تجب دراستها بعناية في محاولة الحد من تأثيرها قدر الإمكان، ومنها مخاطر الجوانب التشريعية والقانونية، ومخاطر مالية واقتصادية مثل تدهور قيمة العملة والتضخم في الدول التي تعاني عدم الاستقرار الاقتصادي، ومخاطر تسويق المنتجات.

وشدد على ضرورة النظر إلى المخاطر السياسية ومدى قدرة الدولة على حماية المناطق الصناعية من أي مخاطر قد تتعرض لها في المنطقة التي تستوطن فيها، لافتا إلى ان الدراسة الشاملة للأوضاع قبل إنشاء المنطقة تحد من المخاطر.

وأكد ان دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك احتياطيات مالية ضخمة وتستثمر في الأسواق الدولية والعقارات والشركات العالمية بإمكانها ان تعيد توجيه جزء من هذه الاستثمارات إلى مجالات استثمارية أخرى بهدف تنويع محفظتها الاستثمارية والتوسع في الاستثمار الصناعي في «الخليج» او الأماكن لتي توفر بيئة ملائمة للأمر.

الدخل «الخليجي»

واشار الى ان مجموع الدخل القومي لدول مجلس التعاون يقدر بنحو 1.6 تريليون دولار ومن المتوقع ان يصل إلى تريليوني دولار عام 2020، بينما يبلغ عدد سكان دول «الخليجي» نحو 50 مليون نسمة، 52 في المئة منهم مواطنون، فيما قدرت صادرات تلك الدول بنهاية 2013 بنحو 832 مليار دولار يشكل النفط منها نحو 80 في المئة، بينما تقدر الواردات  بنحو 590 مليار دولار.

وأشار بودي إلى أن دول «الخليجي» تنتج 20 في المئة من الإنتاج العالمي للنفط، وتمتلك 40 في المئة من احتياطيات العالم منه، إلى جانب 23 في المئة من احتياطي الغاز العالمي، بينما يبلغ حجم التجارة البينية بين دول مجلس التعاون خلال 2013 نحو 93 مليار دولار.

وأكد ضرورة اتخاذ إجراءات تصحيحية في شأن العمالة الوافدة  بدول «الخليجي» والتي تمثل نحو 70 في المئة من قوة العمل، وذلك من أجل استيعاب الأعداد المتوقع دخولها إلى سوق  العمل الوطنية خلال السنوات المقبلة، فيما تحتاج دول «الخليجي» إلى دعم  البنية التحتية فيما بينها والمتمثلة بالطرق والسكك الحديدية وشبكات الربط الكهربائي ومراكز الحدود الجوية والمطارات والموانئ البحرية.

تركز الاستثمارات

وأشار بودي إلى مخاطر تركز الاستثمارات الخليجية في الأسواق العالمية حيث عانت الصناديق السيادية آثار الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 وفقدت ما بين 20 و30 في المئة من قيمتها السوقية نتيجة تركيز استثماراتها في الأسواق والعملات الدولية، ما يبرز الحاجة إلى مزيد من التنويع في المحافظ الاستثمارية وفي مجالات لا تكون عرضة لتقلبات حادة نتيجة الأزمات المالية الدولية، لافتا إلى ان تلك الصناديق استعادت بعضا من خسائر  قيمة الأصول التي حدثت في 2008.

وذكر بودي أن الدخول في استثمارات مباشرة في الأسواق الواعدة يعتبر حماية للصناديق السيادية من التقلبات في ظل وجود بعض الأسواق الواعدة التي لديها القدرة على استيعاب مزيد من الاستثمارات المباشرة، مشيرا إلى ان هناك فرصة للدخول في مثل هذه الأسواق  بشرط ان يكون الدخول وفقا لقوانين متطورة وآليات محددة وهو ما يستدعي دراسة آلية  إقامة المناطق الصناعية المتكاملة لتكون حاضنة للصناعات المتطورة في الدول المستهدفة.

مناطق صناعية

وبين أن المناطق الصناعية متعارف عليها عالميا وأثبتت فعاليتها في التطوير الصناعي، لافتا إلى ان الاستثمار في هذه المناطق من القطاعين الحكومي والخاص في دول «الخليجي» سوف يحقق عوائد مالية مجزية وفي نفس الوقت سيساهم في التنمية الاقتصادية والصناعية في الدول المضيفة.

وزاد ان بناء المناطق الصناعية يفعل التكامل الاقتصادي في الدول المؤهلة لذلك حيث يرفع وتيرة التعاون مع دول العالم الاخرى حيث ان التفكير في تنمية الصناعة محليا يجب أن يتسع ليتجاوز الحدود، حيث ان توطين الصناعة يكون حيث تتوافر العناصر الأساسية المطلوبة وأهمها الأيدي العاملة والأرض والقرب من الأسواق حيث بدأت تنتقل الصناعة وتتوطن في الصين وماليزيا واندونيسيا والهند وغيرها خلال العقدين الماضيين، حيث تم نقل رأس المال والتكنولوجيا إلى هذه الدول للتنمية الصناعة فيها بما يحقق أهدافا مزدوجة للطرفين.

تأسيس شركة

واقترح بودي لتسهيل عملية إقامة مناطق صناعية أن يتم تأسيس شركة تتولى القيام بالدراسات المطلوبة لإنشاء المناطق الصناعية، بالاشتراك مع مؤسسات عالمية ذات خبرة في هذا الشأن مع دول «الخليجي» والقطاع الخاص على ان تكون المهام الأساسية لهذه الشركة إعداد دراسات الجدوى عن الدول المستهدفة لاقامة المشروعات، وعرض نتائج الدراسات على الدول المعنية لمعرفة مدى استعدادها لاستضافة المناطق الصناعية.

وقال ان هناك عدة عناصر اساسية مطلوبة لنجاح المناطق الصناعية، أهمها المنظومة التشريعية والقانونية، وتوفير التمويل، والبنية التحتية، والخبرة المتخصصة، كما ان عملية  اختيار الصناعات الملائمة لكل بلد يتطلب وجود دراسات مسحية ودراسات جدوى اقتصادية لتحديد نوعية الصناعات التي قد تنجح في هذه الدول.

ومضى قائلا ان من العناصر المهمة أيضا والتي تؤخذ في الاعتبار في هذا الشأن، توفر الايدي العاملة الفنية وغير الفنية بتكلفة مناسبة للصناعات ذات الكثافة العمالية، وتوافر المواد الخام المطلوبة للصناعة، والقرب من الأسواق للصناعات التي تكون تكلفة النقل عنصرا مؤثر لها.

3 أطراف

ونوه إلى ان المناطق الصناعية يتوافر لها 3 أطراف حيث يمثل الطرف الأول فيها الدولة المضيفة للمناطق الصناعية وهي التي يتم بناء المناطق الصناعية على أراضيها وذلك لإنشاء صناعات تقوم بالاستثمار فيها شركات محلية أو أجنبية حيث تقوم الدولة بتأجير الأراضي إلى الطرف الذي يقوم بإنشاء المناطق الصناعية أو قد تدخل الدولة كشريك في المشروع. أما الطرف الثاني فهي الدولة التي لديها الاستعداد والقدرة لبناء مناطق صناعية متطورة على أراضي دولة أخرى وذلك بهدف تأجير مساحات في هذه المناطق بعد تطويرها للمستثمرين الصناعيين، أما الطرف الثالث فيتمثل في المستثمر المحلي أو الأجنبي الذي يقوم بإنشاء صناعات في هذه المناطق الصناعية التي توفر للصناعة المكان والخدمات الأساسية المطلوبة مثل المياه والطاقة الكهربائية وشبكات الاتصالات وسكن العمال والخدمات المساندة الأخرى.