هكذا وصلت الأمور الآن، إفصاح من أعلى المستويات بوجود كارثة أخلاقية تتمثل بالفساد والرشوة، وبالطبع لا شيء في الأفق حتى الآن في سبيل المكافحة، مما يعني أن هذه الرغبات ربما تتبخر بتغيير الأشخاص لأنها تأتي من جهود ونوايا فردية لا تستند إلى سياسة عامة.

Ad

أول العمود:

كل حرب تقع تخفي وراءها أسئلة كانت تبحث عن أجوبة في زمن السلم.

***

مئات الدراسات والتقارير كتبت عن الفساد الإداري والرشوة في الكويت، سواء من ديوان المحاسبة أو ديوان الخدمة المدنية، أو دراسات أكاديمية أو استشارية خاصة محلية أو خارجية.

في هذا العام الذي لم ينقضِ نصفه هناك 3 اعترافات مباشرة تدق ناقوس الخطر بشأن انتشار الفساد والرشوة في الإدارات العامة، ففي 17 فبراير كانت رسالة الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي تضمنت تلمُّس سمو رئيس الوزراء لوجود الرشوة وتكدس المعاملات ودعوته الوزراء إلى العمل على مكافحتهما بكل السبل، وتالياً في 25 أبريل كان تصريح وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع واعترافه بوجود فساد وتنفيع في الوزارتين، ومؤخراً، وفي 27 أبريل إعلان وزير البلدية عيسى الكندري أن هناك فساداً في الجهاز الذي وُزِّر عليه.

هكذا وصلت الأمور الآن، إفصاح من أعلى المستويات بوجود هذه الكارثة الأخلاقية. بالطبع لا شيء في الأفق حتى الآن في سبيل المكافحة، بمعنى أن هذه الرغبات ربما تتبخر بتغيير الأشخاص لأن الرغبات المطروحة للمكافحة تأتي من جهود ونوايا فردية لا تستند إلى سياسة عامة، فنحن في خطر ماحق يهدد المالية العامة بسبب سوء الأخلاق العامة.

أقف قليلاً عند موضوع لا يقل أهمية وخطورة عن استشراء الفساد بنوعيه السافر والمقنن، وهو بناء أو إنشاء مؤسسات جديدة منوط بها تحسين الحياة العامة للبشر: هيئة مكافحة الفساد ومشروع إنشاء ديوان حقوق الإنسان المرتقب.

لا شك أن وجود مثل هذه المؤسسات جيد وحضاري لكنها حتماً ستكون وقوداً إضافياً للإحباط العام من جراء عدم التقدم في إحراز نتائج على صعيد تحسين الحياة العامة في الكويت، عبر هذه المؤسسات الناشئة، وما نخشاه هو عدم تمكين المجتمع من تفعيل عمل هيئة مكافحة الفساد، ولاحقاً ديوان حقوق الإنسان إن أنشئ!

التجارب السيئة حاضرة، وكانت مع المجالس العليا للتعليم والبيئة والمرور وتطبيق الشريعة والبترول وغيرها... فماذا جنى الجهاز الإداري من هذه المجالس؟! لا شيء.