معنى ما يجري في «الأنبار»
ماذا يعني هذا...؟ مستشار مرشد الثورة الإيرانية علي أكبر ولايتي في بيروت، ووزير الدفاع الإيراني في بغداد، وكان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية علاء الدين بروجردي قبل أيام في دمشق، حيث أعلن من هناك أن "دعم إيران لبشار الأسد ثابت وأبدي". لماذا هذا الوجود وكل هذا الانتشار؟ ومما لا شك فيه أيضاً أن في "صعدة" ضباطاً إيرانيين، ربما على رأسهم، إن ليس قاسم سليماني، فرئيس حراس الثورة نفسه، هم في حقيقة الأمر من يقودون حرب الحوثيين وعلي عبدالله صالح."هناك من يبحث عن أثر الذئب والذئب يقف أمامه مكشراً عن أنيابه"، فالبعض إما لعدم المعرفة بما يجري في هذه المنطقة، وإما لغرض في نفس يعقوب، كما يقال، لا يعرفون أن ما جرى مؤخراً في "الأنبار" هو نفس ما جرى في الموصل، وان العملية إن هنا وإن هناك كانت عملية تسليم بتسليم، وان المستفيد أولا وأخيراً هم الذين يسعون إلى تدمير مكانة العرب السنة في العراق على أساس أنهم الفئة المغلوبة، التي من حق الفئة الغالبة أن تفرض عليها ما تريده.
إن الذي يجري الآن في "الأنبار" هو ما كان جرى في ديالى وفي تكريت، وقبل ذلك في الموصل، وإن هدف هذا كله هو رسم ملامح العراق "الجديد" نهائياً، وعلى أساس أن الفئة التي هزمت في عام 2003 التي هي العرب والسنة يجب أن تخرج من المعادلة السياسية المستجدة، ويجب ألا يسمح لها بالدفاع عن نفسها، وعن مناطقها لا ضد "داعش"، ولا ضد غيره مادام أنها أصبحت تحت وصاية الفئة الغالبة الممثلة بقوات بدر، والحشد الشعبي، وحزب الله الإيراني، ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والأحزمة المذهبية والطائفية المحيطة به. "ألقوه في اليم مكتوفاً" فـ"العرب السنة" ممنوع عليهم أن يسلحوا أنفسهم، في حين أن الدولة، التي من المفترض أنها دولتهم، تمتنع عن تسليحهم، ثم إن الجيش الذي من المفترض أنه جيشهم قد تخلى عنهم كما كان تخلى عن أهل الموصل، وكل هذا كي يقبلوا بوصاية الحشد الشعبي، وكي تسود قناعة بأن "داعش" لم ينتصر إلا على هذه الفئة من أبناء العراق، وأيضاً على هذه الفئة من أبناء سورية!خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، أبدى علي أكبر ولايتي استعداد جمهورية إيران الإسلامية للتصدي لـ"داعش"، وإخراجه من "الأنبار" كما أخرجته من تكريت، ولكن بشرط أن تتلقى طلباً رسمياً من الحكومة العراقية، وحقيقة أن هذا الذي قاله هذا المسؤول الإيراني لا يحتاج إلى أي جهد لمعرفة المقصود منه. إنه يعني أن طهران تريد تفويضاً عراقياً رسمياً لتبرير سيطرتها ووصايتها على هذا البلد العربي، الذي من المعروف أنه دخل حقبة تاريخية جديدة منذ عام 2003!وهكذا فإن المفترض أن يدرك العرب، القريبون منهم والبعيدون، أن العراق هو حلقة الاستهداف الإيراني الأولى، وأنه ينطبق عليه وعلى باقي الدول العربية الأخرى المستهدفة ذلك المثل القائل: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، وأن ما يجري في سورية ولبنان واليمن يجب أن "يفهم" العرب كلهم أن ما يريدون إجبارهم عليه هو الاستسلام لما يعتقدون أنه "عصر الإيراني" الزاحف، الذي من غير الممكن مقاومته أو الوقوف في وجهه!