ليست مصادفة أبداً أن تكون السنة التي جاء فيها الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى سُدة الحكم في مصر، هي نفسها السنة التي انكمشت فيه المعارضة المصرية، إلى أقل قدر ممكن، في حين كان هو العام نفسه الذي خرجت فيه جماعة "الإخوان المسلمين" من المعادلة، بعد سقوطها وسقوط الرئيس المعزول محمد مرسي في 3 يوليو من عام 2013.

Ad

إذا كان ثمة متغير كبير شهده عام 2014، فهو المتغير الذي شهده شهر يونيو، حين جاء السيسي، وزير الدفاع السابق، رئيسا للجمهورية، في انتخابات وصفت بالشفافية والنزاهة، اكتسح فيها مُنافسَه الوحيد، القطب الناصري حمدين صبَّاحي، بنسبة تزيد على 96 في المئة، في حين كانت الأشهر الستة الأولى من العام، تشهد انتقالاً حثيثاً نحو دعم السيسي مرشحاً للرئاسة، حيث كان وقتها لايزال وزيرا للدفاع، بينما كان الرئيس المؤقت عدلي منصور، هو من يدير دفة الرئاسة.

من المعارضة إلى «الموالاة»

أحزاب كثيرة انتقلت خلال هذا العام من معسكر المعارضة إلى معسكر الموالاة، بعد تولي السيسي سدة الحكم، وباتت أحزاب التجمع، والوفد، والمؤتمر، والمصريين الأحرار، إضافة إلى أحزاب جديدة، مثل "الحركة الوطنية" في صفّ الرئيس الجديد، في وقت تراجعت فيه الدعوة للنزول إلى الميدان، بخروج جماعة "الإخوان" من المعادلة السياسية في مصر.

انقسام «تمرد»

الانكماش الذي عانت منه المعارضة، ظهر جلياً أيضاً في صفوف القوى والحركات الثورية، حيث انقسمت حركة "تمرد" التي قادت معركة الإطاحة بحكم "الإخوان" في الشارع، ثم توالت الانقسامات في صفوف أعضائها أثناء الانتخابات الرئاسية بين مؤيد للسيسي، ومعارض لدعم رئيس ذي خلفية عسكرية، وإعلان العشرات من أعضاء الحركة تأييدهم للمرشح الرئاسي حمدين صباحي، وهو الانقسام الذي امتد إلى رغبة قطاع من قياداتها إلى التحول إلى حزب، لايزال أمره معلقاً إلى اليوم، أمام لجنة شؤون الأحزاب.

في السياق، تقلصت الحركات الثورية مثل "حركة 6 أبريل" و"الاشتراكيين الثوريين" وجبهة "طريق الثورة"، من حيث العدد والقدرة على الحشد إلى أقل عدد ممكن، في ظل الاستعدادات الدائرة في الشارع السياسي، تحضيراً للانتخابات البرلمانية المقبلة، والمقرر لها مارس المقبل، كما بدأ ظهور تحالفات انتخابية بين عدد ممن كانوا من رموز القوى الثورية، وبعض فلول نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.

يُذكر أن عام 2014 شهد خروج جماعة "الإخوان"، من المشهد السياسي المصري، بعد دعوات إلى التظاهر لم تجد أي صدى في الشارع، وكان آخرها الدعوة إلى ما سموه "انتفاضة الشباب المسلم"، في 28 نوفمبر الماضي، حيث يحاكم المئات من قادة الجماعة - بينهم المرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر - بتهم التحريض والقتل والعنف والتخطيط لهدم الدولة المصرية والتخابر وإفشاء أسرار الدولة.