{بيت}... ميدان احتجاج مفتوح

نشر في 12-01-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-01-2015 | 00:01
No Image Caption
ضمن سلسلة نشاطات {بيت الشعر العراقيّ} في بغداد صدر أخيراً العدد الرابع من مجلّة {بيت} الثقافيّة الفصليّة، متضمّناً باقة من الأبواب المتنوعة توزعت على 318 صفحة من القطع المتوسط، من بينها {عتبة} وهي افتتاحية المجلّة بقلم رئيس تحريرها الشاعر حسام السراي.
{الشاعر الحديث في عراقِ اليوم، ومثل أيِّ إنسان خائب مُخيَّب، بهيئةِ فردٍ ميّت قبل أن يموت، منذ أن رأى روحَه ذبيحةَ آمالِها. هو لا يتوانى عن فتح الأبواب التي تغلقُ بوجهه، ولا يتوقفُ عن منازلة أوبئة التقديس والإطلاقِ وقناعات الجماعات المُدمّرةِ لأنفسها}، كتب الشاعر حسام سراي في افتتاحية العدد الأخير من {بيت}، موضحاً أن القصيدةُ وما حولَها، التي سعتْ إليها هيئةُ تحريرِ {بيت} في عددِها الجديد، ميدان احتجاج مفتوح وبياض مشغول بأسئلةِ الوجدانِ العراقيّ التي ترصِّعُ أي كتابة لاحقة}.

تزخر المجلة بأبواب لافتة وغنية، أبرزها {نصوص} حيث كتب كلّ من الشعراء: مؤيد الراوي، عاشور الطويبي، جمال جمعة، جمال علي الحلاق، إبراهيم المصري، نامق عبد ذيب، شوقي مسلماني، صالح زامل، باسم الأنصار، خلود المطلبي، فراس الصكر، إضافة إلى الشاعر الجديد مصطفى عبود.

وفي باب {إصغاء}، حوار مع الشاعر سعدي يوسف عن الشعر العربيّ الراهن فيه يتحدّث عن وجدان الشاعر وهمّه والقصيدة ومواقع التواصل، ناهيك بجائزة نوبل وغيرها من موضوعات. وهو يقول في قصيدة النثر: {أمرها محسوم منذ أواسط القرن التاسع عشر. لكننا، نحن العرب، بوصفنا خارج التاريخ، ما زلنا في أواسط القرن التاسع عشر، نتناقش مثل حكماء بيزنطة... من ناحيتي ليست لديّ في الشِعر أسوارٌ صينيّة}، ذاكراً أنه نشر في العام 1981 ديوانه {يوميات الجنوب، يوميات الجنون} وفي غالبيته قصائد نثر.

وفي باب {آخر} ترجمات دنى غالي لشاعرة الدّنمارك صاحبة كتاب {وادي الفراشات} إنجر كريستانسن: {بين النّجومِ نصرخُ من داخل النّعشِ}، وحسن ناصر لنصوص الشاعر الأسترالي لس موري، وغريب إسكندر للشاعر الأميركي ديرك والكوت.

وتطرَّق باب {نظر} في ملف إلى {العنف في القصيدة العراقيّة الآن} عنوانه {دم في رأس السّطر}، حيث أسهم الناقد عبدالكريم كاظم بمادّة {سيرورة العنف بين حياديّة اللغة ومسلّماتها البلاغيّة} التي تضمَّنت قراءات لنصوص الشعراء: يحيى البطاط، وأسعد الجبوري، وقاسم سعودي، وابراهيم البهرزي، وميثم راضي. وبدوره كتب الشاعر خالد مطلك في الملف نفسه مادة {نهاية غير مؤسفة مع أجيال السّيلفي}، وأفرد الناقد عدنان أبو أندلس دراسة عنونها {الرسم البياني للعنف وأثرهُ الحالي في الكتابة الشعريّة} حيث بدت لافتة قراءات لنصوص الشعراء: صلاح نيازي، وابراهيم الخياط، ولطيف هلمت، وغيرهم.

في باب {نظر} أيضاً {أنواع قصيدة النثر... نماذج من نصوص تونسيّة} للناقد والشاعر التونسي المهدي عثمان، حيث يقول: {لم يعمل كثير من النقّاد والشعراء على دعم مشروعية الموسيقى الخارجيّة أو جدواها في قصيدة النثر. وإنّ الحديث عن الإيقاع الخارجيّ محاولة آيديولوجيّة سافرة ومشبوهة من وجهة نظر كتّاب قصيدة النثر الغرض منها الإبقاء على شرعية الوزن. وإنّ دعم هذا التوجه هو انتصار للكلاسيكيّة وعداء للحداثة».

اقتتال وقصيدة

ماذا عن الحرب والموت والدمار والثورة والانتفاضة، ماذا عن الناس واهتمام النص الشعري بهم؟ كيف يكتب الشاعر العربي الحرب والاقتتال في المنطقة العربيّة؟ وهل تقف القصيدة صامدة أمام اختفاء وهج الساحات والميادين؟ الإجابات في «قصيدة الناس.. ناس القصيدة}، تحقيق لشعراء من بلدان عربية عدة.

هذا في الجزء الأول من التحقيق. أما الجزء الثاني منه فيبحث عن مكان الشعر في يومياتنا المزدحمة، وفيه أسهم فيه كل من: المؤرّخ والباحث في شؤون الجماعات الإسلاميّة، د. هشام الهاشمي، والطبيب الاختصاصي

د. خالد جمعة خليل، والإعلامية هبة باسم، والمصمم الفنيّ أحمد العتابي، وصاحب مقهى ارخيته ببغداد مازن الدّراجي.

تواصل المجلة أبوابها، وفي {تخوم}  ملف عن {الشعر والسينما} بعنوان {تقصٍّ في مدار بصريّ} حيث نطالع بحثاً في علاقة الشعر بالسينما. أسهم فيه الناقد الفلسطيني بشار إبراهيم بمادّة {أسئلة عربيّة غير نهائيّة في السينما والشّعر}، وأجرى بشار إبراهيم حواراً عن السينما والشّعر بين المخرج قيس الزبيدي والشاعر والناقد بندر عبد الحميد. والشعر بحسب الزبيدي {لا يسمّي الأشياء في شكل مألوف، وبمعنى آخر لا تكون مرجعيته دائماً القاموس المتداول. من هنا نجد عند الشعراء المبتكرين دوال مبتكرة تبحث عند السامع أو القارئ عن مدلولات لها، وهكذا غالباً ما يستعمل الشعر، أو الاتجاه الشعريّ في السينما، عن عناصر تعبير عن دوال ليس لها مدلول}. أما بندر عبدالحميد فقال: {العرب يقولون إنّ لكلّ شاعر جنّياً، بمعنى أنّه من {وادي عبقر}، هناك من قال إنّها أنثى، وهناك من قال إنّه ذكر... السينما أيضاً كذلك، إذ إن هناك جنّياً يجعلك لا تمتهن مبادئ ثابتة، أو نظريّة مسبقة، فمن الممكن في أثناء التصوير، وأنت كمصوّر أو مخرج، تبتكر حركة ما، الجنّي الذي عندك، أو الشاعر القرين لديك يوحي لك بأنّ الكاميرا يجب أن تنحرف بهذا الاتجاه».

وكانت دراسة {مفردات الرؤية البصرية} هي ما أسهم به الناقد عبدالسادة جبار متناولاً نماذج من أفلام ينوّه في تقدّمته لها :} إنّ المفردة الشّعريّة (أصغر وحدة في البناء الشعريّ) تشكّل مع أخرى صورة ذات دلالات بحسب ما يفسّرها المتلقي في ضوء انفعاله وحالته النفسيّة ولا سيما في الشّعر الحديث، إذاً لا بدّ للسينما الشّعريّة من أن تستعمل اللقطة (أصغر وحدة في الفيلم) لتحقق النتيجة نفسها».

وترجم الكاتب نجاح الجبيلي مادّة {كتابة أسى المجذومين} لجوناثان روزنبام عن فيلم {بيت الظلام} لفروغ فرخزاد. وفي باب {وثائق} استعادة لتجربة الروائي والشاعر محمد الحمراني، بتقديم الروائي والشاعر أحمد سعداوي، حواريّة افتراضية بين بدر البصرة وخليفة الظلام، هي ما ضمّه باب {حدث} من المجلّة، كتبها حسام السراي. ونشرت مع الحوارية لوحتان للفنّان العراقيّ سيروان باران. الأولى للشاعر الراحل السياب والثانية لأبي بكر البغدادي عنوانها {ارحل يا خليفة}.

ويتضمن {مراجعات} قراءات لكتب: {ومضات} لصلاح فائق، و«في الخريف.. يطلق الحبّ صيحته} لياسين طه حافظ، و«الأعمال الشّعريّة الكاملة} للراحل رعد عبدالقادر، و«ترجمان الروائح} للمصري عاطف عبدالعزيز، و«حفريات المدن المحترقة} لصادق رحمة، و«سلالات بدائيّة} للراحل نادر عمانوئيل.

غياب وذاكرة

يحضر باب {غياب} لافتاً في المجلة، حيث نذهب في تخيلاتنا إلى الأسرّة التي احتضنت أجساد عدد من الشعراء في لحظاتهم الأخيرة قبل رحيلهم في العام 2014، وهم كلّ من: محمّد سعيد الصكّار، ونادر عمانوئيل، ومحمود النمر، وحسين عبد اللطيف، ومشرق الغانم، وأنسي الحاج، وصباح زوين، وسميح القاسم.

في الباب مجرّد محاولة لتخمين المقطع الذي يصطحبه الشاعر قبيل دنو الموت وهجر قافية الحياة، فيا مرحى بسكرات نهاية تتصاعد مع روح قصائد، هي وحدها من يمسك بخلود الذكرى.

وفي {حصاد} إصدارات شعريّة وصلت إلى بريد المجلّة، وهي: {شعر ضدّ الشِّعر أو لعبة قديمة وحديثة} للشاعر لطيف هلمت، و«خسوف الضمير} لرعد زامل، و{الجانب الآخر مِن الفردوس} لنصيف الناصري، و{قبل أن يموتَ البحر} لمنال الشّيخ، و«كائنات سرِّية} لمازن المعموري، و{مساء سيزار} لعلي الحسينان.

«ذاكرة} خصّص لصورتين من بين حطام بيت الناقد الراحل جبرا إبراهيم جبرا في شارع الأميرات بحيّ المنصور ببغداد، بعد تفجيره العام 2010 بسيّارة ملغمة، يظهر في الأولى إهداء العلامة طه باقر لكتاب {ملحمة جلجامش} لجبرا الموثّق بتاريخ 22 مايو 1971. وعلى الصورة الثانية إمضاء للشاعر فوزي كريم، حيث يهدي إصداره الأوّل {حيث تبدأ الأشياء} لجبرا أيضاً، بتاريخ 11 يناير 1969.

وجاء الباب الأخير من المجلّة {فنّانا العدد} احتفاءً بالرسامين ياسين عطية وأحمد الربيعي، بقلم الفنّانين فيصل لعيبي وستار كاووش. مع تنويه عن السيرة الذاتية لكلّ منهما.

back to top