في استطلاع أجرته «الجريدة» حول آراء شباب الكويت بشأن العزوف عن العمل في القطاع الخاص، اتفق عدد ممن التقتهم «الجريدة» على أن ذلك العزوف يعكس انعدام التسهيلات المقدمة للشباب وعدم رضاهم عن القوانين والتشريعات الحالية، مرجعين أسباب العزوف إلى عدة عوامل أبرزها القصور التشريعي في الحماية الوظيفية بالقطاع، وعدم توازن رواتب موظفيه مع رواتب زملائهم في الحكومة، فضلاً عن عدم الإحساس بالأمان، وعدم وجود رؤية مستقبلية من الدولة للأعمال الخاصة من دعم وحوافز عند بدء المشاريع، سواء من وزارات الدولة أو الجهات الأخرى... وإلى التفاصيل.
دعم العمالة استغل لتقليص مصروفات شركات بدلاً من توظيفه كحوافز للعمل في «الخاص»تستمر الجهات الحكومية وجهة التوظيف المفضلة لدى الشباب، في وقت لا يعد القطاع الخاص جاذباً لهم، نتيجة للمزايا والحوافز التي تجعل القطاع الحكومي أكثر استقطاباً للباحثين منهم عن الوظيفة.ويقترح بعض المعنيين بهذا الملف عدة حلول من شأنها تخفيف عزوف الشباب عن هذا القطاع، منها ايجاد لجان متخصصة لدراسة الحالات الجادة في العمل به مع ضمان مستحقاتها، وتنظيم حملات توعية، بالتنسيق مع المؤسسات التعليمية والجامعات، لسد فراغ احتياجات سوق العمل، فضلاً عن رفع مستوى إدراك الشباب وتوعيتهم بأهمية وميزات العمل في القطاع الأهلي، مشددين على ضرورة تفعيل الدولة لتلك للحلول قبل تفاقم مشكلة البطالة، وذلك عبر وضع البرامج والسياسات والمشاريع التنموية ﻹحداث التوازن في توزيع أدوار العمل لدى المواطنين.تقليص المصروفاتبداية، قال عضو جمعية اليرموك التعاونية خالد الحبيب ان عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص يعود الى بعض التشريعات التي لا تساعدهم، مبينا ان كثيرا من الشباب عمل في القطاع الخاص وواجه مشكلة عام 2008 عبر فصلهم من بعض الشركات التي عملت على تقليص مصروفاتها وذلك اثناء صدور قانون العمل الذي شمل الكويتيين وغيرهم.وقال الحبيب ان دعم العمالة اصبح كأنه دعم للشركات حيث كانت الشركات قبل قانون دعم العمالة تدفع رواتب مجزية للشباب الكويتيين ينافس الرواتب الحكومية، وبعد أن جاء قانون دعم العمالة اصبحت تلك الشركات تنظر الى راتب الموظف الجديد المستحق من قبل دعم العمالة، ومن ثم تحدد راتبه حتى يعادل مستوى ذلك الراتب في الشركات قبل قانون دعم العمالة، وبذلك لا يكون الدعم للعمالة الكويتية، بل استغل لتقليص مصروفات الشركات، بدلا من توظيفه كحوافز للشباب الراغبين في العمل بالقطاع الخاص.وأوضح أن هناك تلاعباً في دعم العمالة نتيجة تسجيل بعض الافراد في الشركات من اجل تقاضي رواتب دعم العمالة فقط، دون منح الشركات لهم اي مبالغ، وذلك لاستيفاء نسبة تشغيل العمالة الوطنية والاستفادة من زيادة نسبتها بالشركة.فروقات رواتبوأضاف أن زيادة الرواتب التي حدثت في الجهات الحكومية غير مدروسة، حيث أوجدت فروقات كبيرة بين الوزارات، بسبب بعض الوزراء الذين يسعون إلى زيادة رواتب موظفيهم، ما أوجد الخلل بالكوادر، ولاسيما أن تلك الزيادات لم تأت وفق دراسات مستفيضة توجد تلك الزيادات بنسبة معينة من الرواتب الأساسية للموظفين، مؤكدا تقاعس الدولة عن تشجيع الشباب على العمل في القطاع الخاص، لكونها لم تحمهم بالقوانين الرادعة، والدليل على ذلك أنه في الأزمة التي حدثت في العام 2008 أول ما فعلته تلك الشركات هو إنهاء خدمات الموظفين الكويتيين، وعلى خلفية تلك الأحداث اجتمع مجلس الأمة ووضع قانون العمل، على الرغم من احتوائه على العديد من الثغرات وشمول العمالة الوافدة.ورأى أنه يمكن تخطي تلك العقبات من خلال إيجاد اللجان المتخصصة لدراسة الحالات الجادة بالعمل في "الخاص"، مع ضمان مستحقاتهم، مناشدا الحكومة مراعاة الشباب، لأنهم الثروة الوطنية الحقيقية للبلاد.ترسيخ ثقافةومن جانبه، أوضح عضو المجلس البلدي د. مشاري المطوطح أن من أهم أسباب عزوف الشباب الكويتي عن العمل في القطاع الخاص شيوع ثقافة ضرورة العمل ضمن القطاع الحكومى، نتيجة ترسّخ بعض اﻷفكار والمعتقدات في أذهان الشباب حول وجود الفارق في ميزات العمل بين القطاعين العام مع الخاص، حيث أدى إلى عزوف المواطنين عن العمل في "الخاص" وانتظار التعيين الوظيفي في القطاع الحكومي، اﻷمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة العمالة الوافدة من الخارج، وبالتالي انعكس أثره على ارتفاع نسبة البطالة في المجتمع الكويتي. وأضاف أن هناك سببا آخر في أسباب عزوف الشباب الكويتى عن العمل في "الخاص"، وهو عدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، وبالتالي نحتاج الى حملات توعية ﻹيجاد حلول للبطالة، بالتنسيق مع المؤسسات التعليمية والجامعات لسد فراغ احتياجات السوق، ونحتاج كذلك إلى رفع مستوى اﻹدراك والوعي عند الشباب بمدى أهمية وميزات العمل في "الخاص".وقال إنه ﻻبد أن تضع الدولة حدا لتفاقم مشكلة البطالة، وذلك بوضع البرامج والسياسات والمشاريع التنموية ﻹحداث التوازن في توزيع أدوار العمل على المواطنين، وبالتالي العمل من خلال مؤسسة إعادة الهيكلة في المجتمع الكويتي، والتي تعمل على تقنين نسبة البطالة بوضع خطط تنموية تساهم في إعادة هيكلة القوى العاملة في الكويت.عدم توازنمن ناحيته، أكد مدير إدارة تنمية المشاريع ببلدية الكويت باتل الرشيدي أن عزوف الشباب يعكس سياسات واضحة بعدم وجود تسهيلات لهم، كما يعكس عدم رضاهم عن القوانين والتشريعات الموجودة، ولا شك في أن لذلك العزوف مسببات من أهمها عدم توازن الرواتب التي تمنحها الشركات مع الرواتب الحكومية، ما يجعل من غير المجدي تحوّل الموظف الى "الخاص"، إضافة الى عدم التزام بأوقات العمل الرسمية، لأن طبيعة عمل الشركات تكون على فترتين، ودوام الوظائف الحكومية يكون فترة واحدة، لذلك ينظر لها من ذلك المنظور، وعدم وجود فرص استثمارية تجعل الشباب يندمجون في العمل الخاص، مشيرا الى أن الدعم الحكومي دائما ما يكون قليلا ومتأخرا، علاوة على عدم وجود دعم للشباب أصحاب المشاريع الصغيرة التي يحصل من خلالها الشباب على فرص استثمارية.واضاف انه على الرغم من وجود دعم عمالة فان فرص دعم العمالة للمشاريع الصغيرة ضعيف. ودعم العمالة الوطنية يكون مقننا عادة وفقا للشهادة، وهو ما يعتبر دعما مساعدا فقط، لكن المشاريع الصغيرة لا تشهد دعما سواء من القروض لدعم العمالة او القسائم او التراخيص التي يتم استخراجها.واشار الى ان الحكومة في تقديمها لعدة دراسات ومناهج وجدت ان الشهادات التطبيقية والثانوية العامة والكليات التي تخرج مساعدي مهندسين يمكن ان تكون حلقة وصل لتحريك الاقتصاد، داعيا الى ضرورة اجراء دورات مكثفة للطلاب قبل التخرج تبين لهم كيفية استكمال شهاداتهم، مع ضرورة وجود تسهيلات حكومية تفتح لهم المجالات والافق حتى يستطيعوا تطوير انفسهم وليكونوا اصحاب اعمال وورش صغيرة.غياب الرؤية الإعلاميةوزاد ان احساس الشاب بان الوظيفة الحكومية آمنة ولا يمكن ان يتعرض شاغلها للفصل وان راتبه لن يقل بل سيزداد سيجعله يتمسك بالوظيفة الحكومية، وذلك في مقابل عدم الاحساس بالامان في وظائف القطاع الخاص، حيث يستخدم اصحاب الشركات العمالة الوافدة الرخيصة بكثرة، ولا يستخدمون الموظفين الكويتيين الا ما ندر، باستثناء البنوك وبعض الشركات لافتا الى عدم وجود رؤية اعلامية من الدولة تظهر مزايا وارباح وحوافز العمل في القطاع الخاص عند البدء بالمشاريع.وقال ان استقطاب الشباب الكويتيين للعمل في القطاع الخاص سهل جدا، من خلال توفير فرص عمل واعداد جيل من الشباب يكون عصب الحياة ولا يعتمد على العمالة الخارجية غير الوطنية وذلك لان الموارد المالية لدينا وفيرة والتعداد السكاني غير كبير والاراضي التي يمكن استغلالها في المشاريع والتصنيع والورش والاعمال الاستثمارية والتجارية متوافرة.استقطاب الشبابوبين ان عملية استقطاب الشباب للعمل في القطاع الخاص تتمثل بالموظفين الذين يعملون في الشركات، حيث يفترض بالدولة زيادة نسبة عمالتها في الشركات بما لا تقل عن 50 في المئة، مع ضرورة وجود رقابة حكومية صارمة على اصحاب الشركات في هذا الشأن حتى لا تكون هناك عمالة وهمية مما يخفف العبء المالي على الدولة.وشدد على اهمية الزام الدولة للشركات بوضع حد ادنى للاجور التي يتقاضاها الشاب من الشركة، بحيث لا يقل عن رواتب القطاع الحكومي مع ابقاء دعم العمالة ليكون حافزا لاستقطاب الشباب للعمل في الشركات، موضحا انه عندما تكون الرواتب في "الخاص" اكثر من رواتب القطاع الحكومي فسيتجه كثير من الشباب الى العمل في الشركات بدليل اتجاه الشباب للعمل في شركات النفط لوجود حوافز مادية.وأضاف أنه "بالنسبة للشق الثاني الذي نرى أنه أهم من العمل بالشركات، وهو الأعمال الخاصة للشباب، فإنه يجب توجيه الشباب وتوعيتهم بأهمية الانخراط في العمل الخاص بهم، لأن ذلك العمل سيعمل على تنميتهم وسيغرس فيهم حب العمل والحرص على تطويره، لأن الواحد منهم سيبدأ بمشروع صغير ليصبح من اصحاب المصانع أو الشركات". وأكد ضرورة أن يُمنح هؤلاء الشباب التسهيلات الخاصة باصدار التراخيص، التي يجب أن تكون من غير شروط، وان تكون مؤقتة حتى يؤسس الشاب نفسه، وهذا ما يحدث في دول الجوار التي تمنح اصحاب الحرف والصناعات رخصا صناعية مؤقتة إلى حين التأسيس، ثم تمنحه قسائم صناعية مجانية. وشدد على أهمية منح الجادين من أصحاب الاعمال قسائم صناعية، على أن تسحب القسائم من غير الجادين، اضافة الى فتح القروض الصناعية للشباب لبدء الاعمال مع المراقبة، لافتا إلى أنه على الدولة الاهتمام بالشباب وعمل دراسة خاصة بهم وتخصيص ميزانيات في ظل الوفرة المالية الحالية، متمنيا أن تنتبه الحكومة إلى الشباب عبر خلق فرص عمل حقيقية تستوعب إمكاناتهم وقدراتهم.القحطاني: مطلوب ميثاق بين الحكومة و«الغرفة»قال المحامي خالد القحطاني إن عزوف الشباب عن العمل في القطاع الخاص يرجع إلى ثقافة هؤلاء، بانهم يعيشون في دولة غنية تمتلك من الثروات الطبيعية ما يجعلهم يبحثون عن القيمة العالية للراتب، في حين يرون الرواتب في "الخاص" متدنية بالنسبة لنظيرتها في القطاع الحكومي الذي يتضمن العديد من المزايا، من بينها التأمين الخاص والتأمين الصحي إضافة الى البدلات.ثقافة لا قوانينوأضاف القحطاني "نحن نحتاج الى ثقافة ولا نحتاج الى قوانين، لأن الثقافة تغني عن القوانين، فإذا وجدت لدينا ثقافة تقييم العمل حسب الاداء، وأن يقيم القطاع الحكومي الموظفين بذات المعايير التي يُقيّم بها الموظفون في القطاع الخاص فلن تتم الهجرة من القطاع الخاص الى الحكومي. ولفت إلى أن الحماية الوظيفية هي التي تؤدي الى الاستقرار الوظيفي، حيث ان قانون العمل في القطاع الاهلي ينص على أن حقوق العمال مقدمة على جميع ديون الشركة بالنسبة للشركات المدانة التي يرغب اصحابها في تصفيتها.القوانين الغربيةوأشار إلى أن قوانين العمل الاوروبية والاميركية تلزم رجال الاعمال بعدم تصفية الشركات غير الخاضعة للأحكام القضائية الا بعد ان تتم دراسة الاحوال المادية وتأثير التصفية عليهم في اول سنة بعد التصفية، إضافة إلى تأمين العمل للعاملين، ولذلك لابد أن يلزم القانون رجال الاعمال القائمين على تصفية شركاتهم، برغبتهم، بان يأخذوا بعين الاعتبار توفير ضمانات مادية للموظفين مدة لا تقل عن سنة كاملة، مشيرا إلى أن "القانون الاهلي في بلادنا لم يعط الحماية الكافية والضمانات التي من شأنها تحفيز الشباب للإقدام على العمل في القطاع الخاص".ثقافة العملوأوضح أن الحلول التي يمكن تبنيها لاستقطاب الشباب للعمل في القطاع الخاص وإيجاد ثقافة العمل والضمان الوظيفي، تتمثل بوجود عزم حقيقي من الحكومة ورجال الاعمال، ممثلين بغرفة تجارة وصناعة الكويت على جذب الشباب الكويتيين إلى القطاع الخاص.وقال: "لا أجد في جميع الاجراءات والقرارات والاعلانات والدعايات الحكومية أي دليل على نية صادقة لجذب الشباب نحو القطاع الخاص، واذا وجدت هذه النية فإن الامر سيكون سهلا جدا".ودعا الى ميثاق شرف بين الحكومة ورجال الاعمال يؤكد اهمية الاستقرار الوظيفي للعاملين الكويتيين في القطاع الخاص، نظرا لعدم امكانية تشريع ذلك بقانون، وسن تشريعات لازمة تغري التجار وغرفة تجارة وصناعة الكويت على تعيين الكويتيين اصحاب الكفاءة والخبرة بوظائف مستقرة وظيفيا يضمنون من خلالها الاستقرار الوظيفي طويل الامد للاشخاص المنتجين الصادقين اصحاب النوايا الحسنة ممن يريدون العمل، اضافة الى امكانية قيام اتفاق بين الحكومة والغرفة على احترام ساعات العمل المقررة قانونا بالقانون الاهلي وعدم تجاوزها وعند تجاوزها للحاجة وتكليف الموظفين بالأعمال الاضافية يتم حساب الساعة الإضافية بشكل مغر اضافة الى تخصيص وتحديد طبيعة عمل للموظفين.وقال ان الحكومة لو اتفقت مع غرفة التجارة على تأسيس تلك المتطلبات عن طريق تشريع مغر او مواثيق شرف لرأينا طوابير الشباب الكويتيين للبحث عن العمل في القطاع الخاص اطول من طوابيرهم للبحث عن الوظائف الحكومية.
آخر الأخبار
عزوف الشباب عن العمل في «الخاص» أزمة تبحث عن حل
30-08-2014