حصاد 2014 الثقافي: الثقافة المصرية... ضجيج بلا طحن

نشر في 30-12-2014 | 00:02
آخر تحديث 30-12-2014 | 00:02
صعود الأدباء الشباب ووزير الثقافة يناقض نفسه

«ضجيج بلا طحن»... مقولة تنطبق على المشهد الثقافي المصري خلال الـ2014، فبرغم ما شهده هذا العام من فعاليات وأحداث عدة فإن غياب الرؤية الثقافية العامة والسياسات التي تمهد لطريق النهوض أفرغت الفعاليات والأحداث من الدلالات والمعاني التي تؤكد وجود حركة ثقافية فاعلة في مصر.
في بداية العام 2014، تحديداً في 22 يناير، انعقدت الدورة الـ 45 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والتي استمرت إلى السادس من فبراير. كانت الكويت ضيف الشرف، والدكتور طه حسين هو شخصية العام في المعرض. وفي السنة نفسها وصلت ثلاث روايات إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر، وهي {الإسكندرية في غيمة} لإبراهيم عبدالمجيد، و{منافي الرب} لأشرف الخمايسي، و{الفيل الأزرق} لأحمد مراد. أما أكثر القضايا التي شغلت بال الأدباء والمثقفين خلال 2014 فهي قائمة الأكثر مبيعاً، حيث برز عدد من الكتاب الشباب تصدروا هذه القائمة متخطين كتاباً كباراً لهم باع طويلة في الأدب والثقافة، خفت نجمهم أمثال جمال الغيطاني وبهاء طاهر.

في هذا المجال قال الناقد الأدبي الدكتور سيد ضيف الله إن {الكتاب الكبار ما زالوا مؤثرين في المشهد الثقافي بسبب تاريخهم الأدبي والثقافي المعروف، ولكن كم إنتاجهم أصبح قليلاً. أما الشباب فقد سيطروا على المشهد وظهر نجوم جدد وجمهور جديد لم يعد يهتم بما يكتبه جيل الستينيات، مشيداً بتعيين محمد المنسي قنديل كرئيس لتحرير مجلة {إبداع} ومحمد شعير كرئيس لتحرير مجلة {عالم الكتاب}. وأكد تفاؤله بهاتين القيادتين اللتين تملكان موهبة صحافية ستظهر جلياً على المطبوعتين الصادرتين من وزارة الثقافة المصرية.

أشار ضيف الله أيضاً إلى أن أفضل الكتب التي قرأها خلال 2014 رواية {السلفي} و{شجرة العابد} لعمار علي حسن و{أساطير الأولين} لهاني عبدالمريد و{شوق الدرويش} للكاتب السوداني حمور زيادة وديوان و{مقدمة في الغياب} لمحمد أبو زيد وكتاب {الجميلة والمقدس} لفتحي عبدالسميع، موضحاً أن وصول رواية {الإسكندرية في غيمة} لإبراهيم عبدالمجيد و{منافي الرب} لأشرف الخمايسي إلى القائمة الطويلة في جائزة البوكر أمر طبيعي، ولكنه يتعجب من وصول رواية {الفيل الأزرق} لأحمد مراد إلى القائمة نفسها، وهو الأمر الذي يوضح أن لجنة التحكيم تأثرت بالجماهيرية بعيداً عن المعايير الأدبية.

جدل

مرّت على الأوساط الأدبية المصرية جدالات كثيرة، أبرزها مطالبة البعض بإلغاء وزارة الثقافة لأنها لا تقدم شيئاً، لاسيما أنها تنفق أموالاً طائلة من دون أي فائدة. وجاء اختيار الدكتور جابر عصفور كوزير للثقافة في حكومة الدكتور إبراهيم محلب ليثير الزاوبع والعواصف ضده، وتوقع البعض مزيداً من التخبّط والترهل بسبب هذا الاختيار، وصدقت هذه التوقعات عندما أطلق عصفور تصريحه الشهير بتقليص النشر في {هيئة قصور الثقافة} على كتّاب الأقاليم وإعادة النظر في سياسات وآليات {النشر} في الوزارة.

حدث هجوم شديد على شخص جابر عصفور بسبب تصريحه، ما اضطره إلى التراجع عن كلامه وأصدر مكتبه بياناً مقتضباً جاء فيه: {إن سياسة النشر في وزارة الثقافة مستمرة كأحد المشروعات الثقافية المهمة، الذي يقوم على دعم النشر ودراسة سبل تطويره}. لم يكن هذا التراجع هو الوحيد للوزير خلال 2014، حيث تراجع أيضاً عن قراره بإقالة الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي من منصبه كرئيس لتحرير مجلة إبداع حفاظاً على ماء وجه الشاعر، وأعطاه الفرصة كي يتقدم باستقالته، ومن ثم تم تعيين الروائي محمد المنسي قنديل بدلاً منه.

أزمة

في النصف الثاني من سبتمبر 2014، حدثت أزمة كبيرة بين وزير الثقافة وبين الناقد طارق الشناوي، بسبب مقال كتبه الناقد تحت اسم {وزير الانتقام}، اعتبر عصفور أنه يحمل سباً وقذفاً تجاهه، ما جعله يحرك دعوى قضائية ضد الشناوي، فيما قال الأدباء المصريون إن ما جاء في المقال يعتبر رأياً للكاتب يحمل انتقاداً لسياسات الوزير، وهو ما تكفله حرية الصحافة  التي تعطي للوزير حق الرد أيضاً، ومؤكدين أن من غير اللائق بالوزير الذي يعد أحد أشهر النقاد في العالم العربي أن يرفض نقداً موجهاً إليه.

ثم جاءت إقالة الشاعر مسعود شومان من رئاسة هيئة قصور الثقافة بعد تعيينه في مسابقة رسمية، لكن بسبب طعن أحد المنافسين له في اللجنة التي اختارته جعل الوزير يصدر قراراً بإقالته وتعيين الدكتور سيد خطاب بدلاً منه. وهاجم البعض القرار معتبراً ذلك خروجاً على مكتسبات ثورتي 25 يناير و30 يونيو. وفي الأيام العشرة الأخيرة من السنة، وتحديداً في العشرين من ديسمبر، افتتح رئيس الوزراء ووزير الثقافة {المسرح القومي} درة المتاحف المصرية وأقدمها الذي عاد إلى الحياة بعد ست سنوات من الإغلاق، إثر حريق هائل التهم صالة العرض الرئيسة في عام 2008، ما ألحق أضراراً بالغة بجميع عناصر المسرح الذي قدمت عليه روائع الأدب العربي والعالمي. وفي اليوم نفسه، 20 ديسمبر، أكَّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقائه بعدد من الأدباء والمثقفين أنه سيضاعف ميزانية وزارة الثقافة مطالباً إياهم بإصدار مزيد من الأعمال الأدبية الجادة.

رحيل

 

رحل عن عالمنا في 2014 كثير من الأدباء والمثقفين والفنانين التشكيليين في مصر. تُوفي في السادس عشر من شهر أغسطس الفنان التشكيلي الكبير ورائد فن الكاريكاتور العربي مصطفى حسين عن عمر ناهز الـ 79 عاماً، وذلك بعدما خضع لجراحة دقيقة لإزالة ورم خبيث من جسده في الولايات المتحدة. وبعد أربعة وعشرين يوماً (12 سبتمبر) رحل أيضاً الكاتب الساخر الكبير أحمد رجب الذي اقتسم مع حسين مئات الأعمال الكاريكاتورية، فقد كان رجب يضع الفكرة فيما يرسمها مصطفى حسين. وفي الثالث والعشرين من سبتمبر، توفي أيضاً الفنان التشكيلي خلف طايع، نائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون الأسبق (71 عاماً) بعد صراع طويل مع داء لسرطان. أما في الثاني عشر من نوفمبر، فرحل الفنان التشكيلي الكبير أحمد طوغان عن عمر 88 عاماً في مستشفى المعادي العسكري، حيث كان يتلقى العلاج على نفقة القوات المسلحة. وفي مساء الأربعاء في 20 نوفمبر ودعنا الروائي المصري المرموق محمد ناجي عن عمر 68 عاماً في مستشفى في العاصمة الفرنسية باريس حيث كان يتعافى من آثار جراحة زرع كبد. وفي الثلاثين من الشهر نفسه صعدت روح الروائية رضوى عاشور إلى بارئها عن عمر يناهز 68 عاماً بعد صراع مع المرض استمر لأشهر عدة.

back to top