المخرج تامر محسن: {قط وفار} صنع دهشة غير متوقعة
حظي المخرج تامر محسن في أولى تجاربه الإخراجية للأفلام الروائية الطويلة بتعليقات إيجابية كثيرة من مشاهدي فيلمه {قط وفار} الذي لا يزال يحقق النجاح على مستوى النقاد وفي شباك التذاكر.حول الصعوبات التي واجهها في هذه التجربة، واختياره الشكل الكرتوني في التعبير عن الصراع بين السُلطة والشعب، كذلك تعاونه الثاني مع وحيد حامد ومحمد فراج، كان لنا معه هذا الحوار.
حدثنا عن ردود الأفعال التي وصلتك عن {قط وفار}؟معظمها إيجابي، وأفضل ما فيها أن ما كنّا نطمح فيه حدث فعلاً. مثلاً، تقديم فيلم مبهج مضحكٍ، تعتمد الكوميديا فيه على الموقف، وليس الضحك لمجرد الضحك أو المرتبط بالإفيهات. كذلك أسعدني أن الجمهور تمكَّن من قراءة الفيلم جيداً، وتناولته الرؤى النقدية بوجهات نظر مختلفة، ما جعلني أشعر أنه صنع حالة من الدهشة غير المتوقعة، وهو ما كنت أطمح فيه وأتمناه ولكني لم أتنبأ به، لذا أجدها في مجملها أصداء فاقت توقعاتي.إلام يرجع هذا النجاح؟إلى عوامل كثيرة، في مقدمها سيناريو الكاتب الكبير وحيد حامد الذي يضمن استقطاب الجمهور، كذلك عودة النجم محمود حميدة إلى السينما بعد غياب سنوات، إلى جانب كونه فيلماً خفيفاً كوميدياً طُرح في توقيت الجمهور بحاجة إلى هذه النوعية.ما الذي جذبك في {قط وفار} ليكون أولى تجاربك الإخراجية؟أنه فيلم في ظاهره خفيف ولكن معناه قوي. سيضحك المشاهد عند متابعته ويشعر بسعادة إضافة إلى تحفيز عقله. شخصياً، أفضل هذه النوعية من الأفلام ذات المضمون والمغزى والتي تشغل بال المشاهد، ويشعر بها في وجدانه.كيف وجدت المزج بين الخفة والمعنى الداخلي؟لم يكن الأمر يسيراً، فنحن نقدم فكرة عميقة بمنتهى الخفة: صراع بين قط وفأر يحمل في مضمونه معاني كثيرة، وفي الوقت نفسه علينا تقديمه بشكل يفهمه الجمهور في مختلف الطبقات.هل أقلقتك فكرة أن {قط وفار} هو أول أفلامك الروائية الطويلة؟بالطبع شعرت بالقلق والخوف لأنه أول تجربة طويلة بعد مجموعة من الأفلام القصيرة، كذلك أحمل مسؤولية اسم المؤلف الذي تحقق أعماله نجاحاً كبيراً دائماً.كيف تغلبت على هذا الخوف؟أخفيته في داخلي وواصلت العمل على تحضيرات الفيلم لأنني أرى أن تقديم عمل بلا خوف وبثقة زائدة قد تكون نتيجته الفشل لأن الارتياح يخلف كسلاً. شخصياً، أحب خوفي، وأؤمن جيداً بأن المخرج كلما عظم شأنه كلما خاف أكثر من الخطوات المقبلة، وقد دفعني وساعدني خوفي على الاجتهاد في تنفيذ الفيلم.كيف وجدت العمل الثاني مع وحيد حامد؟محظوظ بالعمل معه، فمخرجون كثر يتمنون التعامل معه. ما يزيدني حظاً أنني تعاونت معه سابقاً في مسلسل {بدون ذكر أسماء}، ثم في {قط وفار}. وأتمنى أن أتعاون معه في أعمال مقبلة.هل قصدت أن يحمل فيلمك الإسقاطات السياسية من الصراع بين القط والفأر؟ لا أحب الأفلام الرمزية، وإن كنت لا أنكر وجود {الرمز} في الفيلم، لكنني حاولت تقديم معان فوق الرمزية، تحمل استنكار واستهجان الآخر بأنه سبب المشكلة، حتى تتحوَّل العلاقة بينهما من النقيض إلى النقيض تماماً.كيف تجد قراءة البعض أن شخصية الأم التي جسدتها سوسن بدر المقصود منها مصر؟لم نقصد بها مصر تحديداً، فقد تكون المنطقة التي يسكن فيها الفرد، أو عائلته، أو سنده. عموماً، كل شخص يراها وفقاً لطريقة تفكيره، خصوصاً في ظل كون الطرف الآخر {عباس القط} غير مخلص لها، وهو تذكرها عندما شعر أن اقترابه منها سيكون في صالحه، خلاف ذلك هو تناساها وتناسى أصله، وتناسى أن الجميع في الصغر كانوا قططاً وفئراناً في حارة واحدة.كيف استطاع الفأر الانتصار على القط؟الفأر أو محمد فراج كان يرى نفسه ضعيفاً ولا يمكنه الوقوف أمام القط، وأنه لا يملك الأدوات التي تمكنه من الفوز عليه، حتى عرف نفسه وقيمته، وتمسك بحقه، الذي ناله في النهاية بمساعدة أهل الحارة الذين كانوا يدفعونه باستمرار إلى المطالبة بحقه.لماذا اخترت الشكل الكرتوني الكوميدي في التعبير عن أحداث الفيلم؟لأنني عندما تلقيت الفيلم كان يميل إلى الميلودراما والتراجيدي المأساوي عن موت أم ونزاع حول جثتها، ووجدت أن التوقيت الحالي غير مناسب لتناول هذه الأحداث. رأيت أن فكرة الفيلم أهم من التركيز على هذه القصة، وبدأت اهتم بالتفاصيل الدقيقة، حتى أصبح العمل أشبه بكرة الثلج، ووجدت أن الشكل الكرتوني أضاف خفة إلى الفيلم الذي يتناول في مضمونه معنى عميقاً.ما الصعوبات التي واجهتك أثناء التصوير؟أذكر منها أننا كنّا نصوِّر الأحداث في فصل الصيف، فيما أن زمانها المقرر في النص خلال موعد عيد الحب، ما اضطر الأبطال إلى ارتداء ملابس شتوية. ولكن عموماً التجربة كانت سلسة وغير معقدة في الخمسة أسابيع التي تم خلالها التصوير، كذلك أسهمت الميزانية المعقولة في تنفيذ العمل على نحو أفضل.ماذا عن اختيارك أبطال العمل؟وقع اتفاق بيني وبين المؤلف والمنتج أيضاً على إسناد البطولة إلى محمد فراج لأسباب كثيرة، من بينها أنه يملك مرونة وقدرة على تجسيد مختلف الشخصيات، إلى جانب أنه ممثل ملتزم ومحترف. وتناقشت في اختيار محمود حميدة مع وحيد حامد، وكان هو المرشح الأول والأخير للدور الذي تواجدت فيه مواصفاته، فهو ممثل قدير معروف بجديته، وهنا يقدم دوراً يمزج بين الجدية والهزلية.ماذا عن السورية سوزان نجم الدين؟رشحها السيناريست وحيد حامد. لم أكن أعرفها لأنني لست متابعاً جيداً للدراما السورية، ولكن عندما اطلعت على بعض مشاركاتها أعجبت بها، وقابلتها مع المنتج في بيروت، وبعد انتهاء جلستنا سوياً اقتنع كلانا بالآخر، ومن ثم وقعنا العقود.هل نجاح الكوميديا في {قط وفار} سيدفعك إلى الاستمرار في تقديم النوعية نفسها؟أعتبر نفسي مخرجاً سريع الملل، لذا لا أحب لعب اللعبة ذاتها باستمرار، بل ألجأ إلى التغيير، وأقدم أنواعاً لم يسبق لي تقديمها، وربما تناقض بعضها بعضاً. ولكن النوعية الأقرب إلى قلبي تلك الاجتماعية، إلا أنني لن أقدمها، وذلك ضمن اتجاه أتبعه في خطواتي السينمائية كافة.ما جديدك؟أصوِّر مسلسل {تحت السيطرة} من بطولة نيللي كريم مع محمد فراج، ونسرين أمين، وظافر العابدين، وجيهان فاضل. تولت التأليف مريم نعوم، فيما اهتم بالإنتاج جمال العدل.