{بايوكي}... مئة عام من الذهب
{بايوكي} أقدم محل للمجوهرات في الشرق الأوسط، يحتل موقعاً مميزاً في شارع عبد الخالق ثروت، في وسط العاصمة المصرية القاهرة. يعود تأسيسه إلى عام 1900، وشهد خمسة أجيال كاملة من الجد الأكبر باولو الذي كان الجواهرجي الخاص بالأسرة المالكة في مصر إلى الابن الأخير راؤول أستطونو الذي يحتفظ بالأوسمة والجوائز وشهادات التقدير التي حصلت عليها العائلة، من بينها وسام الاستحقاق ودرجة ضابط ودرجة فارس، كذلك الجنسية المصرية.
يقول بايوكي الحالي لـ {الجريدة { إن تاريخ محل المجوهرات يعود إلى ما قبل مئة عام كاملة، عندما أسست أسرة بايوكي الإيطالية هذا المحل الكائن في وسط العاصمة المصرية، وهو امتداد لمحلاتها الشهيرة في إيطاليا. دخل المكان موسوعة {غينيز للأرقام القياسية العالمية{، وتم إدراجه ضمن المقتنيات الأثرية، حيث ما زالت الخزانة الحديدية الخاصة به على طرازها نفسه لتدخل وحدها الموسوعة العالمية للأرقام القياسية من حيث حجمها الذي يصل إلى متر عرض ومتر ارتفاع بعمق مترين، وباب حديدي تبلغ سماكته أكثر من 30 سم. صُنعت في إيطاليا ونقلت إلى مصر على إحدى البواخر التجارية.يضيف بايوكي أنه حظي بثقة أغلب الفنانين المصريين، حتى إن أم كلثوم كانت حريصة وبصفة دائمة على الحضور بشخصها إلى المحل لاقتناء بعض القطع المميزة والاستمتاع بالمناخ الخاص بالمحل والفريد من نوعه. أما الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات فقد أهداه كتابه الخاص بتوقيعه الشخصي، بالإضافة إلى تعاملاته مع زوجة شاه إيران وملك إيطاليا السابق، وكثير من السياسيين وكبار رجال الدولة. تعاقبت الأنظمة السياسية على عائلة بايوكي ونشاطاتها، فيقول بايوكي: {كان الجد الجواهرجي الخاص بالأسرة المالكة في مصر منذ عام 1900 ونجح في كسب ثقة جميع أفراد الأسرة المالكة، ليس فقط في اقتنائهم قطع المجوهرات أو التيجان والنياشين ولكن أيضاً لاقتناء قطع فريدة ونادرة لإهدائها لملوك وأمراء عرب وأجانب، من سيوف مرصعة بالألماس ونياشين وأقراط وغيرها. وعند الحديث عن عهد ناصر نرى نهضة على مستويات البنية التحتية، والاهتمام بمتطلبات شعبية وتحقيق الريادة الإقليمية، ولكن في المقابل حدث {انكماش نسبي{ في حركة السوق نتيجة الأوضاع المضطربة في تلك الفترة وكانت فترة تحد بالنسبة إلينا، ولكن استطعنا الحفاظ على العمالة وحركة الإنتاج{. ويضيف أن {الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس السادات كان له أثر إيجابي، وحقق حالة من الانتعاش الاقتصادي غير المسبوقة، وحدثت طفرة على مستوى الأشكال والتصميمات والأفكار التي كانت تعبر القطر العربي كله وقتها. وفترة مبارك ننظر إليها على أنها كانت في صالح المواطن في البداية، وجنبت البلاد الحروب والصراعات، ما أحدث حالة من الاستقرار العام الذي انعكس إيجاباً على سوق المجوهرات}. ويتابع: {كانت فترة ثورة يناير المنادية بمطالب شعبية مشروعة، هي الأسوأ علينا لتردي الأحوال الأمنية وبلغت نسبة خسارتنا 75% كاملة من حجم البيع والشراء، ولكننا نعوض ذلك تدريجاً خلال فترة حكم الرئيس السيسي، الذي أتفاءل به نظراً إلى وجود التفاف شعبي حوله، وألمس بنفسي ارتفاع الحالة النفسية للمصريين، بما يعني إقبالهم على الحياة مجدداً واهتمامهم بالمجوهرات وإثراء حياتهم بعدما ترتفع نسب دخولهم}.وعندما يتطرق بايوكي إلى الحديث عن أحوال المصريين يقول إنه {على مستوى الذوق العام قديماً لم يكن أحد يفكر في البيع والمكسب والخسارة عند الشراء. كان الناس يتمتعون بذوق عال، بداية من البواب وصولاً إلى أرقى الطبقات، والبيع نفسه لم يصبح ظاهرة إلا بعد أن سادت قيم الانفتاح}.أما على مستوى المعيشة، فكانت خفة الدم تلازم المصريين، بحسب بايوكي، وشوارع وسط البلد حتى أوائل الستينيات لم تكن تقل نظاماً وتنظيماً ونظافة عن الشوارع في زيورخ أو بون أو لندن أو باريس. لكن الآن تبدو مثل غابة من العربات والبشر، فالهموم أثقلت كاهل الجميع، كما يقول.ويتذكر بايوكي لحظات أمضاها في بلده الأصلي إيطاليا ليذهب مباشرة إلى مقارنة تلقائية بين شعبه وبين شعب مصر فيوضح: {ثمة قواسم مشتركة بين الشعبين. وعموماً، شعوب البحر المتوسط تشبه بعضها البعض إلى حد كبير، فكل من المصريين والإيطاليين يحفظون العشرة ويصونون الذكريات ويحرصون على الروابط الاجتماعية بشكل لافت. كل منهما متسامح وليس متعصباً، بالإضافة إلى حس الفكاهة لديهم .يوضح بايوكي أن أفضل أنواع الأحجار الكريمة هو الألماس، ويأتي بعده الزمرد ثم الياقوت ثم الزقير، وجودة الحجر تعتمد على ثلاثة أشياء مهمة، النقاوة والحجم وجودة اللون، وخبرة الجواهرجي تحدد نقاوة الألماس بمجرد النظر رغم وجود أجهزة حديثة مثل القلم الإلكتروني الذي يحدد نقاوة الحجر بمجرد المرور عليه.