نشب خلاف بين عميل وشركة تمويل الإسكان، يتعلق بتغيير مفاهيم راسخة وسائدة منذ عقود زمنية بشأن عقد الإجارة المعمول به، سواء من جانب الكيانات العاملة حسب أحكام الشريعة أو الجهات التقليدية التي تطبقه في بعض الأحيان وتستخدمه كخيار تمويلي.

Ad

تنفرد "الجريدة" بنشر تفاصيل احد أهم وابرز الملفات المصرفية الذي أخذ حصته في النقاش على مختلف الصعد والجهات، وتوقفت امامه الهيئات القانونية التابعة للبنوك الكويتية وبنك الكويت المركزي، وتمت مناقشته على مستوى رفيع في اتحاد المصارف الكويتية في اجتماعات المديرين العامين ورفع الى رؤساء المصارف للاطلاع والإحاطة.

الملف المصرفي المطروح الذي سيبقى مفتوحا بسبب التباين القانوني المعروف، وسيطول سجاله ويتعلق بتغيير مفاهيم راسخة وسائدة منذ عقود زمنية بشأن عقد الإجارة المعمول به سواء من جانب الكيانات العاملة حسب احكام الشريعة او الجهات التقليدية التي تطبقه في بعض الأحيان وتستخدمه كخيار تمويلي.

وتعود تفاصيل الملف الى خلاف عميل مع شركة تمويل الإسكان، ولم يكن يخطر ببال الشركة ان الخلاف سيقلب مفاهيم مالية وربما مصرفية سائدة منذ سنوات طويلة، اذ اعتبرت محكمة التمييز في شأن الخلاف ان عقود الإجارة هي عقود بيع بالتقسيط حتى ولو اطلق عليها المتعاقدان صيغة او صفة انها عقد ايجار.

ويترتب على هذا الأمر ان ما سدده الطرف الثاني من العقد وهو المستفيد وصاحب الأصل المرهون والذي يقوم بسداد الأقساط، من مبالغ، هو اقساط من عقد البيع وليس عقد اجارة، وبالتالي ينتفي مصطلح الإجارة .

وعلى هذا الاعتبار واعادة للتكييف القانوني السليم لصيغ عقود الاجارة المقترنة بوعد بالشراء، اصبح بقوة القانون ان عقد الإجارة في حقيقة الأمر عقد بيع وليس عقد اجارة وان قيمة الأجرة المتفق عليها هي في حقيقتها اقساط تسدد من ثمن البيع.

وتكمن أهمية الملف المطروح للنقاش والبحث والدراسة مصرفيا ورقابيا، أن هناك آراء قانونية مناهضة للحالة التي صدرت في مشكلة شركة إسكان مع احد عملائها.

آراء مصرفية

في سياق متصل، تذهب آراء مصرفية الى انه اذا كان هناك حكم تمييزي بات فإن قانون النقد وبنك الكويت المركزي يعتبر ان عقود الإجارة تحكمها شروط واحكام خاصة متفق عليها لا يمكن العدول عنها فيما اتفق بشأنه الطرفان المتعاقدان تحت استار تفسير عقد او تكييفه فعقد الإجاراة هو "عقد اجارة"، وليس بيعا وبالتالي وفق نظام البنك المركزي الحكم لا يستر عقداً آخر.

وتقول مصادر مصرفية ان للبنوك والمصارف طبيعة خاصة، الا ان هناك رأيا آخر يذهب الى أن شركة تمويل اسكان هي شركة تمارس بعض الأنشطة الشبيهة بالبنوك وخاضعة ومرخصة من بنك الكويت المركزي، وفيما يخص الشق التمويلي تخضع للضوابط والأحكام التي يطبقها "المركزي" رغم خضوعها لقانون اسواق المال في شق ونطاق مالي آخر.

من جهتها، ذكرت مصادر مصرفية متابعة ان كل عقود الإجارة ستكون محل تدقيق واعادة نظر حيث سيضع هذا الحكم بلا شك نقطة فاصلة في شأن العقود قبله وبعده، وسيفتح بابا من الجدل الكبير عند العقود التي ينشأ في شأنها خلافات قانونية وتباينات بين العميل وهو الطرف المدين، والدائن وهو البنك او اي جهة تمويل اخرى كانت تعمل بصيغة عقود الإجارة .

وقد تكون لهذا الملف ابعاده على ملف استدخال الأصل او العين محل عقد الإجارة، حيث ان احد صيغها هو ان يقوم مالك اصل ما؛ عقار او غيره بتقديم الأصل الى البنك بعد تقييمه والاتفاق وتحديد قيمة التمويل المطلوب، وبعدها يقوم البنك بشراء العقار على اساس عقد بيع من الطرف المالك ومن ثم يصبح ضمن العقد بند ينص على التعهد بإعادة الشراء ويقوم المدين او بمعنى ادق صاحب الأصل بالالتزام بسداد الأقساط.

لكن المعضلة التي وضعها الخلاف الذي نشأ بين عميل "اسكان " والشركة وترتب عليه تكييف قانوني بعد استشارة الخبراء بأمر المحكمة، هي ان الجهة الدائنة لا يمكنها تحت اي بند او ظرف استدخال العقار او الأصل الذي هو في الواقع بمثابة رهن اذ ان الحكم الذي يعتبر ان عقد الإجارة عقد بيع وسداد العميل طوال فترة البيع هي اقساط من قيمة العين، فإن الأصل يعتبر اصلا مغلقا امام أي جهة دائنة، ويمكن اذا ما نشأ خلاف على عقد مصرفي شبيه ان يكون هذا الحكم سندا واساسا قانونيا في تفسير عقود الاجارة من منظور محدد، وهو اعتبارها عقود بيع وهو التفسير السليم قانونا ويطلق عليه عقود اجارة في الصيرفة الإسلامية لأسباب شرعية.

وعلى هذا الأساس فإن الطرف المدين صاحب العقار وفي حال كان متأخرا بدفع الأقساط فإنه ملتزم بسداد الأقساط المتأخرة، وعلى الجهة الدائنة تسليم العقار أو الأصل أيا كانت العين إلى الطرف الأول الذي قام ببيعها وحصل على التمويل وتعهد بسداد الأقساط لإعادة شرائها.

هل الأحكام لا تعمم؟

مصرفيا، تقول مصادر قانونية: "ان كانت هناك آراء قانونية قاطعة وباتة بأن البنوك تخضع لقانون البنك المركزي وان شركة تمويل إسكان شركة تقليدية أو من باب آخر لا يمكن تعيميم حالاتها على البنوك"، الا ان قانونيين أفادوا في تصريحات لـ"الجريدة" ان من الممكن الاستناد إلى الحكم الصادر كسابقة في أي خلاف ينشأ لاحقا على حالة.

لكن مصدرا ذكر انه من خلال المناقشات المصرفية الرقابية وتبادل الآراء في شأن واقعة الحكم فإنه لا تأسيس ولا تعميم للحكم على صيغ التعاقدات في عقود الإجارة، استنادا الى قاعدة قانونية تقول ان الحكم القانوني بين الأطراف المتنازعة ولا يعمم، وهو الأصل في الأحكام بين الأطراف المتنازعة.