حمل مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ36 أفلاماً تحاكي الإنسانية، تنوعت بين العربية والإسترالية واليونانية والألمانية، ويشارك عدد منها في المسابقات الرسمية في المهرجان.

Ad

من ضمن الأعمال «باب الوداع» المصري الوحيد المشارك في المسابقة الدولية في مهرجان القاهرة، وتدور أحداثه حول ثلاث شخصيات رئيسة هي ابن وأم وجدة. يستعرض الفيلم الحزن الذي تعيشه الأم منذ وفاة زوجها، ما يجعلها تدخل في دوامة أحلام مؤلمة تساعدها في تقبل الوحدة، ويشعر الابن بذنب نحو أمه التي ظلت ترعاه حتى كبر.

الفيلم الذي تدور أحداثه خلال 65 دقيقة من بطولة كل من سلوى خطاب وأحمد مجدي وآمال عبد الهادي وشمس لبيب، ومن تأليف وإخراج كريم حنفي الذي قال إنه كتبه بعد تجربة شخصية مرَّ بها هو في الواقع، وكان متأثراً بهذه الحياة كثيراً إلى درجة دفعته إلى تقديم عمل يناقش هذا الموضوع، رغم العقبات الإنتاجية التي واجهته والتي أوقفت تنفيذه لمدة أربع سنوات متتالية. وأشار إلى أن نسبة الشجون والمشاعر القوية التي يتضمنها العمل لا تجعله بالضرورة موجهاً إلى الكبار على اعتبار أنهم يملكون هذه الأحاسيس بنسبة أكبر من الشباب، كذلك أوضح أن الفيلم لا يركّز على الحزن فحسب، حتى إن فكرة إخراج الأم من حزنها كانت مسيطرة عليه طوال فترة التنفيذ.

أما «بلد شارلي» ففيلم أسترالي روائي يشارك في المسابقة الدولية في المهرجان، تدور أحداثه في 108 دقائق، تناقش وضع السكان الأصليين في إستراليا وحجم المعاناة التي يتعرضون لها من خلال نموذج لرجل يُدعى «شارلي»، وهو محارب يعيش في الجزء الشمالي من أستراليا، وعند مروره في الطريق مع صديقه يوقفه الضابط ليفتش سيارتهما التي يتم مصادرتها وأسلحتهما، لذا يفكر «شارلي» في العيش في حياة برية.

يتولى البطولة كل من ديفيد جالبليل وبيتر جيجير، فيما اهتم بالسيناريو والإخراج رولف دي هير. وقال الأخير إن الفيلم يعرض حالة السكان في أستراليا الإنسانية، ويقدّم أوجهاً عدة لحياتهم، مشيراً إلى نظام المعاشات هناك، والذي بمقتضاه توفّر الدولة لهم مبلغاً كبيراً من المال شهرياً يسددون به احتياجاتهم الأساسية، وهو أمر يزعجهم لأنه يشعرهم بأنهم مقيدون وحركتهم محددة. ولفت هير إلى أن الدولة لا يمكنها تحديد عدد أبناء السكان الأصليين، والقضية عموماً ستستغرق سنوات لحلها.

فيلم الافتتاح

يشكّل موضوع فيلم الافتتاح {القطع} حالة إنسانية أيضاً، مستعرضاً إحدى جرائم مذابح الإبادة الجماعية في تركيا في بداية القرن العشرين، حيث يبرز صراع يمر به البطل في علاقته بدينه. تبدأ أحداث الفيلم الألماني بإلقاء القبض على الأرميني نازرارت مانوجيان، الذي يعيش في ماردين جنوب شرقي تركيا مع زوجته، ومع ابنتيهما التوأم {أرسيني} و{لوسيني}، فيمر بمشكلات كثيرة بعد إفلاته من محاولة ذبحه ويكتشف أن عائلته كلها قد قتلت في المذابح في تركيا فيشعر وكأنه مات، ثم تعود إليه الحياة بعد معرفته أن ابنتيه التوأم ما زالتا على قيد الحياة، ويظل يبحث عنهما في بلدان عدة حتى يجد واحدة منهما حية، فيما الأخرى قد توفيت.

فاتح أكين، كاتب سيناريو الفيلم ومنتجه ومخرجه، قال إن ما دفعه إلى تقديم هذا العمل أن كثيرين من الجيل الجديد لا معلومات لديهم عن مذبحة الأرمن، لا سيما أنها أحد الموضوعات الشائكة التي تحتاج إلى معالجة، مشيراً إلى أن أزمة الدين التي مرّ بها البطل أقرب إلى أزمة تعرض لها أيضاً أكين.

يشارك الفيلم الفلسطيني {عيون الحرامية} في المسابقة الدولية من المهرجان، وتدور أحداثه في 98 دقيقة، يقدّم فيها نموذجاً إنسانياً لرجل اعتقل في أحداث الانتفاضة الفلسطينية عام 2002، ثم يُفرج عنه بعد عشر سنوات ليبدأ رحلة بحثه عن زوجته وابنته، ولكن لا يلبث أن يكتشف أن زوجته توفيت، فيما عُرضت ابنته للتبني. من هنا، يعبر بنظراته الحائرة عن مشاعر تائهة باحثة عن طفلته، وعن بلد تغيَّر كثيراً. كذلك يقدم الفيلم نظرة عامة عن الفلسطينيين وطموحاتهم في البقاء والمقاومة رغم الاحتلال الشرس.

الفيلم من بطولة كل من خالد أبو النجا والمطربة الجزائرية سعاد ماسي، والسيناريو والإخراج لنجوى نجار التي ذكرت أنها حاولت من خلال فيلمها إلقاء الضوء على حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال بشكل غير معتاد، وذلك من خلال تركيزها على الجانب الإنساني لدى الأب ومشاعره التي تتحرك معه خلال فترة بحثه عن ابنته.

في قسم العروض الخاصة، يشارك {حائط البطولات} الممنوع من العرض منذ نحو 15 سنة. يهتم الفيلم بالجانبين الحربي والإنساني للضباط، بعد حدوث نكسة 1967، حتى حرب أكتوبر 1973، ويتطرق إلى حياتهم الشخصية: كيف يعيشون مع زوجاتهم وأبنائهم، من منهم الضابط الذي يجسد شخصيته أحمد بدير والذي فقد ابنه بعد دخوله مدرسة بحر البقر الابتدائية ومقتله فيها بسبب صواريخ ألقتها إسرائيل وراح بسببها أطفال المدرسة، ما دفع ببدير إلى الانتقام منهم عبر تفجير صواريخهم كلها في إحدى المرات. يتولى البطولة كل من فاروق الفيشاوي، محمود ياسين، خالد النبوي، حنان ترك، مجدي كامل، ومها أحمد. أما الإخراج فلمحمد راضي.

ويشارك الفيلم السوري التسجيلي {مياه فضية} في قسم العروض الخاصة، فيعرض في 92 دقيقة الحرب الأهلية في سورية، والتأثير النفسي على المواطنين هناك، لا سيما الذين تمت إهانتهم وضربهم على يد الجنود، ما دفع البقية الباقية من المواطنين إلى السفر إلى بلاد أخرى.

وفي السينما اليونانية، التي تشارك كضيف شرف في المهرجان، يُعرض الفيلم الروائي الطويل {حارس النحل} الذي يقدم نموذجاً لأب من شدة ارتباطه بابنته يترك المنزل يوم زواجها، ويترك عمله أيضاً وحياته، ويعمل كمربي نحل، على اعتبار أن النحلة حينما تنتهي من مهمتها تعود إلى خليتها، وهو بعدما ينهي مهمته مع ابنته يبدأ العودة إلى أصدقائه القدامى ويترك التزاماته.

وفي القسم نفسه، يُعرض الفيلم اليوناني {مجرد فيل آخر حائر} الذي يناقش موضوع حبس طفل ألباني من أصول يونانية يشهد مقتل والدته الذي يتسبب في كسر العائلة، قبل أن يقع تحت يد عصابة تهريب البشر، وتنتهي به الحال في أثينا حيث يتسوَّل في الشواع ويواجه عنف مؤسسات رعاية الأحداث، وهو ما يكون له بالغ الأثر في نفسه.