قال النائب الأول للرئيس - الأبحاث في المركز المالي الكويتي "المركز" راجو إم. أر. راغو، ان 80 في المئة من إيرادات الميزانيات في دول مجلس التعاون الخليجي في الأعوام الثلاثة الماضية تعتمد على عوائد المواد الهيدروكربونية، مضيفاً أنها تحتاج إلى رسم خطط لتعزيز النفقات المالية الخاصة بها.

Ad

جاء ذلك خلال محاضرة حول التوقعات المستقبلية لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي لسنة 2015 وتأثير تراجع أسعار النفط عليها، والتي نظمها اتحاد شركات الاستثمار بالتعاون مع شركة المركز المالي الكويتي "المركز" أمس، وقدمها راجو إم. أر. راغو، النائب الأول للرئيس - الأبحاث في المركز المالي الكويتي، المدير العام لشركة مارمور مينا إنتيليجنس (مارمور) وهي شركة تابعة "للمركز" وتختص بأبحاث الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وعضو مؤسس في معهد المحللين الماليين المعتمدين CFA في الكويت والبحرين.

وتناولت المحاضرة تحليل أداء أسواق الأسهم الخليجية في عام 2014، وتوقعاته لعام 2015 بناءً على العوامل السائدة في كل من دول المجلس ومنها مدى الاعتماد على القطاع الهيدروكربوني، وإمكانيات نمو أرباح الشركات، ومدى جاذبية القيمة السوقية للأسهم، والعوامل الاقتصادية، وحجم السيولة في السوق.

تراجع أسعار النفط

واوضح راغو أن الحدث الأهم في عام 2014 في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي هو التراجع الحاد في أسعار النفط، والذي لم يتم توقعه إطلاقاً في بداية السنة، فقد انخفضت أسعار النفط بنسبة 48 في المئة نتيجة ارتفاع الكميات المعروضة من منتجين من خارج منظمة أوبك (وخاصة منتجي النفط الصخري)، والتوقعات بتراجع نمو حجم الطلب.

واشار الى انه تم رفع درجة مؤشري الإمارات وقطر وتضمينهما في مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشونال للأسواق الناشئة. وأدى الخلاف بين فريق إدارة شركة أرابتك والتطورات الجيوسياسية وعلى الأخص في العراق، إلى تخوف المستثمرين في شهر يونيو، وتبع ذلك إعلان إيجابي مفاجئ من المملكة العربية السعودية التي أعلنت فتح أسواقها أمام الملكية المباشرة للمستثمرين الأجانب.

الناتج السعودي

وأضاف ان من المتوقع أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي قويا في المملكة العربية السعودية، حيث تتمتع المملكة بخصائص ديموغرافية إيجابية ونمو سكاني سريع. وتعمل الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية مختلفة لإيجاد الفرص الوظيفية مثل "برنامج نطاقات لتوطين الوظائف"، و"قانون الرهن العقاري" لتوفير المساكن.

ولفت الى أن أرباح الشركات في المملكة العربية السعودية نمت في الأشهر التسعة الأولى من عام 2014 بمعدل 12 في المئة، مقارنةً بنفس الفترة من السنة السابقة. وتباطأ نمو الصناعات البتروكيماوية وقطاع البناء، بينما حقق قطاع المصارف والخدمات المالية وقطاع الاتصالات معدلات نمو جيدة. وتبقى النظرة إيجابية بالنسبة لقطاع العقاري، والسلع الاستهلاكية؛ بينما تعتبر حيادية في قطاع المصارف والخدمات المالية، وقطاع البناء والإنشاءات، وسلبية في قطاعي البتروكيماويات والسلع.

نمو متسارع

أما بالنسبة إلى الإمارات، فأشار إلى أن جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية الرئيسية تشير إلى مزيد من التسارع في النمو الاقتصادي، ومن المتوقع أن يسهم إنجاز مشاريع البنية التحتية الكبرى والتحضيرات لاستضافة معرض وورلد أكسبو في عام 2020 في مساعدة دبي في المحافظة على وتيرة نموها.

وقال ان إجمالي أرباح الشركات في الإمارات نما في الأشهر التسعة الأولى من عام 2014 بنسبة 31 في المئة مقارنة بنفس الفترة من السنة السابقة. ويمكن أن يكون ذلك النمو القوي ناتجا عن ارتفاع الأرباح في قطاعات المصارف والاتصالات والعقار. وقد تعززت أرباح المصارف بالارتفاع الكبير في الدخل غير الناتج عن الفوائد والتراجع الملحوظ في مخصصات خسائر القروض. وتحسنت نوعية الأصول نتيجة الاسترداد وإعادة الهيكلة والنمو المستمر في حجم القروض. وشهدت الإمارات العربية المتحدة ثاني أعلى معدل دوران في المنطقة. وتبقى النظرة إيجابية بالنسبة لقطاع المصارف والخدمات المالية، وحيادية بالنسبة لقطاع الاتصالات، بينما تميل إلى السلبية بالنسبة لقطاع العقار، حيث أنه من الصعب المحافظة على النمو انطلاقا من نقطة أساس أعلى.

محفزات رئيسية

وبين راغو أن الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير الهيدروكربوني في قطر لايزال قويا، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 11.9 في المئة في عام 2015، وتمثل أعمال البناء ومشاريع البنية التحتية المحفزات الرئيسية. كما أن أسعار الأصول تتجه إلى الارتفاع، ولكن من المتوقع أن يستقر معدل التضخم العام عند 3.5 في المئة في عام 2015 في ظل غياب أي ضغوط تضخمية عالمية.

واوضح ان أرباح قطر نمت في الأشهر التسعة الأولى من عام 2014 بمعدل 4.0 في المئة (مقارنةً بنفس الفترة من السنة السابقة). وأدى توقف شركة صناعات قطر عن العمل لفترة طويلة بسبب صيانة المصنع إلى تراجع الأرباح في قطاع السلع بمعدل 26 في المئة (مقارنةً بالأشهر التسعة الأولى من السنة السابقة). وتبقى النظرة إيجابية لقطاعي المصارف والعقار؛ وحيادية لقطاعات الخدمات المالية والبناء والاتصالات، وسلبية للقطاع الصناعي.

وأشار راغو إلى أن تراجع نمو الأرباح في عمان انعكس في الأداء السيئ لمؤشرات الأسهم. وأثر نقص الغاز على الصناعات الاشتقاقية ليتراجع بذلك أداء المؤشر الرئيسي. وأضاف أن الأشهر القادمة سوف تشهد تراجعا في الضغوط الناتجة عن الطاقة مع تحسن إمكانات التوريد من مشروع حقل خزان للغاز المحكم، غير أن معدلات النمو الضعيفة للأرباح قد حدت من التوقعات، ولاتزال النظرة حيادية.

واضاف: "أما بالنسبة للبحرين، فقد أدى الضعف المستمر في أسعار النفط إلى تفاقم ضبابية الأوضاع المالية ومدى تعرضها للتأثر سلبا بالأحوال السائدة. واستمر فتور الأنشطة الاقتصادية في البحرين. وعلى عكس الأسواق الخليجية الأخرى، سجلت البحرين معدل دوران لم يتجاوز 3 في المئة. ومن المتوقع ألا تشهد الأرباح أي تغير في الفترة القادمة، وتستمر بذلك النظرة الحيادية إلى الأسواق".

مواجهة التحديات

وقال انه نظراً إلى أن الكويت هي أكثر دول المنطقة اعتمادا على الإيرادات النفطية، فيمكن أن يؤدي قرار منظمة أوبك الأخير بالمحافظة على مستويات الإنتاج واستمرار نمو حجم العرض من الدول غير الأعضاء في أوبك، إلى تراجع الاقتصاد الكويتي، ومن المتوقع أن يؤدي القطاع غير النفطي إلى دفع عجلة النمو في الكويت، إلا أنه هنالك عوامل كثيرة تتوقف على تنفيذ خطط التنمية.

وأضاف أنه يمكن أن يكون معدل النمو المتدني لأرباح الشركات، والنقص في الطروحات الأولية للاكتتاب العام في الأسواق المالية، وتركيز المستثمرين على أسواق خليجية أخرى، قد أدى إلى تراجع القيمة المتداولة في السوق الكويتي، والتي انخفضت بمعدل 44 في المئة (مقارنة بالسنة السابقة)، وأضاف أن فتح النظم المصرفية لمزيد من البنوك الأجنبية، وإجراء التحسينات التنظيمية في سوق رأس المال، وإدخال معايير حوكمة الشركات، ومراجعة سياسات الدعم والإعانات والمزايا الاجتماعية، يشير إلى عزم السلطات على مواجهة التحديات وتوجيه الاقتصاد نحو مسار النمو العالي، ومن المتوقع أن تنمو أرباح الشركات للسنة الكاملة في عام 2015 بنسبة 9 في المئة، أي أعلى بكثير مقارنة بمعدل نمو الأرباح لفترة الأشهر التسعة الأولى من عام 2014 والتي بلغت 2 في المئة.

أما في الفترة القادمة، فقال ان من المتوقع أن يحقق قطاعا المصارف والبناء أداءً مرتفعا نتيجة تسريع وتيرة ترسية العقود وتنفيذها. وتستمر النظرة الحيادية بالنسبة لقطاعي الخدمات المالية والعقار؛ بينما تعتبر النظرة سلبية لقطاعي البتروكيماويات والاتصالات.

ولفت الى أن الوكالة الدولية للطاقة خفضت تقديراتها للطلب العالمي على النفط إلى 29.3 مليون برميل في اليوم، أي بمعدل مليون برميل في اليوم أقل من نسبة الإنتاج. وانخفضت واردات الولايات المتحدة الأميركية من المملكة العربية السعودية بنسبة 34 في المئة في الفترة ما بين 2003-2013. وقد أدى إنتاج أميركا الشمالية للصخر الزيتي إلى انخفاض الواردات، الأمر الذي يدعونا للتساؤل: هل تفقد دول أوبك سيطرتها على السوق العالمي من حيث الإنتاج والتسعير؟