حتى يأخذ تشكيل القوة العربية، التي أقرتها قمة شرم الشيخ الأخيرة، مداه المنشود، وتكون هذه القوة جاهزة للتدخل السريع في أي لحظة وفي أي مكان، يجب أن يكون للدول المشاركة موقف موحد تجاه القضايا الملتهبة كالأزمة السورية والأزمة العراقية والأوضاع في ليبيا، وبالطبع في اليمن، ومن المفترض أن يكون هناك وجهة نظر موحدة لهذه الدول من الإرهاب والتنظيمات الإرهابية.
ولهذا، فإن قمة شرم الشيخ قد فعلت عين العقل، عندما جعلت الانضمام إلى هذه القوة اختيارياً، إذْ إن المعروف أن الدول التي تحفظت على "عاصفة الحزم" لا يمكن أن تكون فاعلة في القوة التي تقرر تشكيلها، وحتى إن هي شاركت فيها فلها موال آخر غير موال الدول العربية المتحمسة لأن يستعيد العرب مكانتهم السابقة كرقم رئيسي في المعادلة الشرق أوسطية.إنه غير متوقع أن تسكت إيران عما جرى ولايزال يجري في اليمن، فهناك مشروع إيراني في هذه المنطقة التي هي منطقة عربية، عنوانه كل هذا التمدد الذي حققه الإيرانيون في الشرق الأوسط، ولهذا فإن المؤكد أن طهران ستحاول الاستمرار بمشروعها التمددي هذا، وستفتعل مشكلة جديدة في إحدى الدول وإحدى المناطق التي لها فيها وجود طائفي، مما يتطلب ألا تكون "عاصفة الحزم" مجرد رد فعلي آني على انقلاب الحوثيين، ومعهم علي عبدالله صالح، بل الخطوة العملية الأولى وبـ"الذخيرة الحية" للقوة التي قررت قمة شرم الشيخ تشكيلها.هناك الآن غير جرح اليمن جروح عربية كثيرة مفتوحة، وهذا بالتأكيد يتطلب أن تكون الدول التي اختارت المشاركة في القوة التي قررت قمة شرم الشيخ تشكيلها على قلب رجل واحد، وأن يكون لها الموقف نفسه من الأوضاع في العراق وفي سورية وفي لبنان، وكذلك في ليبيا، وأن تكون متفقة على طبيعة التعامل السياسي مع الكتل الإقليمية والدولية، وأن يكون لها رأي واحد تجاه القضية الفلسطينية.لقد نقلت "عاصفة الحزم" العرب من حالة متردية سابقة إلى حالة واعدة منشودة، وهذا يقتضي أن يكون للدول العربية المُشاركة في القوة التي قررت قمة شرم الشيخ تشكيلها إطارها السياسي الخاص، ولكن من دون أي قطيعة مع الآخرين، ومع الحرص كل الحرص على تعزيز العلاقات الأخوية مع باكستان، ومع تركيا التي، في حقيقة الأمر، كان موقفها الذي أعلنه أردوغان تجاه ما جرى ويجري في اليمن هو الموقف الذي بقي العرب ينتظرونه على أحر من الجمر منذ سنوات طويلة.وهنا فإن ما يجب تأكيده هو أنه ما كان من الممكن أن تحقق قمة شرم الشيخ كل هذا النجاح، وما كان من الممكن أن تغير تركيا مواقفها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة، لو لم تكن هناك "عاصفة الحزم" التي من أهم إنجازاتها أنها عززت ثقة العرب بأنفسهم، وأثبتت أن بالإمكان إفهام الإيرانيين أنه من الممكن أن يصبحوا شركاء في هذه المنطقة، لكن لا يمكن قبولهم بالصيغة التي تحدث عنها علي يونس الذي تحدث عن أن بغداد عادت لتكون عاصمة الإمبراطورية الفارسية وأن "المدائن" ستكون عاصمة الدولة الساسانية الجديدة.
أخر كلام
القوة العربية المنشودة
30-03-2015