المرأة والعلاقات الدولية
دور المرأة في مجال العلاقات الدولية يستحق التوثيق والتقدير، وبدلا من تهميش المرأة العربية واستبعادها من المجالات الدبلوماسية والدولية ينبغي علينا رسم خريطة الطريق ليس لتمكين المرأة من مقاعد البرلمان فحسب، بل من مراكز اتخاذ القرار في عالم السياسة الخارجية.
تحدثنا عن تغيير أساليب التحليل السياسي بمقالات سابقة واستقينا من مناقشاتنا مع أبنائنا الطلاب والطالبات أفكاراً وهواجس أظهرت بوادر معاناة المناهج التحليلية في عالم السياسة من الجمود، أضف إلى ذلك التناقض بين ذلك العدد الكبير من الخريجات وتراجع تمكين المرأة من المناصب الدبلوماسية والسياسية العليا؛ لذا بحثت ضمن مفكرتي الخاصة بالعلاقات الدولية والتي جمعت المذكرات الأكاديمية والذكريات الدراسية، وأعدت قراءة أبحاثي الخاصة بالمرأة والعلاقات الدولية، والتي ارتكزت حول النساء ذوات الفكر الابتكاري، واللاتي يسبحن ضد التيار، ويخالفن الطرق التقليدية في التحليل السياسي.تناولنا في السابق سيرة الباحثة سوزان سترانج التي رغم الصعوبات التي اعترضت طريقها كامرأة في عالم السياسة، والانتقادات التي وجهت إليها بسبب استخدامها مفاهيمها النظرية الخاصة بها فإنها كافحت لتقف على المنابر الأكاديمية، مستعرضة فكرها التحليلي، ونجحت في إقناع المؤسسات الأكاديمية والدبلوماسية لاحتضانها. واليوم نستكمل الطريق ونذكر امرأة أخرى في مجال العلاقات الدولية وهي سينثيا إينلو، أستاذة العلاقات الدولية منذ السبعينيات، والتي لم تتصف بالفكر الابتكاري الخارج عن المعهود كما اتصفت سترانج، إنما التزمت بالمدارس الفكرية التقليدية، وما يميز إينلو هو التزامها بالنظرية النسوية، وإصرارها على استخدام النوع الاجتماعي "الجندر" في تحليل القرارات المتخذة في عالم السياسة. تنظر إينلو للفئات المستعبدة اجتماعيا ومنها المرأة، وتناولت بجرأة أبعادا جديدة حول النوع الاجتماعي والسياسي، ومنها كتابها الشهير "شواطئ قواعد ورموز" مزجت من خلاله السياسة الدولية بالقضايا الأمنية والسياحية، مزيجا لم يرق للبعض لتناوله دور النساء بأسلوب أقرب ما يكون للقصص الخيالية.وإن كانت سترانج "الواقعية" قد انتقدت من خلال مقالاتها الفصل بين السياسة والاقتصاد، واستمرت كناقدة عنيدة للقضايا السياسية، فقد طالبت "إينلو" الأخرى بالاهتمام بالاقتصاد السياسي، وكتبت المقالات العديدة حول استقرار العلاقات السياسية بين الدول ودور المرأة كشريك في عملية اتخاذ القرار، وذهبت بنماذجها الاقتصادية الآسيوية لتبحث وضع المرأة الفلبينية ودورها في الاقتصاد الوطني، وذلك عبر التحويلات المالية لرواتب العاملات.خلاصة الموضوع أن دور المرأة في مجال العلاقات الدولية يستحق التوثيق والتقدير، وبدلا من تهميش المرأة العربية واستبعادها من المجالات الدبلوماسية والدولية ينبغي علينا رسم خريطة الطريق ليس لتمكين المرأة من مقاعد البرلمان فحسب، بل من مراكز اتخاذ القرار في عالم السياسة الخارجية.كلمة أخيرة: اختيار وكلاء للوزارات سلاح ذو حدين، فالمراقب من خارج الوزارة يعتبر القرار إضافة للمناصب القيادية، والمراقب من داخلها يراه خسارة إدارية، فتمت ترقيته وإبعاده عن الإصلاح الإداري المطلوب، فما الحل؟!